دفع الخوف من زوال الزربية التقليدية واندثارها بالسيد محمد بابي، إلى الاتصال بعدد من الحرفيين من ولايات مختلفة والاتفاق معهم على أن يتكفل بتسويق كل ما يبدعونه من زراب، وعلى الرغم من صعوبة هذه المهمة على اعتبار أن التسويق من أكبر المشاكل التي تعيق استمرارية الصناعات التقليدية على اختلاف أنواعها، غير أن المجمع بابي أبى إلا أن يجد حلولا فقط حتى لا تضيع صنعة الأجداد. لم يكن من السهل إقناع الحرفيين بالتمسك بصناعة الزربية التقليدية، حسب ابنة السيد بابي، التي كانت تعرض عددا من الزرابي بمعرض للصناعات التقليدية أقيم بالعاصمة، حدثتنا قائلة بأنها قاسمت والدها مهمة الحفاظ على صناعة الزربية لأنها هي الأخرى من الأوفياء لهذه الصناعة، وحسبها، فإن والدها أخذ على عاتقه مهمة البحث عن عدد من الحرفيين الذين لا يزالون متمسكين بصناعة الزربية التقليدية وأقنعهم بعدما اتجه أغلبهم إلى التفكير في التخلي عنها، بسبب صعوبة التسويق على تكفله بهذه المهمة، وما عليهم إلا الوفاء لهذه الصنعة وعدم التخلي عنها. وكخطوة أولى في مجال تجميع الزرابي التقليدية، قرر والدي تقول الآنسة سعيدة «التكفل بتسويق الزرابي المنتشرة في ولايات الجنوب ومنها المنيعة وغرداية والأغواط، مشيرة إلى أن أهم خصوصية تتمتع بها هذه الزرابي كونها مصنوعة باليد، ويمنع على الحرفي مطلقا إدخال الآلة عليها، كما أنها تعد من الصوف أو الوبر الحر الذي لا يزال الحرفيون في عدد من ولايات الوطن يعتمدون على الطريقة التقليدية في تحضيره، كجز الصوف وغسلها ودبغها بالألوان الطبيعية التي تعكس خصوصية المنطقة كاللون الأخضر والبني والأزرق، ومنه تحضيرها حتى تكون معدة لصناعة الزربية بالمنسج التقليدي. وحول مدى قدرة السيد بابي على تسويق الزرابي التقليدية، أكدت ابنته سعيدة أن فكرة التجميع ومنه التسويق، كان لها صدى كبيرا لدى الحرفيين أولا لأنهم ارتاحوا من عناء التفكير في مشكلة التسويق وتفرغوا للإبداع في مجال نسج الزرابي التقليدية بأحجام مختلفة، ومن جهة ثانية تمكن والدي تقول : «عن طريق المعارض التي يشارك فيها بصورة دورية من التعريف بمورثنا التقليدي وبتسويق الزرابي حتى إلى خارج الوطن، وهو مكسب حقيقي لأننا بفكرة التجميع تمكنا من تحقيق هدفين؛ حافظنا على الزرابي التقليدية وتمكنا من التعريف بها وتسويقها»، مشيرة إلى أن السياح الذين يقصدون الجزائري يقبلون بلهفة على شراء الزرابي، بالنظر إلى دقة صنعها وإلى الرسوم والدلالات الاجتماعية التي تحاكي كل زربية، على خلاف أبناء الوطن من الذين يفضلون الزرابي المصنعة على تلك التقليدية، بحجة الغلاء، متناسيين أن الصناعة التقليدية على اختلاف أنواعها تتطلب جهدا كبيرا.