تختتم الدورة العادية للبرلمان بغرفتيه اليوم، بعد سلسلة جولات ماراطونية تزامنت مع نهاية شهر رمضان وعيد الفطر المبارك، خصصت للمصادقة على مخطط عمل الحكومة الذي نال الدعم الكامل للمؤسستين التشريعيتين، واستكمال تدابير تنصيب نواب جدد وآليات مؤسساتية وتنظيمية، تحضيرا لعمل مكثف مرتقب في الدورة القادمة التي تفتتح في سبتمبر القادم، ويعوّل خلالها كثيرا على الهيئة التشريعية للشروع في تنفيذ محاور المخطط الحكومي، لاسيما منها تلك التي وصفها الوزير الأول عبد المجيد تبون ب»الاستعجالية». وسيتم ترجمتها إلى مشاريع قوانين يرجع الفصل النهائي إلى ممثلي الشعب. الدورة البرلمانية التي تختتم اليوم طبقا لما تقتضيه أحكام الدستور الجديد، الذي أقر نظام الدورة الواحدة، وكذا المادة 5 من القانون العضوي 16-12 الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، ميّزها انطلاق الدورة التشريعية الثامنة للمجلس الشعبي الوطني في 23 ماي الماضي، حيث تم التنصيب الرسمي للنواب الجدد المنبثقين عن الانتخابات التشريعية التي نظمتها البلاد في الرابع ماي مع انتخاب السعيد بوحجة رئيسا للمجلس، ثم بعدها تنصيب هياكل المجلس الشعبي الوطني والتفرغ لمناقشة مشروع مخطط الحكومة الجديدة التي عيّنها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وأوكل مهمة قيادتها للوزير الأول عبد المجيد تبون. واضطر مكتبا الغرفتين التشريعيتين بالتنسيق مع الحكومة إلى ضبط برمجة مكثفة لاستكمال مسار تمرير مخطط العمل الحكومي، لتمكين الجهاز التنفيذي من التفرغ دون أي تعطيل في بلورة المحاور الأساسية التي تضمنها المخطط، لاسيما منها تلك التي وصفها الوزير الأول عبد المجيد تبون ب»الاستعجالية»، على غرار التحضير لتعديل قانوني البلدية والولاية وكذا مواصلة الإجراءات المرتبطة بتوسيع التنظيم الإداري الجديد الذي يشمل ترقية عدد من الدوائر بمناطق الهضاب العليا إلى ولايات منتدبة، وترقية الولايات المنتدبة الجنوبية إلى ولايات كاملة الحقوق قبل نهاية 2017، علاوة على العمليات الأخرى المبرمجة في إطار مواصلة تكييف وتحيين القوانين مع الأحكام الدستورية الجديدة، خاصة ما تعلق منها بتكريس الديمقراطية التشاركية وتعزيز الحقوق والحريات، وتعزيز مقومات دولة القانون وترسيخ دعائم الهوية الوطنية. ضمن نفس المسعى، استغل مكتب مجلس الأمة الأيام الأخيرة من عمر الدورة البرلمانية، للمصادقة على النظام الداخلي الجديد المكيف مع أحكام الدستور في انتظار أن يحذو المجلس الشعبي الوطني حذوه مع انطلاق الدورة القادمة. هذه الدورة التي يرتقب أن تنطلق مطلع شهر سبتمبر وفقما تقتضيه الأحكام الدستورية التي تحدد فترة الدورة ب10 أشهر، وتسمح بالتالي لممثلي الشعب من فترة راحة محددة بشهرين، ينتظرها نشاطا مكثفا وملفات ساخنة في ظل إطار تنظيمي جديد يفرض على النواب وأعضاء مجلس الأمة انضباطا أكبر في التعامل مع هذه الملفات. إلى جانب مشاريع القوانين المقرر بلورتها انطلاقا من محاور مخطط عمل الحكومة والتي أعلن الوزير الأول تكليف القطاعات بترجمتها إلى برامج ونصوص مشفوعة بمؤشرات إحصائية وآجال تنفيذ، سيتعين على أعضاء البرلمان بغرفتيه استكمال الأجندة المكثفة المطروحة أمامهما، والتي ستتزامن مع عمليات التحضير للانتخابات المحلية المقرر بعد انطلاق الدورة القادمة مباشرة.. وتضم قائمة مشاريع النصوص التي تنتظر نزلاء الغرفتين البرلمانيتين، أزيد من 20 مشروعا، مبرمجة منذ الدورات السابقة، منها ملفات شائكة، تخص بالأساس مشروعي قانوني الصحة والعمل، فضلا عن نصوص أخرى متأخرة كمشروع قانون الإشهار، ومشاريع ذات الصلة بتكييف المنظومة القانونية والتشريعية مع الدستور الجديد، منها مشروع قانون يضمن حماية المعطيات الشخصية ومشروع قانون يحدد كيفيات ممارسة الحق في الحصول على المعلومات والوثائق ونقلها، فضلا عن النصوص المكملة والمصححة لبعض الثغرات المسجلة في النظام الانتخابي وتحيين الإطار القانوني المنظم للتظاهرات والتجمعات ولعمل تنظيمات الحركة الجمعوية وتكييفه مع أحكام الدستور الجديد. فضلا عن كثافة الأجندة التي تنتظر النواب الجدد، ونوعية المشاريع المطروحة أمامهم، ينتظر أن يعرف النشاط التشريعي حراكا سياسيا كبيرا في ظل التصادم المستمر بين الكتل الممثلة في الغرفة البرلمانية السفلى، لاسيما بعد أن أبانت الجلسات الأولى التي تم عقدها في بداية العهدة التشريعية الثامنة، خلافات وتجاذبات بين نواب أحزاب الموالاة ونواب أحزاب المعارضة، حول طريقة توزيع هياكل المجلس ثم أثناء عملية مناقشة مخطط عمل الحكومة الذي رفضه نواب كل من التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وتحالفي حمس والاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، فيما التزم نواب حزبي العمال وجبهة القوى الاشتراكية الحياد، بامتناعهم عن التصويت.