أكد المشاركون في ندوة تاريخية نظمت أمس الاثنين، بالمتحف الوطني للمجاهد بالعاصمة، أن قرار تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية المصادف ل19 سبتمبر 1958، جاء كتتويج لنجاح الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي على المستوى السياسي والدبلوماسي لقيادة جبهة التحرير الوطني على مستوى الخارج، حيث يعد تشكيل أول جهاز تنفيذي مؤقت لقيادة الثورة آنذاك بمثابة شهادة ميلاد الدولة الجزائرية الحديثة بكل أبعادها ومكوّناتها. وأوضح الباحث في الحركة الوطنية وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر عامر رخيلة، في مداخلة له في إطار ندوة تاريخية نظمت بمناسبة إحياء الذكرى ال59 لتأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، بحضور شخصيات تاريخية وثورية وأعضاء الأسرة الثورية وممثلي الأسلاك الأمنية، أن هذه المناسبة تعد حدثا تاريخيا بارزا في مسار ثورة التحرير المباركة، باعتباره أحد العوامل الأساسية التي أدت إلى إنجاح مسار الثورة من الجانب الدبلوماسي بفضل جهود الوزراء الممثلين لها في إطار المساعي الحثيثة للتعريف بالقضية الجزائرية في المحافل الدولية على ضوء مختلف الزيارات التي قاموا بها إلى مختلف دول العالم. وأكد السيد رخيلة، في هذا الإطار أن فكرة التأسيس لحكومة مؤقتة تحلّ محل لجنة التنسيق والتنفيذ في تلك الفترة كانت مطروحة بقوة وإلحاح منذ سنة 1955 فترة انعقاد مؤتمر باندونغ، حيث صاحب هذه الفكرة دعوى لإدارج القضية الجزائرية في جدول أعمال مجلس الأمن والجمعية العام ال11 للأمم المتحدة، وهو الطرح الذي أيده 600 مندوب يمثلون الدول الإفريقية والآفروأسياوية. واعتبر المتحدث في السياق، أن اتفاق قيادة الثورة على التأسيس لجهاز تنفيذي يضم كل أطياف الحركة الوطنية وممثلي الشعب جاء كبديل عن العمل الثوري والفدائي بالداخل بسبب الحصار الكبير المفروض من قبل الجيش الفرنسي على المدن والمناطق الحدودية ما أدى إلى صعوبة التزوّد بالسلاح والعتاد الحربي بهذه المناطق، وهو ما سمح بفتح المجال واسعا للنشاط الدبلوماسي والسياسي كأحد الخيارات في إطار مواصلة الكفاح من أجل الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية. وبدوره أكد الدبلوماسي الأسبق المجاهد صالح بلقبي، في تدخل له أن تأسيس الحكومة المؤقتة في ذكراها ال59 تبقى بمثابة محطة تاريخية تستدعي التمعّن والتمحيص أكثر لكونها مرحلة ساهمت وبشكل كبير في إعطاء دفع قوي لمنظومة الدبلوماسية الثورية في مواجهة فرنسا الاستعمارية، معتبرة أن الاتفاق بالإجماع لقيادة ثورة التحرير للعمل على نشأتها يعود ل3 دوافع أو اعتبارات رئيسية وهي: ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة المؤقتة قبل استعادة الجنرال ديغول، للقوة العسكرية التي فقدها الجيش الفرنسي بعد الخسائر التي مني بها، والتوجّه أكثر نحو الدول الاشتراكية، وأخيرا الاتفاق على ضرورة نقل العمل المسلّح إلى أرض العدو من خلال الاغتيالات والتصفيات الجسدية للمسؤولين الفرنسيين. وكما تطرّق السيد بلقبي، رفقة المجاهدة زهور ونيسي، إلى ظروف نشأة الحكومة المؤقتة ومختلف المراحل الهامة التي مرت بها تشكيلاتها الثلاث (حكومتين أول وثانية برئاسة فرحات عباس وحكومة ثالثة برئاسة بن يوسف بن خدة) والمهام المسندة إلى كل عضو فيها. للاشارة، فقد تم عرض شريط وثائقي من إنتاج المتحف الوطني للمجاهد خلال افتتاح هذه الندوة التي نظمت تحت رعاية وزير المجاهدين الطيب زيتوني، حيث سلطت الضوء على حيثيات وظروف التأسيس للحكومة المؤقتة وما رافقها من أحداث وطنية ودولية بارزة.