سجلت خدمة «يسير» للنقل الحضري التي أطلقتها مجموعة من الشباب الجزائريين، رواجا كبيرا منذ بداية تشغيلها في سبتمبر الماضي، حيث تعاقدت شركة «يا تكنولوجي» التي تسيّر هذه الخدمة عبر تطبيقة إلكترونية مع نحو 5000 سائق منهم 1000 دخلوا في النشاط بشكل فعلي؛ من خلال نقلهم الزبائن بالعاصمة، في حين تستهدف الشركة التي دخلت في نقاش مع وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي حول إمكانيات ضمان التغطية الاجتماعية للسائقين المتعاقدين، تستهدف التعاقد مع 100 ألف سائق ونقل 3 ملايين زبون والانتشار عبر عدد من المدن الجزائرية الكبرى خلال السنتين القادمتين. «يسير» التي تبدو في مفهومها السطحي مجرد تطبيقة إلكترونية يتم تحميلها على الهاتف الذكي أو جهاز الكمبيوتر، هي في الواقع وسيلة عصرية للنقل الحضري، تضمن الربط بين المواطن والسائقين المتعاقدين مع الشركة التي تؤطر الخدمة، لتسهيل التنقل عبر مختلف جهات العاصمة في وقت قياسي ووفق تسعيرة مدروسة، يوافق عليها الزبون قبل بداية الرحلة. هذه الوسيلة العصرية التي أطلقها مجموعة من الشباب الجزائريين في إطار المؤسسة المصغرة «يا تكنولوجي» التي تم إنشاؤها مع شريك أمريكي وفق قاعدة 49/51 بالمائة التي تنظم الاستثمار في الجزائر، تحظى بدعم ومرافقة كاملة من قبل السلطات العمومية، لا سيما منها مصالح مديرية النقل لولاية الجزائر، ووزارة التشغيل والعمل والضمان الاجتماعي التي تدرس مع الشركة إمكانية تسجيل السائقين المتعاقدين مع الشركة غير المنتسبين إلى الصناديق الوطنية للضمان الاجتماعي، لتمكينهم من حقوق التغطية الاجتماعية؛ بالنظر إلى ما تقدمه هذه المؤسسة المصغرة من إمكانية هامة للتوظيف. وحسب المدير العام لشركة «يا تكنولوجي» مهدي يطو، فإن خدمة «يسير» تتيح إمكانية العمل لمختلف فئات السائقين بمن فيهم سائقو سيارات الأجرة، الراغبون في الاستفادة من هذا النظام العصري للنقل وفئات أخرى من مالكي السيارات، الذين يرغبون في دعم دخلهم اليومي، موضحا أن المعايير الوحيدة التي تعتمدها الشركة هي تلك التي تبنى عليها علاقة الثقة المطلوبة في مثل هذه الخدمات، حيث يُشترط في هذا الإطار على السائقين المتعاقدين مع الشركة إدراج صحيفة السوابق العدلية ضمن ملف التسجيل، الذي يتضمن أيضا وثائق تحديد الهوية والوثائق الكاملة التي تؤكد سلامة وحداثة السيارة. أما بخصوص الاستفادة من خدمة «يسير» فهي تقتصر على التسجيل على التطبيقة الإلكترونية التي يتم تحميلها من قبل المواطنين على جهاز الهاتف الذكي، حيث يمكن للمواطن أن يطلب سيارة لنقله بدون عناء الخروج من البيت، مع تمكينه من معرفة تسعيرة الرحلة والموافقة عليها، ثم توجيه طلبه إلى أقرب سائق متعاقد مع الخدمة موجود في محيط الزبون طالب السيارة. أما بخصوص طريقة تعاقد السائقين مع الشركة للتسجيل في الخدمة، فهي تتم أيضا عبر تطبيقة خاصة تسمى «يسير سائق»، يتم عبرها تسجيل كل المعلومات الخاصة بالسائق في مرحلة أولى قبل تنقله إلى مقر الشركة لإيداع الملف بشكل رسمي، مع الإشارة إلى أن السائقين المتعاقدين لا يحق لهم التصرف في تسعيرة الرحلة أو إعادة التفاوض حولها مع الزبون بعد أن يؤكد هذا الأخير موافقته عليها عبر التطبيقة الإلكترونية، فيما تعود للسائق المتعاقد في نهاية الأمر 75 بالمائة من قيمة التسعيرة، بينما يدفع 25 بالمائة الأخرى للشركة المديرة لخدمة «يسير»، التي تقتطع منها الرسوم الجبائية التي تُدفع للمصالح الولائية المختصة. وتأتي خدمة «يسير»، حسب السيدة لامية عشوش مديرة العلاقات العامة بشركة «يا تكنولوجي»، لتدعم مجال النقل الحضري في العاصمة، ثم في المدن الجزائرية الكبرى التي تعاني من نقص فادح في خدمات النقل، حيث يُرتقب أن توسع «يسير» خدمتها إلى ولاية وهران قبل نهاية العام الجاري أو بداية السنة القادمة على أقصى تقدير. ونفى المشرفون على هذه الخدمة العصرية، أن يكون دخولها سوق النقل الحضري في الجزائر، يسبب اعتراضا من قبل سائقي سيارات الأجرة، مثلما حدث في فرنسا مع خدمة «أوبير»، مبرزين أن الاحتياجات الملحة على خدمة النقل في الجزائر، تتيح المجال لكل المبادرات والشركات الراغبة في تقديم هذه الخدمة الاجتماعية، التي تعود منافعها ومزاياها في آخر المطاف على المواطن، لا سيما أن المنافسة في هذا المجال لا تخرج عن إطار قواعد النزاهة والشفافية. كما تراعي خدمة «يسير» ضمن شروط التعاقد مع السائقين، ضرورة احترام عادات وتقاليد المجتمع الجزائري، والالتزام بالأخلاق المطلوبة في مثل هذه المهام، حيث كشف المشرفون على هذه الخدمة في هذا السياق، أن الشركة اضطرت لفسخ عقود بعض السائقين الذين تم إثبات إخلالهم بالنظام العام للعمل، لافتين في هذا الصدد إلى أن تطبيقة «يسير» تتيح الفرصة للزبون لتقييم السائق، مثلما تتيح المجال للسائقين لتقييم الزبائن، وتمكين الشركة من تشجيع العمل مع كل طرف معني أو توقيف العمل معه. ولتجاوز مشكل الخلط في تسميات بعض الشوارع عند تحديد موقع تواجد الزبون، ارتأت الشركة إلى العمل وفق نظام التحديد الجغرافي للمناطق «جي بي أس»، في الوقت الذي تفكر في إدراج خدمات إضافية موجهة خصيصا لفئات ذوي الاحتياجات الخاصة، على غرار إدخال نظام التواصل الصوتي بالنسبة للمكفوفين، وإمكانية التعاقد مع السائقين المالكين لفئات خاصة من المركبات.