أعلن الوزير الأول أحمد أويحيى عن احتضان الجزائر موعدين هامين حول مكافحة الإرهاب خلال هذا الشهر، مذكرا بمواقف الجزائر الثابتة حول هذه الآفة والجهود التي بذلتها إفريقيا وجهويا، مشيرا إلى أن الجزائر أنفقت خلال سبع أو ثماني سنوات أكثر من 100 مليون دولار لمساعدة خمسة بلدان من شبه منطقة الساحل، في مجال تكوين حوالي عشر فرق من القوات الخاصة ومنحها تجهيزات ضخمة. كما أكد إدانة الجزائر الشديدة للاتجار بالبشر، مذكرا بتمسك الجزائر بالإعلان الإفريقي حول الهجرة المصادق عليه في 2015، والذي يؤكد ضرورة التصدي شرعيا وإنسانيا للعراقيل الناتجة عن تدفقات الهجرة غير الشرعية. أعلن الوزير الأول أحمد أويحيى أن الجزائر ستحتضن في ديسمبر الجاري ندوتين إفريقيتين هامتين حول مكافحة الإرهاب في إفريقيا. وقال السيد أويحيى الذي مثل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في القمة ال5 بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، إن «الجزائر ستحتضن يومي 10 و11 ديسمبر بوهران، ندوة إفريقية هامة حول مكافحة الإرهاب في إفريقيا، فيما ستحتضن قسنطينة يومي 13 و14 ديسمبر تنظيم ندوة إفريقية هامة حول دور المرأة في الوساطة المتعلقة بالتصدي للتطرف والإرهاب. في هذا الصدد، صرح الوزير الأول أن الجزائر منحت أكثر من 100 مليون دولار لمساعدة خمسة بلدان من شبه منطقة الساحل (التشاد ومالي والنيجر وموريتانيا وليبيا)، في مجال مكافحة الارهاب، مذكرا أن «المساهمة التضامنية للجزائر في مكافحة الإرهاب في شبه المنطقة الساحلية قائمة منذ أكثر من 10 سنوات من خلال لجنة قيادة الأركان العملية للجيوش وآليات تعاون أخرى»، وأن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة كٌلف من قبل نظرائه الأفارقة بالتكفل بموضوع مكافحة الإرهاب ومن تم شاطرنا العائلة الإفريقية وباقي دول العالم تجربتنا «ليس فقط في مجال مكافحة الإرهاب عن طريق السلاح، بل وأيضا تجربتنا في مجال التصدي للتطرف». وفي حديثه عما جرى في ليبيا، ندّد السيد أويحيى بعمليات الاستعباد المرتكبة في هذا البلد، معبرا عن اقتناعه بضرورة التحلي برؤية سديدة «حتى لا نوجه أصبع الاتهام لأشقائنا الليبيين الذين شهدوا دمار وطنهم وهم الآن يحاولون لمّ الشمل». وعرض الوزير الأول خلال قمة الإتحاد الإفريقي - الإتحاد الأوروبي بأبيدجان (كوت ديفوار) وثيقة حول تعهد الجزائر بمكافحة التطرف العنيف والإرهاب في إفريقيا، ذكر فيها بعرض رئيس الجمهورية «مذكرة حول الوقاية من التطرف العنيف ومحاربة الإرهاب» لنظرائه الأفارقة التي صادقوا عليها بالإجماع. وتبرز الوثيقة أن الجزائر التي عانت من الإرهاب في سنوات التسعينات تعي جيدا خطورة التهديدات ومخاطر هذه الآفة على أمن واستقرار وتنمية العديد من البلدان الإفريقية. وتضمنت كل الجهود التي بذلتها بلادنا في هذا المجال منذ التسعينيات من القرن الماضي، للتحسيس حول الطبيعة الحقيقية للإرهاب والمخاطر والتهديدات التي يسوقها وضرورة محاربته فرديا وجماعيا بواسطة وسائل قانونية ووضع آليات قانونية وطنية وجهوية ودولية جديدة. وقاية إفريقيا من التهديد الإرهابي عبر التحسيس والتجنيد ولدى تطرقها إلى المذكرة، أطرت الوثيقة العمل المستقبلي لإفريقيا في مجال الوقاية من التطرف ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب، حيث تمت الإشارة إلى أن العمل الذي يجب مباشرته خلال السنوات المقبلة هو وضع إفريقيا وشعوبها في منأى عن التهديد الإرهابي بجميع أشكاله مع تفضيل الوقاية والتحسيس والتجنيد. وتحدد المذكرة