اعتبر المشاركون في إحياء الذكرى الأولى لدسترة الأمازيغية التي نظّمتها مديرية الثقافة لولاية تيزي وزو مؤخرا، بالتنسيق مع جامعة "مولود معمري"، أنّ ترقية الأمازيغية هو التحدي المقبل الذي يقف على عاتق الباحثين، الجامعيين، الحركة الجمعوية والمناضلين من أجل القضية الأمازيغية. مشيرين إلى أنه وبعدما كلّل النضال من أجل ترسيم اللغة، بتدسترها كلغة وطنية ورسمية، لابد من الانتقال إلى مرحلة جديدة لتطوير وترقية اللغة، وهذا يتحقق بتضافر جهود الجميع. افتتحت مديرة الثقافة السيدة نبيلة قومزيان بدار الثقافة "مولود معمري"، الذكرى الأولى لدسترة الأمازيغية التي اختير لها عنوان "دسترة الأمازيغية، تقوية للهوية الوطنية والثقافة الجزائرية"، بالإشارة إلى أهمية هذا الحدث التاريخي الذي تجسّد بفضل قرار رئيس الجمهورية الرامي إلى ترسيم اللغة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، ثم دسترتها، والذي جاء لتقوية الهوية الوطنية والثقافة الجزائرية التي تمتاز بالتنوّع والثراء. وأوضحت المتحدثة باسم قطاع الثقافة لتيزي وزو، أن إحياء الذكرى الأولى لدسترة الأمازيغية، يعتبر فرصة لتخليد نضال رجال ونساء في سبيل تجسيد مطالب الهوية، وعلى رأسهم الكاتب الراحل مولود معمري، دون نسيان هؤلاء الذين خدموا اللغة حتى تكون لها مكانة، ويعترف بها كأحد عناصر الهوية الوطنية، مع العمل على استدامة هذه اللغة والثقافة من خلال حمايتهما والحفاظ عليهما والرقي بهما من ثقافة شفوية إلى ثقافة مكتوبة، داعية المختصين الجامعيين وكل الفاعلين من رجال الثقافة، الحركة الجمعوية للعمل على حماية العادات والتقاليد، بالانتقال إلى مرحلة جديدة من العمل الأكاديمي لترقية اللغة الأمازيغية التي تشكّل عامل تقوية للوحدة الوطنية. من جهته، توقّف رئيس جامعة "مولود معمري"، البروفسور أحمد تيسا عند مكانة الجامعة ودورها في ترقية اللغة الأمازيغية. مشيرا إلى أن قرار دسترة الأمازيغية له أثر إيجابي على المجتمع الجزائري، وبصفته رئيسا لجامعة تيزي وزو، يعمل على إخراج نشاطات الطلبة إلى خارج جدران الجامعة، وإطلاع المجتمع عليها عبر إبراز مساعي وجهود هذه المؤسسة في إطار ترقية اللغة والثقافة الأمازيغية عبر الكتابة والبحث العلمي، مؤكدا أن كل الفاعلين بالجامعة مجندون للعمل على ترقية الأمازيغية، معلنا في هذا الصدد عن تحويل قسم اللغة الأمازيغية بجامعة "مولود معمري" بتيزي وزو إلى كلية اللغة والثقافة الأمازيغية، قائلا "قرر المجلس الإداري لجامعة تيزي وزو تحويل قسم اللغة الأمازيغية لجامعة مولود معمري إلى كلية للثقافة واللغة الأمازيغية، وتم وضع كل الإمكانيات البيداغوجية المطلوبة لتطوير المعهد". كما تحدث مدير التعليم والبحث لدى المحافظة السامية للأمازيغية بوجمعة عزيري، عما أحرزته الثقافة واللغة الأمازيغية من تطورات منذ دسترتها، منوّها بمسيرة تعليم اللغة الأمازيغية في المدارس التي أدرجت ضمن المنظومة التربوية تدريجيا وفق مخطّط استراتيجي، إلى أن أصبحت تدرّس عبر 32 ولاية من أصل 48 ولاية، وقريبا ستكون عامة وشاملة لكلّ التراب الوطني. مضيفا أن عملية تعليم اللغة لم تقتصر على الصغار فحسب، حيث تم بالتنسيق مع جمعية "اقرأ" لتعليم شريحة الكبار في السن عبر فتح أقسام ب22 ولاية، الذين تم تجنيد لفائدتهم 78 أستاذا. تطرق السيد عزيري إلى سلسلة النشاطات التي قامت بها المحافظة السامية للأمازيغية في مجال ترجمة عدّة مراجع ووثائق تاريخية، منها "وثيقة مؤتمر الصومام"، "بيان أول نوفمبر"، "الدستور" وغيرها من الجهود التي بذلتها المحافظة حتى تكون اللغة الأمازيغية وظيفية. كما تعمل على إدراج اللغة في المحاكم، "الكناس" وغيرهما، عبر تكوين إطارات في المستقبل لتسهيل التعامل مع الكبار الذين لا يتقنون سوى الأمازيغية، إضافة إلى تسخير مذكرات التخرّج لخدمة اللغة والثقافة الأمازيغية من خلال وضعها تحت تصرّف الباحثين والطلبة بغية إثراء القاموس اللغوي، مضيفا أن دسترة الأمازيغية سمح بجمع وتوحيد كل الجزائريين. تحدث رئيس بلدية تيزي وزو وهاب آيت منقلات، عن نضال رجال من أجل القضية الأمازيغية، أمثال والده الشهيد مبارك آيت منقلات الذي يعتبر أحد المطالبين بالاعتراف باللغة والثقافة الأمازيغية، مؤكدا أن إحياء الذكرى الأولى لدسترة اللغة الأمازيغية هو بمثابة تخليد لذكرى كل المناضلين الذين ضحوا من أجل أن تكون الأمازيغية لغة وطنية ورسمية، أما السيد خالد قرماح (والد الشاب ماسيسنيا قرماح) الذي شارك في إحياء الذكرى بدعوة من مديرية الثقافة لولاية تيزي وزو، فوصف الحدث بالتاريخي، موضحا أنّه ورغم الألم الذي يسكن فؤاده بسبب فقدانه ابنه، إلا أنه يشعر بالارتياح لحقيق حلم الكثير من المناضلين، بعدما أصبحت الأمازيغية لغة رسمية وطنية، بينما حيا المجاهد مصطفى خوجة قرار دسترة الأمازيغية، معتبرا إياه بالخطوة التي فتحت الطريق نحو السلم والوحدة بالجزائر. أجمع المشاركون والحضور بقاعة المسرح الصغير في دار الثقافة "مولود معمري"، على أن إحياء الحدث التاريخي لدسترة الأمازيغية يعتبر فرصة سانحة للتذكير بنضال رجال ونساء من أجل الهوية والثقافة الأمازيغية، والتركيز أكثر على قرار السيد عبد العزيز بوتفليقة من أجل إعطاء اللغة الأمازيغية مكانة وإعادة تأهيل هذا العنصر الهام من الهوية الوطنية، عبر اتخاذ قرار دسترة اللغة، والتي تتطلّب اليوم وضع ميكانيزمات لترقيتها بالعمل الأكاديمي الذي يتطلب مشاركة وتضافر جهود الجميع.