دعا المشاركون في فعاليات الندوة العلمية حول المسارح الجهوية بالجزائر، المنظّمة في إطار فعاليات مهرجان المسرح العربي بوهران في طبعته التاسعة، إلى ضرورة العمل على إعادة الاعتبار للمسارح الجهوية على اعتباره مصدرا للتكوين وخزّانا للمبدعين لما لها من تاريخ وتجذّر، معبّرين عن افتخارهم بالتطوّر الذي عرفه في البلاد، معتبرين الجزائر من بين الدول العربية الرائدة في مجال الإنتاج، الإخراج والإبداع. أكّد المتدخّلون أنّ المسارح في الجزائر استطاعت أن تؤسّس بفضل حنكة وتجربة الكثير من المسرحيين لمسرح هوية وطنية، بخصائص ومميّزات، قلّما تجدها في الكثير من الدول العربية، حيث استعرض المدير العام للمسرح الوطني محمد يحياوي، تاريخ الركح في الجزائر، الذي مرّ بعدّة مراحل هامة منذ بداية العشرينات إلى الاستقلال في 1962، وكيف لعبت الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، دورا محوريا في التعريف بقضيتنا العادلة وحماية الشخصية الجزائرية من مخاطر الطمس والتغييب من طرف الاستعمار الفرنسي، لتأتي بعدها فترة ما بعد الاستقلال. وأوضح المتحدّث أنّ الحكومة شرعت وقتها في تأميم المسرح الوطني وإشراكه في عملية البناء والتشييد من خلال انخراطه في ما يسمى بالواقعية الثورية ومحاربة كلّ أشكال الظواهر السلبية التي من شأنها التأثير على سير المجتمع في بلادنا، لتنطلق بعدها الدولة الجزائرية في الرفع من مستوى الثقافة الوطنية بإقامة الكثير من المشاريع القاعدية المهيكلة، على غرار المعهد الوطني للفنون الدرامية، وتوسيع حركية المسرح الوطني وإنشاء مسارح جهوية، لتعم باقي ولايات الوطن، على غرار مسرح وهران، عنابة، سيدي بلعباس وباقي المسارح تليها المرحلة الثانية وهي عملية توسيع إنشاء مثل هذه المرافق الركحية. وخلال النقاش، تدخل مدير المسرح الجهوي «عبد القادر علولة» السيد عزري غوثي الذي دافع عن المسرح الجزائري بعد تصريحات منظمي المهرجان وتقزيمهم للمسرح الجزائري، مؤكّدا أنّ المسارح الجهوية ليست هاوية ومبتدئة، بل ذات مستوى عال، بدليل الأسماء الفنية التي بلغت العالمية على غرار عبد القادر علولة، عز الدين مجوبي، كاتب ياسين وغيرهم كثيرون، مطالبا بتصحيح ما ورد على لسان منظمي المهرجان، ليتدخل رئيس المؤتمر الفكري السوداني يوسف عيدابي مؤكّدا أنّ للجزائر مسرح محترف، قائم بذاته ويملك تاريخا طويلا ومشرفا، لا يمكن إغفاله أو الإنقاص من قيمته بدليل قبول الجزائر لاستضافة المهرجان في طبعته التاسعة. وأجمع مختلف المتدخلين من مدراء المسارح الجهوية على أنّ المسرح بالجزائر عرف نقلة نوعية خاصة بعد الدعم الكبير الذي خصّص للمسارح الجهوية وارتفاع عددها الذي مكّن من اكتشاف مواهب هامة وشباب متطلّع لصناعة وتقديم مسرح جزائري بهوية وطنية وبنظرة انفتاح على الخارج.