تعتزم الهيئة العربية للإنماء والاستثمار الزراعي استثمار ما قيمته 1 مليار دولار في قطاع الزراعة بالجزائر، في أول مبادرة استثمارية من هيئة دولية تستفيد منها الجزائر، التي تمتاز حسب هذه الهيئة، بقدرات وفرص واعدة في مجال الاستثمار الفلاحي. تتجه الهيئة العربية للإنماء والاستثمار الزراعي، نحو تجسيد الالتزامات التي كانت قد أعلنت عنها بمناسبة زيارة رئيسها محمد بن عبيد المزروعي في سبتمبر الفارط إلى الجزائر، والتي حملت برامج ومشاريع واعدة في قطاع الفلاحة عموما، وزراعة الحبوب بشكل خاص، حيث قررت الهيئة بعث استثمارات هامة في الجزائر بداية بمشروع ضخم لإنتاج الحبوب يمتد على مساحة 10 آلاف هكتار، مثمنة على لسان رئيسها المؤهلات الكبيرة والفرص المشجعة التي تمتاز بها الجزائر لبعث مثل هذه المشاريع. هذا ما كشف عنه مدير المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير أمين بوطالبي خلال استضافته، أمس، في البرنامج الإذاعي «ضيف التحرير» للقناة الوطنية الثالثة، حيث أكد بأن المبادرة الهامة التي قررت الهيئة العربية للانماء والاستثمار الزراعي تجسيدها بالجزائر، من خلال انجاز استثمار بقيمة 1 مليار دولار، تأتي تتويجا لزيارة السيد المزروعي مؤخرا للجزائر ولقائه بالسيد الوزير الأول عبد المالك سلال ومختلف المسؤولين الذين استعرضوا معه المناخ العام للاستثمار بالجزائر. الهيئة استفادت من 20 ألف هكتار بالمنيعة وتيارت بوطالبي الذي أكد بأن الهيئة العربية للإنماء والاستثمار الزراعي وضعت رسميا قدمها بالجزائر من خلال تخصيص مبلغ مليار دولار للاستثمار بالمجال الفلاحي، أشار في سياق متصل إلى أن هذه الهيئة الدولية استفادت في إطار تنفيذ برامجها الاستثمارية في الجزائر من 10 آلاف هكتار في ولاية تيارت و10 آلاف هكتار أخرى في المنيعة بولاية غرادية، كاشفا في نفس الصدد عن سعيها إلى الإطلاع على تجربة المستثمرة الجزائريةالأمريكية في البيض، أملا في تنفيذ تجربة مماثلة مع شركاء جزائريين. وأوضح المتحدث بأن الدور الذي يلعبه المركز العربي الأفريقي للاستثمار والتطوير الذي يشرف على رئاسته يتمثل بالأساس في البحث عن صناديق دولية، مثل الهيئة العربية للانماء والاستثمار الزراعي، «التي تساهم فيها الجزائر ماليا بقوة دون أن تستفيد منها، للأسف الشديد». زيارة مواقع الاستثمارات في 9 أفريل الجاري وإذ أكد دعم المركز الذي يشرف عليه لهذا التوجه، أشار إلى أن مسعى المركز في استقطاب 1 مليار دولار من الاستثمارات في مجال الفلاحة وتوجيهها لولايتي الوادي وغرداية، حظي بدعم الهيئة العربية للإنماء والاستثمار الزراعي، كاشفا في هذا الصدد عن زيارة مرتقبة لمسؤولي الهيئة إلى المنطقة في التاسع أفريل الجاري. كما سيجري مسؤولا الهيئة حسب السيد بوطالبي، زيارة للجزائر في الفترة الممتدة ما بين 24 و29 أفريل الجاري لاستكمال الإجراءات، المتعلقة ببعث الاستثمار المعلن عنه، حيث ستكون لهم حسبه، لقاءات مع وزير الفلاحة ومديري بنك الفلاحة والتنمية الريفية وبنك التنمية المحلية فضلا عن عدد من المستثمرين الوطنيين، وذلك في إطار البحث عن شركاء جديين للاستثمار في المجال الزراعي. وكان رئيس الهيئة العربية للإنماء والاستثمار الزراعي، محمد بن عبيد المزروعي، أعرب خلال زيارته للجزائر في سبتمبر الماضي، عن استعداد الهيئة العربية في بعث مشاريع استثمارية في الجزائر والإسهام في مسعى الحكومة لتقليص فاتورة الاستيراد، معلنا عن نية الهيئة في تنظيم مؤتمر زراعي عربي في الجزائر، واستعدادها لتفعيل مشروع واعد مع متعامل خاص بالجزائر، لاستثمار مالا يقل عن 10 آلاف هكتار في زراعة الحبوب. مرافقة المزارعين الصغار ودعم التصدير ونوه المزروعي بالقدرات والمؤهلات الكبيرة التي تزخر بها الجزائر في مجال تنمية المشاريع الفلاحية وتوفرها على الكثير من المزايا التي تشمل الموارد الفلاحية إضافة إلى موقعها الإستراتيجي وتوفرها على مناخ استثماري ملائم، فضلا عن كونها دولة مؤسسة ومؤثرة وفاعلة في الهيئة العربية، مذكرا بأن هيئته التي تهدف إلى سد الفجوة الغذائية في الوطن العربي، ستعمل على تمكين الجزائر من سد حاجياتها في الفروع الفلاحية التي تستوردها بشكل كبير كالحبوب وبودرة الحليب. كما كشف عن إجراء الهيئة بدراسة 11 مشروعا تم عرضها على مستثمرين جزائريين وتقديمها للمسؤولين في إطار التواصل بين الطرفين، موضحا بأن الهيئة سيقع على عاتقها تحمل تكاليف دراسة المشاريع ومرافقة المستثمرين الصغار في القطاع الزراعي سواء في المجال التنموي ونقل التكنولوجيا، أو عبر تمويل مشاريعهم من خلال التعاون المقرر بعثه مع بنك الفلاحة والتنمية الريفية «بدر» لتقديم قروض مصغرة لصغار المزارعين. ويأتي إعلان الهيئة العربية للانماء والاستثمار الزراعي عن بعث استثمارات هامة في الجزائر، في سياق حركية متنامية يشهدها مجال تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر والتي كانت قد سجلت ارتفاعا محسوسا مع نهاية سنة 2015، ببلوغها 26,2 مليار دولار، طبقا لآخر تقرير صادر عن ندوة الأممالمتحدة للتجارة والاستثمار في 2016، في وقت أعلن فيه ديوان الإحصائيات الأوروبية «يوروستات»، تصدر الجزائر دول منطقة المغرب العربي في مجال استقطاب استثماراته المقدرة حسبه بأزيد من 16,4 مليار دولار. الإطار القانوني مشجع للاستثمار الجزائر التي عرفت في الفترة الأخيرة إعادة تنظيم الإطار التشريعي المنظم للاستثمار، من خلال إصدار القانون الجديد للاستثمار، الذي يحمل تدابير إجرائية أكثر مرونة من القانون السابق ويعزز التسهيلات الممنوحة للمستثمرين ويرفع عدة عراقيل كانت تعترضهم، تشهد في الفترة الأخيرة إقبالا كبيرا من المستثمرين العرب، الذين أبدوا اهتماما جادا ببعث مشاريع هامة في مختلف المجالات، لاسيما في القطاعات التي حددتها الحكومة في إطار دعم التحول الاقتصادي، وإعادة بعث اقتصاد تنافسي متنوع بديل لقطاع المحروقات، على غرار الفلاحة والصناعة بمختلف فروعها وكذا السياحة والخدمات بشكل عام. في هذا الإطار، لم تخف الهيئات السعودية مؤخرا، نيتها في بعث مشاريع معتبرة في الجزائر، تصل قيمتها الإجمالية إلى 15 مليار دولار، منها 5 ملايير موجهة بشكل مباشر للمشروع الصناعي المحوري المتمثل في استخراج وتحويل الفوسفات. وعلاوة على الحركية التي يرتقب أن تشهدها الاستثمارات المصرية التي قدرها المدير التنفيذي لجمعية رجال الأعمال المصريين، بنحو 3 ملايير دولار حاليا، انتعاشا أكبر في السنوات القادمة، أبدت دولة الإمارات العربية المتحدة التي تصل قيمة استثماراتها في الجزائر إلى نحو 10 ملايير دولار حاليا، رغبة في تعزيز تواجدها، وهو المسعى الذي ستعمل الجزائر جاهدة على تشجيعه، طبقا لتأكيد وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، الذي أبرز إمكانية بلوغ الاستثمارات الإماراتية، 20 مليار دولار على المدى المتوسط، بالنظر للشروط الملائمة، التي أوجدها دخول المنظومة القانونية الجديدة التي تنظم الاستثمار في الجزائر حيز التنفيذ. التحركات الحثيثة والجهود التي تبذلها الحكومة من أجل إعادة الثقة إلى المستثمرين الأجانب، والتعريف بالفرص الواعدة التي تتيحها السوق الجزائرية، بفضل التدابير المستحدثة لتشجيع الشراكة والاستثمار، لقيت صداها في العديد من دول العالم، ومنها الولاياتالمتحدةالامريكية، التي بدأت بعض مؤسساتها، تولي اهتماما خاصا بالاستفادة مما تتيحيه السوق الجزائرية، من قدرات استثمارية هائلة وإمكانيات معتبرة لبناء شراكة مربحة. وساهم العمل التواصلي الهادف إلى تعريف المتعاملين الأمريكان بهذه الفرص، بشكل كبير في إثارة اهتمام، خاصة بعد اللقاء الذي نشطه سفير الجزائربواشنطن، مجيد بوقرة، أمام مجموعة رجال الأعمال الأمريكيين، وبعده الروبورتاج الذي نشرته صحيفة «واشنطن بوست» شهر مارس الفارط حول الوضع الاقتصادي ومناخ الاستثمار في الجزائر.