تضمن القوانين المنظّمة لمهنة سائقي الأجرة حقوق الزبائن بشكل شامل يمنع محترفي هذه المهنة من ارتكاب المخالفات، خصوصا في المدن الكبرى، ومنها العاصمة التي تفتقد إلى مخطّط شامل للنقل العمومي يتيح لساكنيها التنقّل دون استفزازات، فالواقع مغاير تماما لما ينصّ عليه القانون. في قراءة للنصوص القانونية والتنظيمية المتعلّقة بمهنة سائقي الأجرة، فإنها تمنع عليهم رفض السفريات أو انتقاءها عندما يكون ''الطاكسي'' غير مشغول. غير أنه يمكن لسائقي سيارات الأجرة الفردية أن يرفضوا كل سفرية عندما يكون مقصدها خارج حدود الولاية التي يعملون عبر إقليمها. كما يُمنع رفض التكفّل بالأشخاص المعاقين وبعرباتهم القابلة للطيّ، أو حمل عدد من الأشخاص يفوق عدد المقاعد المسجّل في دفتر الصيانة. أما بالنسبة للشروط التي ينبغي أن تتوفّر في سيارة الأجرة، فهي مرتبطة بالصيانة الدائمة والنظافة، علاوة على سعة حمل الأمتعة في حدود 15 كيلوغراما عن كل مقعد، وحقيبة ملائمة للإسعافات الأولية ومطفأة الحريق صالحة للاستعمال ومثلّث للإشارة المسبقة وغلاف معتم يخصّص لتغطية الجهاز الضوئي عندما لا تكون السيارة في وضعية الخدمة. وينبغي أن تلصق الأسعار المطبقة وجوبا داخل سيارات الأجرة، ويمنع كل إشهار آخر، مهما كان شكله داخل السيارات أو خارجها. وتشتمل تعريفة سيارات الأجرة الفردية على تعريفة التكفّل والسعر الكيلومتري وتعريفة الانتظار أو السير البطيء كمعطيات رئيسية، علاوة على الزيادة في التعريفة مقابل السير ليلا وسعر نقل الأمتعة كمعطيات إضافية. ويُمنع دفع التكاليف إلى السائق في حال توقّف الرحلة بسبب عطب أو حادث تقني. واعتبر القانون أن السائق يرتكب المخالفة في حالات عدم احترام إلزامية تقديم الخدمة، وعدم مراعاة قواعد الاستغلال، ورفض تقديم الخدمة، وغياب العدّاد، وعدم تعليق الأسعار أو في حالة تزويرها، وسوء حالة السيارة، وعدم احترام التدابير المقرّرة في مجال توفير الخدمات واستمراريتها، وعدم احترام قواعد الوقوف، وسوء التصرّف إزاء الزبون كاستعمال جهاز الراديو والمسجّلة دون موافقة الزبون، بالإضافة إلى الإدلاء بمعلومات خاطئة عن المسكن. ويشترط على السائقين أن يستجيبوا لجميع طلبات مصالح الأمن، وأن يرتدوا لباسا نظيفا ومقبولا، ولا يمكن أن يشكّل أيّ خطر أو إعاقة في قيادة السيارة وعلى راحة الزبون، وأن ينقلوا الزبائن إلى مقصدهم، عبر المسلك الأقرب، إلا إذا أرشد هؤلاء إلى مسلك آخر، ويحترموا خطوط السير المقرّرة مسبقا عندما يتعلّق الأمر بسيارة الأجرة الجماعية. وفي حال سوء التصرّف إزاء الزبون، فالعقوبة المسلّطة على سائق الأجرة تتمثّل في وضع السيارة في المحشر مدّة ثمانية أيام على الأكثر، مع إمكانية رفع المدّة من 15 إلى 45 يوما بعد استشارة اللجنة التقنية لسيارات الأجرة، علاوة على السحب المؤقّت لدفتر المقاعد لمدة ثلاثة أشهر في حال ارتكاب المخالفة مجدّدا، والسحب النهائي للدفتر في حال إعادتها في غضون الأشهر الاثني عشرة التي تلي النطق بعقوبة السحب المؤقّت. ويُلزم القانون باحترام قواعد الوقوف المطبّقة في المحطّات الحضرية ومساحات الوقوف بالنسبة للخدمات ما بين الولايات، وكذا على مستوى المطارات والموانئ ومحطّات الحافلات والقطارات وغيرها. وأن يظهروا بمظهر اللباقة والأدب في علاقاتهم بالزبائن، وأن يودّعوا الأمتعة، إن نسيها الزبائن في سياراتهم، خلال 24 ساعة في محافظة الشرطة أو فرقة الدرك الوطني الأقرب أو في مصلحة سيارات الأجرة. في المقابل، يكفل القانون حقوق سائقي الأجرة عند تأدية وظيفتهم على أكمل وجه. ويتمثّل أولها في الحصول على الأجرة بناءً على ما يشير إليه العداد. كما يسمح القانون برفض نقل الأشخاص في حالة سكر، وكذا رفض التكفّل بالأشخاص الذين من شأن لباسهم أو أمتعتهم أن تلوّث أو تتلف السيارات من الداخل، وكذا الأشخاص المصحوبين بحيوانات، أو أي متاع يكتسي مقاسه أو محتواه طابعا خطيرا، أو من شأنه أن يلوّث أو يتلف داخل السيارة أو خارجها.
