أثارت الأحكام الجائرة والقاسية التي نطقت بها محكمة الجنايات المغربية في حق المعتقلين السياسيين الصحراويين ضمن ما عرف بمجموعة «اكديم ايزيك» موجة استنكار وتنديد عالمية فضحت اللاعدالة التي ميزت هيئة هذه المحكمة. ونطقت محكمة الجنايات بمدينة سالا القريبة من العاصمة الرباط أحكاما في حق المعتقلين الصحراويين تراوحت بين عامين سجنا نافذا والمؤبد. وأصدرت محكمة الجنايات بالمؤبد في حق ثمانية متهمين من مجموع المعتقلين الثلاثة والعشرين وهم أباه سيدي عبد الله وإبراهيم الاسماعيلي وباني محمد وبوتنكيزة محمد البشير والعروسي عبد الجليل والخفاوني عبد الله والمجيد سيدي أحمد وأحمد السباعي. ونطقت بسجن المعتقلين، النعمة أصفاري وبانكا الشي ومحمد بوريال بثلاثين عاما وب25 سنة سجنا نافذا في حق كل من الداه الحسن وبوبيت محمد خونا والفقير محمد امبارك وهدي محمد لمين ولحسن الزاوي. بينما أصدرت حكما ب20 سنة سجنا في حق كل من عبد الله التوبالي ومحمد التهليل وخدا البشير وبست سنوات في حق المتهمين الديش الضافي والعربي بكاي بأربع سنوات ونصف حبسا نافذا وبسنتين حبسا نافذا في حق كل من التاقي المشضوفي وسيدي عبد الرحمان زايو. وتكون هيئة المحكمة من خلال هذه العقوبات قد كرست الأحكام الجائرة التي سبق للمحكمة العسكرية المغربية أن أصدرتها في حق النشطاء الصحراويين. وتأكد، أمس، أن قرار إحالة ملف المتهمين على محكمة مدنية لم يكن سوى حيلة لذر الرماد في أعين المنظمات الحقوقية الدولية التي انتقدت محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية وطالبت بمحاكمتهم أمام هيئة مدينة». والغريب في أطوار هذه المحاكمة فإن هيئة المحكمة رفضت الطعون ومطالب دفاع المتهمين على أساس أن ملفات هؤلاء كانت فارغة لانعدام الأدلة وزيف التهم الموجهة لهم. والمفارقة أن المحاكمة تمت في غياب هيئة محامي الدفاع وكذا المتهمين الذين قرروا مقاطعة الجلسات بعد الطعن في الإجراءات القانونية والظروف التي جرت فيها المحاكمة وهو ما جعل هيئة المحكمة تعين محامين مغاربة ضمن هيئة مطعون في نزاهتها. يذكر أن قضية معتقلي مجموعة «اكديم ازيك» تعود إلى الثامن من شهر نوفمبر 2010 عندما قامت قوات الاحتلال المغربية بتفكيك آلاف الخيم التي أقامها قرابة 20 ألف مواطن صحراوي في منطقة «اكديم ازيك» على مشارف العاصمة العيون المحتلة احتجاجا على القهر والتهميش والاحتلال الذي ضاقوا ذرعا من تبعاته اليومية. وألقت قوات الأمن المغربية القبض على 23 ناشطا صحراويا الذين أصبحوا يعرفون منذ ذلك التاريخ باسم مجموعة مخيم «اكديم ازيك» الذين حوكموا لأول مرة أمام محكمة عسكرية قبل إحالتهم بداية العام الجاري على محكمة مدينة تحت ضغوط دولية. وأكدت منظمة العمل المسيحي من أجل مناهضة التعذيب التي تأسست كطرف في هيئة الدفاع عن المتهمين قبل انسحابها أن المحاكمة ظالمة وخاصة وأنها اعتمت في إصدار أحكامها على اعترافات تم الحصول عليها تحت التعذيب. وهو ما حذرت منه أول أمس منظمتا «أمنيستي» و»هيومن رايتس ووتش» اللتين طالبتا بفضح العدالة المغربية التي اعتمدت في إدانة النشطاء الصحراويين بالاعتماد على اعترافات جلسات الاستنطاق التي خضع لها هؤلاء في زنزانات جهاز الأمن المغربي. وفي أول رد فعل على هذه الأحكام، أدان بشرايا حمودي بيون السفير الصحراوي بالجزائر هذه العقوبات وقال أنها لم تكن مفاجئة كونها محاكمة سياسية ضد أشخاص طالبوا بحقهم في الحرية والاستقلال وحاملين لقضية عادلة يحاول المحتل المغربي طمسها بكل الأشكال. ووصف الدبلوماسي الصحراوي المحاكمة ب»مسرحية ذات فصول طويلة وكل ما قام به الاحتلال خلال هذه السنوات هو المماطلة وذر الرماد في عيون الناس والأحكام الصادرة تعد مهزلة بالنسبة للصحراويين». وقال إن «هذه الأحكام لن تزيد الصحراويين إلا تشبثا بوطنيتهم وإصرارا على النضال والمقاومة وإدانة ممارسات الاحتلال المغربي بحق الشعب الصحراوي المطالب بحقه الشرعي في الحرية وتقرير المصير». وأكد بيون على مواصلة جبهة البوليزاريو تعاونها مع منظمات حقوق الإنسان الدولية وكل الأحرار في العالم من أجل ممارسة الضغط على الاحتلال المغربي والعمل على إخضاعه لشروط القانون.