ليس من السهل الحصول على رضا الجمهور، خاصة عندما يتعلّق الأمر بالمشاركة في أضخم فيلم عن «ابن باديس»، للكاتب رابح ظريف والمخرج السوري باسل الخطيب، الذي أثار ضجة إعلامية كبيرة وانتقادات واسعة من طرف بعض المختصين والنقاد في السينما، لكن المشاهد لهذا الفيلم التاريخي الذي أبان قوّة وضعف بعض الممثلين على الساحة، أعطى نتيجة كاملة للممثل المسرحي والوجه السينمائي والتلفزيوني المعروف محمد الطاهر زاوي الذي أبدع في أداء دور والد ابن باديس بهيبة ووقار. كشف الممثل محمد الطاهر زاوي ل«المساء»، أن تقمصه لدور والد ابن باديس لم يكن سهلا، لكن صعوبة هذه الشخصية عادت عليه بالإيجاب، في غياب مراجع تفصّل في الشخصية ودورها في حياة هذا العلامة الذي كان شخصا ميسور الحال، بحكم تجارته، وهذا الشحّ في المعلومات منحه مساحة أكبر للعب الشخصية مع الأخذ بعين الاعتبار مسؤولية الدور والصلة التي تربطه بعبد الحميد ابن باديس موضوع الفيلم. بالنسبة لأصعب المشاهد التي واجهته خلال أداء دوره، فهي تلك التي كان ملزما فيها، بأن يقول «أشياء كثيرة»، لكن دون حوار خاص، فهي -على حدّ تعبير متحدث «المساء»- لا تتعدى ترجمة حالة انفعالية داخلية دون البوح بها، يكون هذا متبوعا بإيماءات وتعابير الوجه وفق تعليمات المخرج وإدارته للموقف، وذكر أنّ المشاهد التي يكون فيها وحده تتطلّب جهدا كبيرا وتغيرا في الانفعالات التي تستنطق الحياة الشخصية له، وهذا ما يمكن أن يساعده على تأدية الدور المنوط به على أحسن وجه. وعن الشخصية التاريخية التي يطمح لتقمّصها مستقبلا، أكد محمد الطاهر زاوي، أنها شخصية الأمير عبد القادر التي تسكن دواخله وتسحره وتستهويه كممثل. مخرج الفيلم باسل الخطيب، قال زاوي بأنّه شخصية محترمة وذكية ومخرج متميز، تعامل معه على مستوى كبير من الاحترافية والاحترام، مضيفا أنه أحب إدارته للممثلين، ومنحت ملاحظاته وشرحه للمشهد وماذا يريد وتشجيعاته، ثقة ومساحة كبيرة للأداء، ولم يقيّده تماما خلال تأدية المشاهد، وأعطى المخرج من الجانب التقني في نظر المتحدّث- إضافة للفيلم، نظرا لتحكّمه في هذا المجال. وأشار زاوي إلى نجاح فريق الماكياج الإيراني المبدع، مرورا بكاتب السيناريو إلى الموسيقى التي أضافت طبقة أخرى من الإحساس، وكذا فريق الإخراج المشترك الجزائري والسوري. وعن إمكانية الاستغناء عن مخرجين أجانب، لصالح مخرجين جزائريين، ردّ زاوي أنّه إذا احتكم إلى عاطفته، يحبذ أن تحوّل لمخرجين جزائريين، لكن السينما وصناعة الأفلام الآن عالمية، لا تحتكم للحدود بل للمؤهلات، والسينما الجزائرية منذ نشأتها كانت تستعين بخبرات أجنبية (كما كلّ الدول) وحتى الآن، وقال؛ «لذا أرى أن النقاش الذي أثير حول المخرج الأجنبي لا مكان له في هذا المجال، ، فأفلام تاريخية عن شخصيات جزائرية ثورية كانت (من وجهة نظري والكثير من النقاد) فاشلة فنيا وتقنيا رغم أنّ مخرجيها جزائريون». من جهة أخرى، قال الفنان زاوي أن كسب رضي الجمهور باعتباره الحكم الأول، لم يأت من فراغ، إنّما صنعته مسيرة فنية طويلة عمرها 27 سنة، خاصة في المسرح، ورضا الجمهور هو الجائزة الكبرى بالنسبة له، مشيرا إلى أنّ بعض شركاء القطاع والإعلاميين الذين اعتبروا ظهوره في الفيلم اكتشافا في السينما، هو إجحاف في حقه، باعتباره ممثلا معروفا في الجزائر وشارك في عدّة أفلام ومسلسلات، مرجعا تأخّر ظهوره إعلاميا ربّما- إلى تقصير مشترك منه ومن الإعلام (خاصة المرئي)، ، مؤكدا «أنّ النجومية ليست بعدد مرات الظهور على الشاشة بقدر ما هي البصمة التي يتركها مرورك ولو مرة واحدة». عن مشاريعه المستقبلية، أشار زاوي إلى ّ مشروعين في المسرح، أحدهما مونودرام، ومشروع مسلسل لم تتّضح معالمه بعد، كما يشارك في السلسلة الفكاهية «بنتي لعزيزة» للتلفزيون ، موضّحا أنّ ّ السيناريو كان ضعيفا، وهو ما أجبره على التغيير من حوارات الحلقات وحتى القصة، وعليه تمّ تغيير كل السلسة تقريبا. للإشارة، شارك الممثل محمد الطاهر زاوي في عدّة أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية، منها دور رئيسي في المسلسل الدرامي «قلوب تحت الرماد» للمخرج بشير سلامي، إلى جانب دوره في بطولة الفيلم التاريخي «عيسات إدير» للمخرج كمال اللحام، كما شارك في مسلسل «شجرة الصبار» للمخرج السوري هيثم الزرزوري. في المسرح، نال جائزة أحسن أداء رجالي في «الرهينة» في المهرجان الوطني للمسرح النسوي، وهو عضو مع فرقة «آفاق» باتنة وشارك في مسرحية «الطيحة» في الأردن، وبمهرجان الرستاق بسلطنة عمان، والتي تحصلت على جائزة أحسن ديكور وجائزة أحسن ملابس.