رئيس النقابة التابعة لاتحاد التجّار حسين آيت براهم ''الفوضى في نشاط سيارات الأجرة تعود إلى غياب منظومة نقل فعلية'' كشف رئيس نقابة سائقي سيارات الأجرة التابع للاتحاد العام للتجار والحرفيين، حسين آيت براهم، أن الخروقات المرتكبة في هذا النشاط تعود أساسا إلى غياب منظومة نقل وحوار حقيقي بين محترفي هذه المهنة والمصالح العمومية المعنية بتسيير القطاع. أكّد آيت براهم، ل''الخبر''، أن سائقي سيارات الأجرة يجدون أنفسهم مجبرين على العمل خارج القانون، في غياب منظومة ومخطّط نقل حضري. وليبرّر موقفه أشار إلى أن التسعيرات المطبّقة لنقل المواطنين لا تراعي الأعباء التي يتحمّلها سائقو الأجرة. هذا الأمر يدفع هؤلاء إلى التعدّي على القوانين، مثل فرض الوجهة على زبائنهم أو تحديد تسعيرة غير شرعية، خصوصا في المدن الكبرى التي تعرف اكتظاظا في حركة المرور. فالوقت المستغرق لقطع كيلومتر واحد في العاصمة يصل في بعض الأحيان إلى 40 دقيقة، وهو أمر مكلّف بالنسبة للسائقين، من حيث الجهد البدني وإضاعة الوقت، وبالتالي خسارة مداخيل يُفترض أن تدخل حساباتهم. وشدّد المتحدث على أن المسألة تتطلّب حوارا حقيقيا بين الأطراف المعنية بالمهنة، ويقصد المتحدّث الحوار بين ممثّلي سائقي سيارات الأجرة والوصاية، الذي يهدف إلى إقامة منظومة نقل مماثلة لتلك المتوفّرة في الدول المجاورة على الأقل، مثل تونس والمغرب. فهذه المنظومة يجد كل طرف فيها مصلحته، سواء المهني أو الزبون. واعتبر حسين آيت براهم أن هذا الحوار غائب، بدليل أن قرارات الزيادة في التسعيرة، الصادرة مؤخّرا، جاءت في اتجاه مخالف لمطالب سائقي سيارات الأجرة. وأوضح أن ممثّلي سائقي سيارات الأجرة كانوا يطالبون بزيادة تسعيرة سيارات الأجرة الجماعية وليس الفردية، لكن الوصاية أصرّت على العكس، ما سيجعل المهنة تتدهور أكثر، وبالتالي سيتمّ ارتكاب مخالفات أكبر، لأن الزيادة في تسعيرة سيارات الأجرة الفردية لا تغطّي حتى تكاليف الصيانة، في حين أنها ستقتل النشاط. من جانب آخر، أشار محدّثنا إلى أنه لم يتمّ الأخذ بعين الاعتبار مطلب حلّ مشكل رخصة المجاهد، التي يتناقص عددها مقابل ارتفاع عدد السائقين منذ 2010، ما يفتح المجال لارتفاع قيمة إيجارها الشهرية، وأيضا لتوجّه عدد كبير من السائقين الشباب إلى العمل السري وغير الشرعي.
