تتواصل فعاليات شهر التراث بالعديد من ولايات الوطن ومن بينها باتنة، بومرداس، سكيكدة، تيزي وزو، عين تيموشنت، جيجل، تلمسانووهران، حيث تعرف تنظيم عدة تظاهرات خاصة بالمناسبة، وسط تفاعل كبير من الجمهور. وفي هذا السياق، اختارت مديرية الثقافة لولاية بومرداس، طبع تظاهرة شهر التراث في المخيلة المحلية من خلال تنظيمها قافلة استعراضات فلكلورية، ضمت رقصات شعبية وعروضا للخيالة. كما برمجت معارض للصناعات والحرف التقليدية، وأخرى تعنى بالتراث الثقافي المادي وغير المادي، ومعرضا حول اللباس التقليدي البومرداسي والأكلات الشعبية بدون إغفال نصيب الفنون التشكيلية من المشاركة في هذه المناسبة. إلى جانب هذه المعارض، تم برمجة سلسلة من الأيام التحسيسية والندوات والمحاضرات على مستوى العديد من المؤسسات التربوية، مرفقة بالمكتبة المتنقلة المحملة بمجموعة من الكتب التاريخية والخاصة بمجال التراث الثقافي، إلى جانب تنظيم أمسيات شعرية بالنادي الأدبي لدار الثقافة، وتنظيم زيارة ميدانية ورحلة إلى قصبة دلس العتيقة. كما يتخلل البرنامج تنظيم أيام الربيع المسرحي البومرداسي إلى غاية الثلاثاء المقبل بمسرح السنجاب لمدينة برج منايل، في حين سيتم تنظيم يوم دراسي حول «الموقع الأثري لزموري البحري، روسيبيكاري، مآثر وآثار» بالتنسيق مع جمعية السواقي، وندوة حول «دور السياحة والتراث الثقافي في تنمية الإقليم» وغيرهما. بالمقابل، تم بباتنة تنظيم مسابقة» الأوراس للصورة الفوتوغرافية» حول التراث المادي الأوراسي الإيكولوجي الأثري والطبيعي والتراث المنقول» إضافة إلى معارض متنوعة وسهرات فنية فلكلورية وندوات فكرية وقراءات شعرية. ومن المنتظر أن تنظم رحلة سياحية حول التراث المادي الأثري والطبيعي بتأطير من الدكتورين العربي دحو والعيد مطمر، والأستاذين الساي العبدي وقربابي، يتم فيها تناول مفاهيم الأغنية الشعبية ودحض الفرضيات التي لا تنسجم مع الحقائق العلمية. أما بسكيكدة فتحتضن دار الثقافة محمد سراج تظاهرة شهر التراث المصادف لليوم العالمي للمعالم الأثرية، تستمر إلى غاية 18 ماي المصادف لليوم العالمي للمتاحف، بمشاركة كل المؤسسات التابعة لقطاع الثقافة إضافة إلى الحركة الجمعوية المختصة. كما يتم بهذه المناسبة، تنظيم معارض متنوعة، تُعرّف بمختلف المراحل التاريخية التي شهدها التطور العمراني لسكيكدة من خلال الصور القديمة، وتنظيم زيارات إلى المواقع الأثرية بالولاية لفائدة الشباب؛ من طلاب الجامعات والمؤسسات التربوية، وملتقى حول التراث المادي واللامادي. من جهتها، تتواصل بولاية تيزي وزو فعاليات شهر التراث، حيث تعيش عاصمة جرجرة هذه الأيام حركة ودينامكية ثقافية امتزجت بتظاهرة الربيع الأمازيغي، حيث برمجت مديرية الثقافة للولاية العديد من المعارض بأزقة دار الثقافة مولود معمري وقاعة زميرلي، التي تختزل تراث الولاية المادي وغير المادي. وفي هذا السياق، قالت نبيلة قومزيان مديرية الثقافة بتيزي وزو إن التراث الثقافي يشكل شاهدا وذاكرة الشعوب، مضيفة أن التراث الثقافي هو إرث الماضي الذي علينا الحفاظ عليه اليوم، كما يجب نقله إلى الأجيال القادمة في ظروف جيدة