سبعة محاور أساسية لهذا العمل المشترك هي «تطوير البنية الإفريقية في مجال مكافحة التطرف العنيف والإرهاب وتطوير وإثراء المعايير الإفريقية في مجال الوقاية ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب والتكفل بمسألة المقاتلين الإرهابيين الأجانب وعودتهم أو تحركهم نحو القارة الإفريقية، إضافة إلى تقليص وتجفيف مصادر التمويل وترقية أطر سياسية ومؤسساتية وقضائية من شأنها تشجيع الديمقراطية والحكم الراشد وحقوق الإنسان ودولة القانون وكذا تطوير التعاون الإقليمي والدولي. وجدد الوزير الأول بالمناسبة استعداد الجزائر لدعم كل مبادرة تصب في اتجاه تعزيز التعاون الافريقي الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب. من جهة أخرى، أكد إدانة الجزائر بشدة للإتجار بالبشر الممارس عبر شبكات الجريمة العابرة للأوطان، موضحا في تدخل له حول موضوع «حركة وهجرة وشباب» أن هذه الجريمة تتخذ أشكالا مختلفة من الإرهاب إلى المتاجرة بالمخدرات والإتجار بالبشر. وقال إن «ليبيا هي ضحية لهذه الجريمة التي وقعت على ترابها الممزق والذي تهزه أزمة يتذكر كل واحد منا هنا ديباجتها». ولدى تطرقه إلى الجزائر، قال إنها «تواجه وضعية فريدة من نوعها وتعد من بين أكثر البلدان عرضة لتدفق الهجرة بالمغرب العربي بالنظر لاستقرارها على الصعيد الأمني وديناميكية اقتصادها»، مضيفا أنها «تواجه هذه الوضعية من خلال حشد مواردها المادية والمالية الخاصة بها والتي تتزايد دائما، مع الأخذ في الحسبان الاعتبارات الانسانية والتضامنية». وأشار إلى وضع نظم قانونية تسمح للمهاجرين بالإقامة بترابها والاستفادة بدون تمييز من الخدمات الصحية ومن التمدرس المجاني وحتى ولوج عالم الشغل. كما تبذل الجزائر «جهودا كبيرة لتعزيز المراقبة على حدودها وسواحلها وإعادة تكييف منتظم لمخططات الوقاية ومكافحة طرق عمل المهربين، تزامنا والتشاور مع البلدان الأصلية المجاورة لاسيما النيجر ومالي لتنظيم عودة الرعايا المتواجدين في وضعية غير شرعية بشكل إنساني قدر الإمكان». الجزائر مع مقاربة أكثر إنسانية في مواجهة الهجرة غير الشرعية ودعا إلى العمل على القضاء على هذه الآفة من خلال «إستراتيجية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الأسباب العميقة الواجب التكفل بها من أجل مكافحة الظاهرة بشكل فعال ودائم»، مذكرا بتمسك الجزائر بالإعلان حول الهجرة المصادق عليه في 2015 خلال الدورة العادية ال25 لندوة الاتحاد الافريقي، وبتقديمها مساهمة حاسمة في إعداد موقف إفريقي مشترك حول الهجرة والتنمية، ومشاركتها الفعّالة في القمة المخصصة للهجرة المنعقدة في لافاليت في نوفمبر 2015، مقترحا «ترقية مقاربة أكثر إنسانية وتضامنا لهذه المسألة الحساسة في إطار احترام التزاماتنا الدولية وسيادة الدول»، مشددا على أنه «إذا افترضنا أنه يجب تقاسم المسؤولية، فإن العبء المتولد عن نتائج مكافحة الهجرة غير الشرعية لا يجب أن يقع فقط على البلدان الأصلية أو بلدان العبور غير القادرة على مواجهة تفاقم هذه الظاهرة». من جهة أخرى، أكد المسؤول الجزائري أنه «إذا كانت الشراكة ضرورية لمعالجة هذه الظاهرة، فإنها يجب أن تشمل بتوازن، مصالح وانشغالات البلدان الأصلية وبلدان العبور بالتساوي مع البلدان المستقبلة». للإشارة، تحادث الوزير الأول خلال تواجده بأبيدجان مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد الذي تطرق معه لعدة قضايا إفريقية، كما تحادث مع نظيره البلجيكي شارل ميشال حول واقع العلاقات الثنائية والمسائل الإقليمية والدولية.