حذر وزير الشؤون الخارجية، السيد عبد القادر مساهل، أمس، من توسع نطاق التهديدات التي تستهدف شريط الساحل والصحراء على وجه الخصوص، جراء تنامي الإرهاب والجريمة العابرة للأوطان، وانتشار قنوات تعاونهما وترابط مصالحهما والتعدد التدريجي للوسائل التي تتيح لهما الحماية، مجددا استعداد الجزائر لتقديم مساهمتها لكل المبادرات الهادفة إلى تعزيز المكافحة المشتركة لهاتين الآفتين. تحذيرات وزير الخارجية جاءت خلال أشغال الاجتماع الإقليمي الأول للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب حول العلاقة بين الجريمة المنظمة العابرة للحدود والإرهاب الذي تنظمه الجزائر وهولندا بالمركز الدولي للمؤتمرات، حيث تميز هذا اللقاء بحضور 70 دولة وممثلين عن منظمات دولية إقليمية، في حين جلب غياب المغرب عن الأشغال انتباه الإعلاميين، لاسيما وأن الاجتماع يستهدفه بالدرجة الأولى، في ظل تنامي شبكاته الإجرامية المتاجرة بالمخدرات والحشيش بالقارة الإفريقية والتي ثبت تورطها في أعمال إرهابية في دول الجوار مثل أحداث جبل الشعانبي بتونس في جوان 2013، التي استفاد منفذوها من مصادر تبييض أموال المخدرات الآتية من المغرب. تنامي اعتماد الجماعات الإرهابية على الموارد التي تدرها الجريمة المنظمة، أبرزت معالمها كلمة السيد مساهل الذي حدد المسار الجغرافي لنشاط هذه الجماعات الإرهابية التي قال عنها، بأنها وسعت مجالات عملها إلى عدد متزايد من بلدان إفريقيا الغربية، مضيفا أن "تحالف بعض هذه المجموعات الإرهابية يكشف عن نية تنفيذ عمليات اعتمادا على التحكم في الوسائل المالية". أكثر من ذلك، أكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن "الجريمة المنظمة العابرة للأوطان في هذه المنطقة، تشمل بشكل كبير عمليات التهريب واحتجاز رهائن مقابل دفع الفديات وتهريب الكوكايين والهيروين والمهلوسات والحشيش وتهريب الأسلحة، بمختلف أنواعها والاتجار بالأشخاص واستغلال الهجرة غير الشرعية وتبييض الأموال وكذا استخراج الذهب بصفة غير قانونية وتهريب السجائر وتهريب الممتلكات الثقافية وسرقة المواشي ويرها". ونبه الوزير إلى خطورة استهداف هذه الشبكات لمناطق فقيرة لممارسة نشاطاتها غير القانونية، بحكم ما تدره من مبالغ مالية معتبرة، في ظل افتقار دول هذه المنطقة للقدرات والموارد اللازمة لمكافحتها وحماية سكانها من الأخطار التي تشكلها هذه الشبكات. وأبرز في هذا الصدد الحاجة الملحة للتعرف أكثر وفهم تطور العلاقة والتحولات التي تتطور بين هذين التهديدين (الإرهاب والجريمة المنظمة) في كامل المنطقة"، مضيفا أن هذه الحاجة "استعجالية لدرجة أن هاتين الآفتين لهما مغزى عام وتتغذيان من فروع دولية". لمواجهة هذين التهديدين دعا رئيس الدبلوماسية الجزائرية إلى ضرورة محاربة الظواهر التي تتولد عنها الآفات الخطيرة، على غرار الانحراف العادي ووسائل تمويل الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان وكذا تحديد مفهوم الغنيمة في لعلاقة بين نوعي الإجرام واختلاط الشبكات الاجتماعية للمجموعتين من أجل الدعاية والتجنيد. كمل يرى مساهل أن مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان تستدعي كذلك ترقية برامج التعاون الثنائية والإقليمية وحتى الدولية، مبرزا في هذا السياق استعداد الجزائر تقديم مساهمتها لكل المبادرات الثنائية، لاسيما مع بلدان فضاء الساحل-الصحراوي و كامل غرب إفريقيا. وبعد أن أكد على ضرورة التوصل إلى تعريف مشترك للإرهاب وكذا للجريمة المنظمة العابرة للأوطان، أشار الوزير إلى "وجود ترسانات قانونية متينة لمعالجة هاتين الآفتين، غير أنه ينبغي، حسبه، العمل على تحديد العلاقة بينهما. الممثل الخاص للملكة الهولندية لمكافحة الإرهاب، أول دوهووت، أوضح من جانبه أن الهدف من إطلاق مبادرة المنتدى، هو تحقيق الانسجام وزيادة الوعي وترقية الممارسات الحسنة. وإذ نبه إلى ضرورة تعزيز دولة القانون للتصدي للظاهرتين، أبرز المتحدث أهمية المنتدى في تبادل التجارب والخبرات بين كافة الأطراف المعنية. للإشارة، فإن هذا اللقاء الإقليمي الأول، الذي ضم موظفين سامين وخبراء في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان والوقاية من الإرهاب ومكافحته والأمن عبر الحدود ومكافحة تمويل الإرهاب، وكذا البلدان الأعضاء في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب وبلدان غرب إفريقيا والمنظمات الدولية والإقليمية، يهدف إلى إعداد مذكرة للممارسات الجيدة التي ستعرض للموافقة خلال الاجتماع الوزاري القادم للمنتدى المرتقب في سبتمبر 2018.