ممكنة. بالمقابل، شهدت وهران الاحتفال باليوم العالمي لشهر التراث، حيث نظم متحف أحمد زبانا يوما دراسيا بالتنسيق مع جمعية «حماية التراث»، تم فيه تناول موضوع «أهمية التراث في الحفاظ على الهوية الوطنية». كما عرف تنشيط مدير متحف وهران السيد صالح أمقران، الذي أكد، من خلاله، ضرورة التنسيق بين مختلف الفاعلين؛ من مجتمع مدني وسلطات عمومية وقطاع عام وخاص؛ من أجل وضع رؤية استراتيجية لمعالجة إشكالية رد الاعتبار للمدن القديمة بالجزائر، على غرار حي سيدي الهواري بوهران الذي استفاد مؤخرا من التصنيف ورد الاعتبار. ومن قلب عاصمة جيجل بساحة الجمهورية، انطلقت فعاليات شهر التراث لهذه السنة بقافلة استعراضية، كما تضمّن الافتتاح تنظيم معارض متخصصة في التراث المادي كالصناعات والحرف التقليدية والألبسة التقليدية وتجهيزات كانت مستعملة في الفلاحة مع عرض الحلويات والأكلات التقليدية التي كانت مطابخ جيجل تتفنن في صنعها، إضافة إلى أوان فخارية ونحاسية وأدوات أخرى، مثل الحلي الفضية ومعرض لصور المناطق الأثرية التي تعبّر عن الحضارات التي تعاقبت على الولاية وبعض أماكن الذاكرة، فضلا عن معرض للفن التشكيلي بلوحات تمثل معالم جيجل. وأعطيت إشارة الانطلاق الرسمي لفعاليات شهر التراث بعين تيموشنت، بحضور السلطات المحلية لولاية عين تموشنت، يتقدمهم السيد أحمد حمو التوهامي والي الولاية. التظاهرة الثقافية تحمل هذه السنة شعار «التراث الثقافي دافع لتنمية الإقليم»، سطر لها برنامجا خاصا يعكس عمق التنوع الثقافي الذي تزخر به الولاية، حيث سيتم على ضوء إحياء هذه المناسبة، استقبال وفد من المتحف الوطني لعلوم البحر ضمن برنامج الأسبوع الثقافي البحري، بالإضافة إلى بعثة علمية تضم خبراء من المركز الوطني للبحوث في علوم ما قبل الإنسان، الذين سيقومون بزيارة علمية إلى جزيرة رشقون. البرنامج يتضمن أيضا محاضرات وندوات فكرية علمية وتاريخية، وهو ما أكده السيد أحمد مقدم مدير المركب الثقافي لعين تموشنت، مشيرا إلى أن الشهر هذا يكتسي أهمية خاصة لدى قطاع الثقافة؛ باعتبار تقديمه صورة إيجابية عن الموروث الثقافي الضارب في عمق التاريخ، والذي يساهم بشكل كبير في رسم الهوية الوطنية وصقل شخصية المواطن الجزائري. بالمقابل، في إطار شهر التراث احتضن المتحف العمومي الوطني للفن والتاريخ لمدينة تلمسان بالتنسيق مع قسم التاريخ كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة تلمسان، الملتقى الوطني الرابع للبيوتات العلمية بتلمسان الزيانية «بيت الشريف»، بمشاركة حوالي 36 أستاذا وباحثا جامعيا من مختلف جامعات الوطن، التي سلّطت الأضواء على الرصيد التاريخي والحضاري لمدينة تلمسان في العهد الزياني 7 ه -13مق10ه/16م. واعتبر المتدخلون أن البحث في مؤلفات وأعمال هذا العالم يسمح بالغوص في التراث الفكري للعصر الوسيط. كما تُبرز مؤلفاته مدى إلمامه بمسائل بعض العلوم من حيث أصولها وفروعها؛ مما ساعد على امتداد آثاره في المشرق والمغرب العربيين. كما أكد الباحثون أن هذا اليوم يفسح المجال للوقوف على معالم شخصية الرجل وتتبّع آثاره العلمية وإسهاماته المعرفية وامتداداته الفكرية ودراسة تراثه.