على وقع زغاريد أمّ فخورة ومتأثّرة بنجاح فلذة كبدها، تسلّم أوّل أمس، الكاتب الجزائري عمارة لخوص جائزة المكتبيين "أصلية" عن روايته "صدام الحضارات لأجل مصعد بيازا فيتوريو" ليكون الكاتب السادس الذي يظفر بهذه المكافأة التي تقدّمها جمعية المكتبيين الجزائريين ضمن الصالون الدولي للكتاب بالجزائر. "سعيد جدّا بهذه الجائزة التي أعتبرها وفاء بوعد من أجل مستقبل أفضل أكثر من اعتراف، وكذا تصالحا بين الكتّاب المنتمين إلى أجيال مختلفة"، بهذه الجملة عبّر الكاتب الجزائري عمارة لخوص ل"المساء"عن إحساسه، وهو يدخل قاموس الظافرين بجائزة "أصلية" وهم على التوالي ياسمينة خضرة، جمال عمراني، ميساء باي، واسيني الأعرج ورشيد بوجدرة. وأضاف الكاتب أنّ مؤلفه "صدام الحضارات لأجل مصعد بيازا فيتوريو" تنقّل عبر مسار ثري، حيث ولد بالجزائر سنة 2003 بعنوان مختلف وهو" كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك" عن دار "الاختلاف" ولم يجد أيّ اهتمام من طرف المعنيين ومن ثمّ احتضنت طبعته الثانية الدار العربية للعلوم بيروت، بعدها انتقلت الرواية إلى ايطاليا، حيث ارتدت عنوانا آخر بعد أن تمّ إعادة كتابتها باللغة الايطالية عن دار "إي- أو" ولقيت نجاحا منقطع النظير، وهنا يتوقّف لخوص ويؤكّد أنّه لم يترجم الرواية من العربية إلى الايطالية وإنّما أعاد كتابتها إلى القارئ الإيطالي. لكن هل تطلّب ذلك تغيير الرواية للباسها وارتدائها لباسا آخر تماما؟، ويجيب عمارة "صحيح أنّني أعدت كتابتها ولكنني احتفظت بالروح الجزائرية والإحساس الجزائري، أعتقد أنّ القيمة الأدبية للرواية تتمثّل في كلّ المعاني والأمثال الشعبية الجزائرية التي عمدت إلى إدماجها في الرواية باللغة الايطالية، نعم ما يميّز عملي هو إضفاء الثقافة العربية بصفة عامة والجزائرية بصفة خاصة على اللغة الايطالية". بعد إيطاليا، سافرت الرواية إلى فرنسا وبالضبط إلى محطة دار النشر "أكت سود" وتمّت ترجمتها إلى اللغة الفرنسية واشترت فيما بعد دار "البرزخ" الجزائري حقوق الترجمة وأعيدت الرواية إلى بلدها الأصلي الجزائر، وما تزال الرواية تواصل سفرها ففي الأسبوع الماضي تنقل لخوص إلى نيويورك، حيث ترجم عمله إلى اللغة الإنجليزية عن دار "أوروبا إديشينس" وستترجم إلى اللغة الهولندية الشهر المقبل وإلى اللغة الألمانية في أفريل المقبل. ولم تشأ رواية "صدام الحضارات لأجل مصعد بيازا فيتوريو" والتي حاز كاتبها على أكبر جائزة أدبية في إيطاليا "جائزة فيانو"سنة 2006، أن تستقر فقط في جنس الراوية وإنّما زارت أيضا عالما آخر يتمثّل في عالم السينما حيث انتهت المخرجة الإيطالية إيزوتا توزو في الأيام القليلة الماضية من تصوير فيلم مقتبس عن رواية لخوص وسينزل إلى قاعات العرض السنة القادمة. وأكّد الفائز بعد تسلّمه للجائزة من طرف رئيسة جمعية المكتبيين الجزائريين فتيحة سوال، عن أهمية دور المكتبين في الوساطة بين الكاتب والقارئ، مشيرا إلى استحالة أن يكون للكاتب مسيرة من دون قرّاء، واستطرد في قوله "هي جائزة سلّمت من قبل لكتاب أجلاء وهي الآن تسلّم لي وبحضور الوالدة والأخت، نعم أشعر بسعادة كبيرة جدا". من جهته، قال سيد علي صخري نائب رئيس جمعية المكتبيين الجزائريين ل"المساء" أنّ عمارة لخوص وثق من عمله وأعاد كتابته إلى اللغة الإيطالية رغم أنّه مرّ مرور الكرام عندما نشر أوّل مرة بالجزائر، مضيفا أنّ الرواية تلك لقيت نجاحا كبيرا في إيطاليا وجلبت اهتمام ناشر فرنسي وها هي اليوم تعود إلى الجزائر عن دار "البرزخ". واعتبر المتحدث أنّ هذه الرواية التي وضعها في خانة "البولار"، تطرح قضية "الآخر" أي حينما يدرك الشخص أهمية الآخر في حياته وفي نفس الوقت يخاف منه، واستأنف في قوله أنّ هذا العمل يتناول قضية الصدام بين الحضارات والهويات المختلفة، وفي إطار آخر، أكّد صخري أنّه رغم إنشاء اللجنة المنظمة للصالون الدولي للكتاب بالجزائر لسبعة جوائز أدبية، إلاّ أنّ جمعية المكتبيين الجزائريين قرّرت الاستمرار في تقديم جائزتها "أصلية" في استقلالية تامة. كما أكّدت رئيسة جمعية المكتبيين سوال فتيحة على دور المكتبيين في سلسلة صناعة الكتاب معتبرة أنّ تشجيع الكتّاب الشباب ضرورة لا مناص منها، أّما أحد ممثلي دار "البرزخ" سلمى هلال فقد تطرّقت هي أيضا إلى أهمية دفع كتابنا إلى مقامات أعلى وأجمل. للإشارة عمارة لخوص، كاتب جزائري مقيم بإيطاليا، ولد سنة 1970، وأوّل رواية له كانت بعنوان "البق والقرصان" باللغة العربية وترجمت سنة 1999إلى اللغة الإيطالية، ثم كتب سنة 2003 رواية "كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك" سنة 2003 وأعاد كتابتها إلى اللغة الايطالية تحت عنوان "صدام الحضارات لأجل مصعد بيازا فيتوريو"، وتحكي هذه الرواية قصة اختفاء أماديو وتقدّم إحدى عشر وجهة نظر حول أسباب اختفائه، رغم أنّ الأنظار تتّجه إلى جزائري ويشتبه فيه.