كشف البروفيسور في التكنولوجيات الصيدلانية، كمال داود، أمس، أن المصانع الصيدلانية بالجزائر تخسر سنويا الملايين من الدولارات، بسبب أخطاء في دمج وخلط مسحوق الدواء، وهو ما يجعلها تتلف سنويا أكثر من 100 طن من هذا المسحوق المستورد من الخارج، مع العلم أن 80 بالمائة من المصانع الصيدلانية بالجزائر تستغله في إنتاجها . وأرجع البروفيسور، الذي يشتغل بجامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا، سبب هذه الخسارة إلى الأخطاء التي يقع فيها المخبريون في إعداد الخلطات الصيدلانية، مشيرا إلى أنه بالرغم من أن الجامعة الجزائرية تكّون اليوم، باحثين في هذا المجال، إلا أن هؤلاء لازالوا مهمشين، من قبل الصناعيين ولا يتم الاستعانة بهم من طرف أصحاب مصانع الإنتاج الذين يفضلون في كل مرة اللجوء إلى الاستشارة الأجنبية عوض استغلال الطاقات المحلية، وهو ما يجعل الخسائر المالية للمصانع الصيدلانية، حسبه، تصل سنويا إلى ملايين الدولارات. وأشار البروفيسور داود بمناسبة تنظيم الطبعة الثانية للملتقى السنوي للتكنولوجيات الصيدلانية «صحة 2017»، إلى أن جامعة هواري بومدين بالجزائر العاصمة، تحصي اليوم 130 طالبا متحصلا على ماستر في مجال التكنولوجيات الصيدلانية، منهم 3 طلبة يحضرون دكتوراه لأول مرة في هذا التخصص، وهم من حاملي المشاريع الصيدلانية في مجال إنتاج مراهم وأدوية مشتقة من نباتات محلية، «غير أن هذه المشاريع لا تزال حبيسة الأدراج وتبحث عن التمويل من طرف المصنعين لتتحول إلى منتوج صيدلاني قابل للتسويق». وقصد التعريف بنتائج البحث العلمي، تقرر تنظيم يوم علمي بحضور باحثين من داخل وخارج الوطن، للكشف عن مواضيع ومجالات بحوثهم، مع دعوة ممثلين عن مخابر صيدلانية تنشط بالسوق الجزائرية لتشجيعهم على العمل مع الجامعة واستغلال الطاقات المحلية لتطوير مشاريعهم. وردا على سؤال «المساء» حول وضع سوق الأدوية ومخاطر تسويق منتجات صيدلانية مقلدة، أكد البروفسور داود أن الجزائر قطعت أشواطا كبيرة في مجال الصناعات الصيدلانية، خاصة بعد تحكم المخابر في صناعة الأدوية الجنيسة، مبرزا قدرة هذه المخابر في الوصول إلى صناعة أدوية جديدة في حالة توحيد جهودها مع الجامعة، ووضع ثقتها في الجيل الصاعد من الطلبة المتخصصين في التكنولوجيات الصناعية. وذكر المتحدث كمثال على أهمية البحوث التي توصل إليها الطلبة الجزائريون، مشروع دكتوراه لإحدى الطالبات يخص إنتاج مرهم لعلاج الحروق، وهو مستخلص من زيوت نباتات طبيعية تنمو بولاية بومرداس، لافتا إلى أن هذا المشروع لازال يبحث عن تمويل ومرافقة من طرف مخبر صيدلاني للوصول إلى مستوى دواء معتمد من طرف وزارة الصحة العمومية. أما فيما يخص مخاطر تسويق منتجات صيدلانية مقلدة، رد البروفيسور بالقول بأن الأمر قد يكون واردا من منطلق أن الجزائر لا تملك أدوات وتجهيزات لمراقبة نوعية الأدوية والتأكد من سلامتها من التقليد، مشيرا إلى أن اليوم العلمي الذي تم تنظيمه أمس استضاف باحث فرنسي للحديث عن آخر التقنيات والتجهيزات المعتمدة من طرف فرنسا لمراقبة نوعية الأدوية المسوقة، مع الإشارة إلى أن هذا الجهاز لا يملكه إلا مخبر صيدلاني واحد فقط بالجزائر وهو تابع للقطاع الخاص، فيما لا يمكن تأكيد استعماله من قبل المخبر الوطني لمراقبة المواد الصيدلانية، الذي يعتبر الهيئة المعنية بعملية مراقبة كل الأدوية المسوقة بالجزائر سواء المستوردة أو المنتجة محليا.