يلقي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اليوم، بالعاصمة السعودية الرياض خطابا أمام قادة 50 دولة عربية وإسلامية، يحدد من خلاله مواقفه تجاه الإسلام والمسلمين والعلاقات التي يريد إقامتها مع دول المنطقة في قمة «تاريخية» قال الملك سلمان بن عبد العزيز إنها تضع الأسس «لشراكة جديدة بين البلدان الإسلامية والولاياتالمتحدة. ويترقب العالم الإسلامي مضمون هذا الخطاب خاصة وأن الرئيس الامريكي سبق وأن أبدى خلال حملته الانتخابية لرئاسيات نوفمبر الماضي مواقف خرجت عن المألوف تجاه الإسلام والمسلمين وكرسها أشهرا بعد توليه مهامه الرسمية شهر جانفي الماضي عندما أدرج رعايا سبع دول عربية وإسلامية في قائمة الدول المحرم عليها الحصول على تأشيرات الدخول الى الولاياتالمتحدة. الرئيس الأمريكي كشف قبل شروعه في هذه الزيارة أن خطابه سيحمل «الآمال» من اجل نظرة جديدة تجاه الإسلام، تعبر عن موقف الشعب الأمريكي بطريقة واضحة وصريحة تجاه هذا الدين. وكان الرئيس ترامب حل بالعاصمة السعودية، أمس، في أول زيارة رسمية له إلى الخارج منذ توليه مهامه بداية العام الجاري، حيث أجرى محادثات مع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، تناولت العلاقات الثنائية والأوضاع في المنطقة. وعلى نقيض سابقيه الذين عادة ما يقومون بزيارات إلى المكسيك أو كندا فإن الرئيس ترامب خالف هذا التقليد وقام بزيارة إلى المملكة العربية السعودية ضمن رسالة قوية من الإدارة الأمريكية بأهمية العلاقات الثنائية مع هذا البلد. تكتسي زيارة الرئيس الأمريكي أهمية خاصة ودلالات ذات بعد استراتيجي وبما يعني أن الدفء عاد إلى علاقات ثنائية اتسمت ببرودة جليدية خلال الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري شهر أكتوبر الماضي والتي كادت أن تؤدي الى قطيعة نهائية بين أهم حليفين في الشرق الأوسط. يبدو أن إيران شكلت نقطة التقاء بينهما وجعلت علاقة الود تفرض نفسها من جديد بالنظر إلى المواقف المتشددة التي تبديها الرياضوواشنطن على السواء تجاه إيران التي أصبحت تشكل حسبهما خطرا متزايدا في منطقة بأهمية منطقة الشرق الأوسط. وفق هذا المنظور فإن العربية السعودية تريد من نظيرتها الأمريكية اتخاذ مواقف حازمة تجاه إيران في نفس الوقت الذي تريد فيه واشنطن من العربية السعودية بذل مزيد من الجهد لمواجهة التحديات التي تفرضها الظاهرة الإرهابية التي أصبح يمثلها تنظيم «داعش» في المنطقة العربية وكل العالم. هذا ولم تنتظر الولاياتالمتحدة سوى ساعات بعد وصول الرئيس ترامب إلى الرياض لتجني أولى ثمار هذه الزيارة «التاريخية» بالإعلان عن التوقيع على عدة اتفاقيات تعاون شملت التسليح والدفاع والطاقة قدرت قيمتها الإجمالية بأكثر من 280 مليار دولار، تمنح العربية السعودية عبرها ل19 شركة أمريكية رائدة في عدة قطاعات انتاجية من بينها «جنرال إلكتريكس» و«سيتي بنك» و«بوينغ»، تراخيص للاستثمار في المملكة العربية السعودية. وجاء الكشف عن هذه الصفقات بعد توقيع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الأمريكي على «الرؤية الإستراتيجية» المشتركة والتي تم من خلالها ضبط مستقبل العلاقات بين البلدين. وحظيت صفقات السلاح بحصة الأسد من هذه المبالغ التي ستكون بمثابة متنفس وطوق نجاة للكثير من شركات صناعة السلاح في الولاياتالمتحدة رغم الأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها الاقتصاد السعودي بسبب تراجع أسعار النفط في السنوات الثلاثة الأخيرة، حيث تم الاتفاق على تصنيع مروحيات بلاك هوك المقاتلة في داخل المملكة السعودية. وقال كاتب الخارجية الامريكي، ركس تليرسون، أن هذه الاتفاقيات «تهدف الى دعم أمن العربية السعودية على المدى الطويل في مواجهة التهديدات الإيرانية والحد من هيمنتها في المنطقة» دون أن يكشف عن طبيعة هذه الصفقة والأسلحة التي سيتم تزويد العربية السعودية بها. أو حتى طبيعة تلك التهديدات الإيرانية. وبغض النظر عن النتائج الآنية لهذه الزيارة فإنها جاءت في وقتها لطي آثار الزيارة التي قام بها العام الماضي الرئيس المنتهية عهدته، الديمقراطي باراك أوباما بسبب الاتفاق النووي مع إيران والذي رأت فيه الرياض بأنه يشكل خطرا على مصالحها الإستراتيجية في منطقة تشهد تحولات جذرية. ويختم الرئيس الأمريكي أطول جولة شرع فيها الى الخارج منذ توليه مهامه وتدوم أسبوعا كاملا بإسرائيل قبل محطة الأراضي الفلسطينية والفاتيكان والعاصمة الأوروبية بروكسل وجزيرة صقليا الايطالية حيث سيشارك في قمتي الحلف الأطلسي ومجموعة السبعة الكبار قبل عودته الى بلاده.