نشرت جريدة "الحياة" الصادرة بلندن، أوّل أمس، آخر ما كتبه الشاعر الفلسطيني محمود درويش من نصوص شعرية أطلق عليها اسم "يوميات" هي مزيج من قصائد ومنثورات تجمع اللحظة الشعرية الشفيفة واللحظة المفتوحة على الحياة في معنييها اليومي والميتافيزيقي· إنّها تجربة فيها من الجديد والمبتكر ما فيها من النَفَس الرثائي والتأمل والمواجهة، نصوص واقعية حيناً، حالمة حيناً آخر، يربط بينها خيط خفي، هو خيط الجمالية الغامضة والإيقاع الحيّ واللغة الأليفة والساحرة في آن، هذه "اليوميات" ستصدر في كتاب عنوانه "أثر الفراشة" عن "دار رياض الريس" التي تتولى نشر أعمال درويش في الثالث عشر من الشهر الجاري عشية انطلاق معرض بيروت للكتاب ··· تجمع "اليوميات" بين عشرين نصا هي: "البنتُ، الصرخة"، " دمٌ في النخيل، دمٌ في السحاب"، "ليتني حجر"، "مَكرُ المجاز"، "لون أصفر"، "ليت الفتى شجرة" ،"غريبان" ،"ماذا··· لماذا كلُّ هذا؟" ،"ما أنا إلاّ هو"، " يرى نفسه غائباً" ،" قال: أَنا خائف" ،"شخص يطارد نفسه"،" لم أحلم"،"خيالي··· كلب صيد وفيّ"،"على قلبي مشيت"،" اغتيال"،" شال حرير" ،"الحياة··· حتى آخر قطرة"، "أَثر الفراشة"، " أَنت، منذ الآن، أَنت"، ··· فيتوقف عند "غريبان" فيقول: يرنو إلى أَعلى فيبصر نجمةً ترنو إليهْ! يرنو الى الوادي فيبصر قبرَهُ يرنو إليهْ يرنو الى امرأةٍ، تعذِّبُهُ وتعجبُهُ ولا ترنو إليه "في الحياة··· حتى آخر قطرة" يصارع الموت و يقول: وإن قيل لي ثانيةً: ستموت اليوم، فماذا تفعل؟ لن أَحتاج إلى مهلة للرد: إذا غلبني الوَسَنُ نمتُ· وإذا كنتُ ظمآنَ شربتُ· وإذا كنتُ أكتب، فقد يعجبني ما أكتب وأتجاهل السؤال· ·· وإذا كنتُ أضحك اختصرتُ ضحكتي إلى النصف احتراماً للخبر· فماذا بوسعي أن أفعل؟ ماذا بوسعي أن أفعل غير ذلك، حتى لو كنتُ أشجع من أحمق، وأقوى من هرقل؟ ويسمع نداء القلب فكتب "على قلبي مشيت": على قلبي مشيتُ، كأنَّ قلبي طريقٌ، أو رصيفٌ، أو هواءُ فقال القلبُ: أتعبَنِي التماهي مع الأشياء، وانكسر الفضاءُ وأَتعبني سؤالُكَ: أين نمضي ولا أرضٌ هنا··· ولا سماءُ واستنكر الحلم في "لم أحلم" فشد: متنبّهاً إلى ما يتساقط من أَحلامي، أَمنع عطشي من الإسراف في طلب الماء من السراب· أَعترفُ بأني تعبت من طول الحلم الذي يعيدني إلى أوَّله وإلى آخري، دون أن نلتقي في أيِّ صباح،"سأصنع أحلامي من كفاف يومي لأتجنَّب الخيبة"· فليس الحلم أن ترى ما لا يُرى، على وتيرة المُشتَهى، بل هو أن لا تعلم أنك تحلم· لكن، عليك أن تعرف كيف تصحو· يذكر إلى أنّ الشاعر محمود درويش كان من المنتظر أن يزور الجزائر في إطار الأسبوع الثقافي الفلسطيني الذي تنطلق فعالياته في الخامس من ديسمبر الجاري لكنه اعتذر عن الحضور في آخر لحظة·