يصدر بنك الجزائر قريبا تعليمة تحدد شروطا جديدة لتنظيم الواردات الموجهة للبيع على حالها، تشمل بالأساس «إجبارية توطين كل الواردات الموجهة للبيع على الحالة وضمان تغطية مالية لقيمة عملية الاستيراد بنسبة 120 بالمائة لمدة شهر على الأقل قبل استيراد السلعة، حسبما كشف عنه محافظ بنك الجزائر محمد لوكال في حوار لوكالة الأنباء. وفي شرحه للشرطين الأساسيين اللذين سيعتمدهما بنك الجزائر في تنظيم الواردات للبيع والمنتجات الموجهة للبيع على حالتها، ذكر السيد لوكال في الحديث الذي نشرته الوكالة أمس، أن الشرط الأول يتمثل في إجبار المستورد على توطين كل الواردات الموجهة للبيع على الحالة وتقديم إشعار مسبق عن كل عملية استيراد للمنتجات والسلع الموجهة نحو المجال الجمركي الوطني، فيما يفرض على المستورد في إطار الشرط الثاني، ضمان تغطية مالية لدى بنك التوطين، لقيمة عملية الاستيراد بنسبة 120 بالمائة وهذا لمدة شهر على الأقل قبل استيراد السلعة. وحسب نفس المسؤول فإن الأهداف المتوخاة من هذه الإجراءات الجديدة، تتمثل خصوصا في إعادة بعث إجراء التوطين، باعتباره أداة لتقوية عقد الشراء أو طلب الشراء وجعل إجراءات تأطير التجارة الخارجية أكثر فاعلية مع ملاءمة الموارد اللازمة المتعلقة بالصرف مع عمليات الاستيراد. وتدخل هذه الإجراءات حيز التنفيذ مع إصدار تعليمة بنك الجزائر المرتقبة في هذا الصدد، وتندرج في إطار التنظيم الذي تمت المصادقة عليه نهاية سبتمبر الماضي من قبل مجلس النقد والقرض، لتعديل تنظيم فيفري 2007 المتعلق بشروط المبادلات مع الخارج والحسابات بالعملة الصعبة. تغطية مخاطر الصرف من جهة أخرى، كشف محافظ بنك الجزائر عن المصادقة في جويلية الفارط على تنظيم لتغطية مخاطر الصرف من قبل مجلس النقد والقرض، مشيرا إلى أن هذا الإجراء سيتم العمل به بموجب تعليمة سيتم إصدارها لاحقا، حيث يرتقب أن يدخل حيز التنفيذ رسميا قبل نهاية 2017. ويتمثل الدافع وراء اعتماد هذا التنظيم الجديد حسب السيد لوكال في كون نظام الصرف في الجزائر، يعتبر «نظام عملة عائم» وبالتالي فإن تذبذب أسعار الصرف يعرض المتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين لمخاطر الصرف خلال تنفيذ التعاملات الدولية التي من شأنها أن تتسبب في تكبد خسائر كبيرة في الصرف. وحسب محافظ بنك الجزائر، فإن النظام الجديد يمنح الفرصة للتجار والمستثمرين، لتفادي هذه المخاطر من خلال السماح للوسطاء المعتمدين باستعمال مجموعة متنوعة من أدوات تغطية مخاطر العملة، مما يتيح لهم (لحسابهم الخاص أو نيابة عن موكليهم) إجراء عمليات تأمين مخاطر الصرف مقابل الدينار. كما سيؤطر التنظيم حسب نفس المسؤول، النشاطات البنكية المتعلقة بسوق الصرف ما بين البنوك بتزويد المنظومة بأخلاقيات المهنة والتسيير المحكم. وشدد محافظ بنك الجزائر على أن هذه الإجراءات ستكون مطبقة على كل المتدخلين في سوق ما بين البنوك للصرف وهم مجبرين على احترامها، مشيرا إلى أن الإجراء يعني حصريا المنتجات التي تدخل في إطار الاستثمار والتركيبات الصناعية التي تدخل في إطار الاستثمار و/أو الإنجاز، وكذا المواد الأولية والتركيبات اللازمة للصناعة الوطنية. فضلا عن ذلك، فإن عمليات استيراد المنتجات الموجهة للتسويق على حالتها غير معنية بهذا التنظيم الجديد، حسب السيد لوكال الذي أوضح أن هذا التنظيم، فضلا عن كونه يدخل في إطار مساعي عصرنة وتنظيم سوق الصرف، فهو يشكل ركيزة أساسية لتطوير مناخ الأعمال، من خلال تمكين المتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين من قراءة ونظرة صائبة تسمح لهم بالتحكم وبشكل ناجع في النفقات واستشراف المخاطر المرتبطة بالتبادلات والمعاملات الدولية وذلك خلال كل مراحل تنفيذها. وبالنظر لجديتها وتقنيتها الأكثر تطورا، فإن هذه الاجراءات سيتم وضعها حيز التنفيذ بطريقة تدريجية، يتم خلالها تنظيم لقاءات ودورات عمل منتظمة مع البنوك التجارية وذلك على امتداد مسار إعداد التعليمات الخاصة بالتطبيق. وأوضح محافظ بنك الجزائر في هذا الإطار أن وضع هذا التنظيم حيز التنفيذ يمر عبر مراحل، تقتصر المرحلة الأولى منها على عمليات الصرف الكلاسيكية. أما بالنسبة للأدوات المعقدة مثل عمليات الصرف وتحويل العملة الصعبة، فسيتم إدخالها بشكل مرحلي تبعا لمدى تكيف المنظومة البنكية مع شروط إطلاقها. وشدد السيد لوكال على ضرورة الاتصال المباشر بين مختلف الفاعلين في المنظومة البنكية والمالية خصوصا في هذا الظرف الذي يتميز بضغوطات الصدمة الخارجية ما يسمح حسبه بإثراء مردود القطاع البنكي والمالي وتباحث الوسائل الواجب اعتمادها لإيجاد حلول تضمن استقرار الساحة البنكية والمالية، مذكرا بالإصلاحات النقدية والمالية الهيكلية التي تم اعتمادها من طرف بنك الجزائر. للتذكير، فإن البنوك عرفت مؤخرا عملية تقليص في احتياطاتها الإجبارية من 8 بالمائة إلى 4 بالمائة، وهو الإجراء الذي سمح لها حسب محافظ بنك الجزائر باكتساب قدرات إضافية لتمويل الاقتصاد بحجم مالي قدره 350 مليار دينار.