أكد وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب لوح، أمس، على تطور مجال الحريات وحماية حقوق الإنسان في الجزائر، في الوقت الذي تتراجع في بعض الدول المتقدمة التي كانت فيما سبق مرجعا للبلدان الأخرى، والتي تشهد جدلا واسعا في هذا المجال، مشيرا إلى أن التعديل الدستوري الجديد وإصلاح قانون الإجراءات الجزائية المصادق عليه في المجلس الشعبي الوطني يكرس هذه الحقوق. لوح قدم مداخلة حول الإصلاحات القانونية وسيرورة بناء دولة الحق والقانون في الجزائر، في يوم برلماني حول أهداف ونتائج التعديلات الدستورية، وبمناسبة مرور عام على تعديل الدستور، أبرز خلالها جهود الجزائر في مكافحة الإرهاب التي انتصرت عليه بدون معين ولا نصير باعتراف القاصي قبل الداني. المتحدث أكد في هذا الصدد على سداد رؤية الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب، في الوقت الذي أدارت المجموعة الدولية ظهرها لها قبل أن تقتنع أخيرا بأنها كانت على خطأ، مقتنعة بأن الآفة عابرة للحدود ولا تستثني دولة دون أخرى. لوح اغتنم المناسبة لإبراز مزايا التعديل الدستوري في تأكيد النّهج الديمقراطي وتعزيز دولة الحق والقانون التي عمل الرئيس بوتفليقة، على ترسيخ دعائمها وتوفير أسباب نجاحها، مضيفا أن سياسة الوئام والمصالحة الوطنية كانت المنعرج الذي أنار الطريق وعبّد المسالك من أجل جزائر مستقرة. وزير العدل أكد أن التاريخ سيشهد أنه بفضل النّظرة الاستشرافية للرئيس بوتفليقة، خرجت الجزائر من أزمتها مرفوعة الهامة واستطاعت أن تقي نفسها من هزّات واضطرابات والحفاظ على تماسكها، مضيفا أن ذلك ما كان ليتحقق ويصد المؤامرات المحاكة ضدها لولا متانة مؤسساتها الدستورية. باعتباره من أهل الاختصاص، المتحدث عرّج على إصلاحات المجال القانوني بالنّظر لأهميتها، مضيفا أن الاستمرار فيها لن يتأتى إلا إذا جرت في إطار إصلاحي أوسع. وقال لوح إن الإصلاحات القانونية السابقة التي استهدفت سد الفراغات جرت بصفة مترادفة مثل عصرنة العدالة وإصلاح السجون وتطوير المنشآت القضائية، علاوة على تكييف التشريع مع المقاييس الدولية وتدعيم السلطة القضائية. قضايا الارهاب والمخدرات والتهريب ستسند للقضاة فقط في حوصلة أشار الوزير إلى صدور 14 نصا تشريعيا مس مجالات قضائية وقانونية، يتعلق بتجريم العنف ضد المرأة وتعزيز الإطار القانوني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، علاوة على قانون تبييض الأموال. ولفت لوح إلى أن القضايا المتعلقة بالإرهاب والمخدرات والتهريب سيتم إسنادها إلى تشكيلة تضم القضاة فقط وذلك بالنّظر إلى التجربة المكتسبة في معالجة هذا النّوع من القضايا. قاضي الحكم هو المخوّل الوحيد بسلطة الإيداع لوح تحدث أيضا عن تفعيل دور النيابة، نافيا وجود أماكن حجز سرية في الوقت الذي أدرج القانون مبدأ تبليغ أماكن الحجز، بالإضافة إلى تحويل سلطة الإيداع إلى قاضي الحكم بعد أن شكل ذلك أبرز مطالب الحقوقيين خلال السنوات الماضية، وفي تطور ملحوظ في مجال الإجراءات الجزائية نجد أيضا وضع منظومة قانونية لحماية الشهود والمبلّغين في محاربة الجريمة في خطوة تهدف لتغيير ذهنية المواطن وإشراك المجتمع برمّته في محاربة العنف والجريمة. الوزير أوضح أن العمل جار اليوم لإصلاح عميق للمحكمة العليا بتعزيز نظام الاجتهاد القضائي، فضلا عن قرب الانتهاء من تشكيلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وإصدار القانونين التجاري لمواكبة الإصلاحات والتحولات الإقتصادية التي تشهدها الجزائر، وكذلك المدني وقانون آخر لحماية المعطيات الشخصية. كما تطرق لوح إلى محكمة الجنايات على ضوء التعديلات الجوهرية المقترحة على قانون الإجراءات الجزائية من خلال إعادة النّظر في تشكيلتها وطريقة عملها، من خلال إقرار حق المتقاضي في الاستئناف وزيادة عدد المحلّفين ومراجعة الأحكام المتعلقة بالشرطة القضائية، فضلا عن استحداث العديد من الآليات القانونية أهمها إنشاء محكمة جنايات استئنافية بمقر كل مجلس قضائي. هذا الإجراء يأتي تماشيا مع المبدأ الدستوري الذي جاء به التعديل الأخير والمتمثل في وجوب ضمان التقاضي على درجتين في المجال الجزائي، وكذا تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وفق المعايير الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان. من بين التعديلات المقترحة أيضا العودة إلى التشكيلة القديمة المميزة لنظام محكمة الجنايات والمتمثلة في أربعة محلفين وثلاثة قضاة ،بعد أن تم إبطال العمل بها خلال العشرية السوداء نظرا للتهديدات التي كان يتلقاها هؤلاء خاصة عندما كان يتعلق الأمر بالفصل في القضايا المتعلقة بالإرهاب. وهو ما دفع إلى تقليص عددهم إلى محلّفين فقط نتيجة عدم توفر النّصاب القانوني.