إخترت الكتابة بالعربية حتي أبقى قريبا من واقعي بدعوة من المركز الثقافي الإيطالي بالجزائر وبالتنسيق مع السفارة الإيطالية، استضافت أول أمس المكتبة الوطنية الكاتب الجزائري المغترب في إيطاليا، عمارة لخوص، الذي قدّم الطبعة الإيطالية لروايته "كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضّك" والتي سبق أن صدرت عام 2003 في طبعتين، طبعة جزائرية عن الاختلاف وطبعة لبنانية عن الدار العربية للعلوم. عمارة لخوص لدى تدخّله أمام جمهور القاعة الزرقاء، أكّد أن هذه الرواية التي تم تصنيفها ضمن الأدب البوليسي، ليست ترجمة للطبعة العربية ولكنها إعادة كتابة نص موازي للنص العربي، وقد أخذ هذا العمل من صاحبه سنتين من الاشتغال على الثقافة الشعبية الايطالية وخاصة الأمثال الشعبية في منطقة نابولي، أصرّ خلالها الكاتب على عدم استعمال القاموس والاعتماد على أصدقائه من الإيطاليين الذين ساعدوه على اكتشاف المجتمع الإيطالي الذي يتقارب كثيرا مع المجتمع الجزائري في بعض التقاطعات الثقافية، بحكم تقارب شعوب البحر الابيض المتوسط. لخوص الذي كان مرفوقا بمدير المركز الثقافي الإيطالي ومدير المكتبة الوطنية إضافة الى عدد من الكتاب والإعلاميين، أكد أنه اختار الكتابة بالعربية عن قناعة حضارية وخيار جمالي يبقيه قريبا من واقعه وذاكرة الوطن وثقافته، كما هو أيضا خيار سياسي تؤكد قناعة الكاتب ومواقفه من قانون الهجرة في إيطاليا والعديد من المسائل مثل الصراع بين الغرب والإسلام، أما الكتابة بالإيطالية فاعتبرها لخوص جزءا من اعترافه بجميل البلد الذي آواه وساعده في عز الأزمة، مؤكدا في سياق آخر أن عمله استُقبِل بطريقة جيدة من قبل الإيطاليين حتى أن البعض منهم اعتبره إيطاليا من كثرة ما كانت الرواية قريبة جدا من المجتمع الإيطالي، يضيف لخوص الذي تحدّث أيضا عن ظروف هجرة الجزائريين خاصة المثقفين منهم. لخوص قال إن اللغة لم تكن يوما عائقا في وجه اندماجه في المجتمع الإيطالي لأنه تربّى في محيط متعدد لغويا بين الأمازيغية لغة الأهل والعربية لغة الشارع والمدرسة والفرنسية لغة الأقارب المهاجرين في فرنسا، فبين الجزائر -يقول لخوص- وإيطاليا الكثير من نقاط التشابه الثقافي وخاصة عادات الكرم وطريقة نسج الأمثال الشعبية في منطقة صقلية التي شهدت قرونا من الحضارة العربية الإسلامية، ربما لهذا اختار لخوص أن يترجم عملين أدبيين لكتّاب من المنطقة الى اللغة العربية، في إطار المشروع الذي يشرف عليه لترجمة الأدب الإيطالي إلى اللغة العربية بدعم من المركز الثقافي الإيطالي بالجزائر والتعاون مع جمعية الاختلاف، ذلك أن ترجمة الأدب الإيطالي من شأنه أن يفيد كثيرا الأدب الجزائري خاصة في هذه المرحلة، كون المواضيع المطروقة في هذا الأدب تشبه تلك الموجودة في الجزائر بحكم وجود قواسم مشتركة بين شعوب حوض المتوسط. وللإشارة، فإن رواية عمارة لخوص التي صدرت طبعتها الإيطالية بعنوان "صراع الحضارات في مصعد فيطوريو" وطبعتها دار e/o بروما، نالت الكثير من الإعجاب النقدي وفازت بإحدى أرقى الجوائز الأدبية في إيطاليا "فلايانو" لعام 2006 وستصدر الطبعة الفرنسية للرواية بداية 2007 عن دار "اكت سود" في باريس، وقد تلقّى المؤلف عدة عروض لترجمة الرواية الى الإنجليزية والهولندية، كما بيعت حقوق نقلها الى السينما في فيلم العام القادم بعدما قدمت في المسرح بكل من إسبانيا وروما، وأنجزت حولها عدة دراسات وأطروحات جامعية. وقد أرجع الكثير من النقاد نجاح الرواية إلى الطريقة التي كُتبَت بها، حيث استغل لخوص الكوميديا الإيطالية لرسم مسار شخصياته، ولم يُخْف لخوص في لقائه بالمكتبة الوطنية حبَّه للسينما الإيطالية لما توفّره من حرية حركة الاشخاص. زهية. م