تنطلق يوم غد بالعاصمة الإثيوبية أشغال قمّة الاتحاد الإفريقي الثامنة والعشرين تحت شعار «2017 سنة تسخير العائد الديمغرافي من خلال الاستثمار في الشباب»، بحضور رؤساء الدول والحكومات الإفريقية وبجدول أعمال مثقل بمشاكل قارة تبحث عن نفسها. وإذا كان انعقاد القمة عاديا فإن القضايا التي ستتم مناقشتها ستجعلها استثنائية بالنظر إلى أهميتها في تحديد الإطار العام لعمل المنظمة القارية في ظل التحولات التي يعرفها الراهن الدولي وكذا انتخاب رئيس جديد لمفوضية الاتحاد الإفريقي، خلفا للرئيسة الحالية نكوسازانا دلاميني زوما والتصويت على طلب المغرب الانضمام إلى الاتحاد، بالإضافة إلى بحث الوضع في ليبيا والدور المستقبلي الذي يتعين على الاتحاد لعبه من أجل إنهاء الحرب في هذا البلد. المغرب.. العودة إلى نقطة البداية من المنتظر أن أشغال القمة ولأول مرة منذ سنة 1984 دراسة ملف انضمام المغرب إلى عضوية الإتحاد الإفريقي والتصويت عليه في جلسة مغلقة، بطلب انضمام تقدمت الرباط التي أيقنت بعد 33 عاما من سياسة «الكرسي الشاغر» التي انتهجتها احتجاجا على قبول عضوية الصحراء الغربية في منظمة الوحدة الإفريقية أنها لم تجن شيئا من وراء هذا القرار سوى تراجع حضورها ودورها قاريا. جاء قرار المغرب بالانضمام كعضو جديد إلى تركيبة الاتحاد الإفريقي وأسباب انسحابه مازالت قائمة، بل إن الصحراء الغربية أصبحت عضوا مؤسسا ولا أحد باستطاعته الآن السعي إلى طردها وفق ما روجت له الرباط والتي أكدت أنها ستعمل بمجرد انضمامها السعي إلى طرد الصحراء الغربية من الاتحاد. تجدر الإشارة إلى أن الملك المغربي أحاط جولاته الدبلوماسية التي شملت عددا من الدول الإفريقية لحشد التأييد لقرار انضمامه واعتبرها نصرا دبلوماسيا رغم أن المتابعين والمحللين السياسيين يؤكدون أن المغرب ضيّع سنوات هباء منثورا قبل قرار العودة إلى «حضن الأسرة الإفريقية» وهو فاقد لأدنى أوراق الإقناع في ضم الصحراء الغربية، قناعة يشاطره فيها حتى الرأي العام المغربي بعد أن أكد الاتحاد الإفريقي في آخر بيان له أنه لا يعارض انضمام أي دولة ولكنه يرفض في المقابل الطعن في شرعية أي دولة عضو. ويتوفع الدبلوماسيون والسياسيون أن يكون البيان الختامي للقمة صادما للمغرب في تجديد وإلزامه بإنهاء الاحتلال ونهب خيرات الصحراويين بعد صدمة الأوروبيين. المغرب يريد أن يحول تأييد ثلثي أعضاء الاتحاد المحدد ب 36 دولة لطلب انضمامه بمثابة انتصار لنزعته التوسعية، وهو ما روجت له الدعاية المغربية حتى قبل أن يحصل على هذه الصفة متعمدة في ذلك القول إن الانضمام عملية عادية لولا أنها تلزم المغرب على احترام الشرعية الدولية في الصحراء الغربية ليكون كمن يطعن نفسه وهو يدري. من يخلف دلاميني زوما يشكل قرار رئيس المفوضية الإفريقية الجنوب إفريقية، نكوسازانا دلاميني زوما بعدم الترشح لعهدة أخرى على رأس أعلى هيئة في الاتحاد الإفريقي، الحدث في قمّة العاصمة الإثيوبية ودخل السباق لخلافتها عدد من الشخصيات الإفريقية من بينهم وزيرة الخارجية الكينية السابقة أمينة محمد التي تبقى الأوفر حظا لخلافة زوما وكذا الوزير الأول التشادي الأسبق موسى محمد تاكي، بالإضافة إلى الدبلوماسي السينغالي عبد اللاي باتيلي الذي تراهن عليه الرباط من أجل تغليب مقاربتها الاستعمارية في الصحراء الغربية، وفي حال فازت المرشحة الكينية بهذا المنصب، فإن الانتكاسة ستكون أقوى وأشد على حكومة الرباط خاصة أنها من بين أشد الداعمين لمسار تقرير المصير في الصحراء الغربية وكانت قد زارت مخيمات اللاجئين بداية شهر ديسمبر الماضي في رسالة قوية على تمسكها بنفس المواقف التي تبنتها دلاميني زوما بخصوص هذه القضية وأثارت سخط السلطات المغربية التي اتهمتها بالانحياز إلى جانب جبهة البوليزاريو وشنّت ضدها حملة إعلامية ودبلوماسية حادة لم تثنها عن التراجع عن موقفها. ليبيا التحدي الأكبر وستكون القمّة مناسبة أخرى لبحث الملف الليبي الذي أصبح يشكل تهديدا إقليميا حقيقيا وصل إلى نيجيريا والكاميرون مرورا بدول الجوار الليبي التي أصبحت في مواجهة مفتوحة مع عناصر مختلف التنظيمات الإرهابية التي «فرّخت» في هذا البلد وأصبحت تنتقل في منطقة الساحل بما يستدعي إستراتيجية إفريقية موحدة من أجل التصدي لها ووضع حد لتهديداتها. وكانت قمة العاصمة الكونغولية برازافيل التي ضمّت قبل يومين رؤساء دول لجنة الاتحاد الإفريقي الرفيعة المستوى حول ليبيا بحثت تداعيات استمرار هذه الأزمة وآليات تسويتها من خلال دور أكبر للاتحاد الإفريقي، بالإضافة إلى الأزمات في مالي وجنوب السودان والصومال.