يرفضون تسعيرة العدّاد ويطالبون بثمن ''الكورسة'' ''الطاكسيور'' يفرض وجهة زبائنه في العاصمة عبّر العاصميون، الذين تحدّثوا ل''الخبر''، عن استيائهم من خدمات ''الطاكسي'' التي لا تدخل في نطاق الخدمة العمومية، فالعديد من أصحاب السيارات لا يحترمون زبائنهم ويرفضون التوجّه إلى العديد من المناطق، بدعوى الازدحام المروري الخانق. من المتعارف عليه عالميا أن الزبون يختار وجهته أثناء ركوبه لسيارة ''الطاكسي''، لكن في الجزائر، خاصة بالعاصمة، الأمر يسير عكس العرف، لأن ''الطاكسيور'' هو الذي يحدّد وجهة الزبون، وتسعيرة الرحلة في حال ما إذا كانت بالعدّاد أو الرحلة ''الكورسة'' كما يحلو لهم تسميتها، ليتحوّل أصحاب سيارات ''الطاكسي'' إلى مهنة ''الكلونديستان'' بامتياز. البداية كانت ساحة أول ماي في العاصمة، بالقرب من مستشفى مصطفى باشا الجامعي، حيث اصطف العشرات من المواطنين في انتظار سيارة ''طاكسي''، إلا أن كل أصحاب السيارات كانوا لا يردّدون إلا كلمة واحدة ''الأبيار.. الأبيار''، أي يتوجّهون إلى الأبيار فقط، أما بالنسبة للمتوجّهين إلى مناطق أخرى، كالمرادية أو حيدرة وبن عكنون، فإنهم مجبرون على الانتظار لساعات، مثلما عبّرت إحدى السيدات التي كانت في قمّة الغضب: ''منذ ساعة وأنا أنتظر ''طاكسي'' إلى حيدرة، إلا أن جميعهم يتوجّهون إلى الأبيار فقط. الجزائر البلد الوحيد الذي يقرّر فيه صاحب الطاكسي وجهة الزبون''. والشيء نفسه بالنسبة للمتوجّهين إلى باب الواد وعين البنيان وساحة الشهداء، فالعديد من أصحاب ''الطاكسي'' يرفضون الذهاب إلى هناك بحجّة الاختناق المروري، وبالتالي وقوع المواطن ضحية غياب الرقابة من قِبل وزارة النقل واتحادية الناقلين لسيارات الأجرة. وتزداد الوضعية تأزّما بالضاحية الغربية للعاصمة، كبلديات العاشور والدرارية والدويرة وبابا حسن، فبمجرّد حلول الخامسة مساءً تنقطع المواصلات، ويجد العديد من المواطنين أنفسهم تحت رحمة أصحاب سيارات الطاكسي، الذين يتحوّلون إلى ''كلونديستان''، حيث لا يقل ثمن ''الكورسة'' عن 400 دينار.
الجزائريون ينفقون ما بين 2000 و3500 دينار على النقل شهريا يقدّر متوسّط إنفاق الأسر الجزائرية على النقل ما بين 2000 دينار إلى 3500 دينار، مع متوسّط 3000 دينار كمعدّل شهري. وتظلّ الحافلة، بالنظر لتواضع كلفتها، الوسيلة الأكثر استخداما من قِبل الجزائريين، رغم المصاعب الكبيرة التي تواجه مستخدميها، سواء من حيث عدم احترام المقاييس أو تجاوز قدرة الاستيعاب. ويبقى متوسّط الإنفاق لدى الأسر المتواضعة أقلّ، في حدود 1200 دينار إلى 1500 دينار شهريا، علما بأن متوسّط تنقّل الفرد يوميا يقدّر ب50 دينارا، مع ارتفاعه إلى حدود 100 دينار مع اعتماد الميترو والتراموي في بعض المحاور المحدودة من العاصمة. وتبقى حافلات النقل الحضري الوسيلة الأكثر استخداما، بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 40 بالمائة، سواء تعلّق الأمر بالتنقّل وسط المدينة أو الضواحي، بينما تبقى خدمة ''الطاكسي'' متواضعة، لغياب مقاييس الاحترافية، بينما أضحى النقل الموازي يأخذ نصيبا كبيرا، خاصة على مستوى الضواحي لانعدام أو نقص خدمات النقل العمومي. وتغطّي سيارات النقل غير الرسمية، أو ما يعرف ب''الكلونديستان'' نطاقا واسعا، خاصة في الأحياء التي لا تضمنها سيارات الأجرة والحافلات الخاصة التي تتوقّف عن النشاط في حدود السابعة مساءً، وحتى العمومية أيضا، إذ أصبح ''الكلونديستان'' يضمن الخدمة العمومية.
معدّل تنقّل الجزائريين يتراوح ما بين 110 و160 دقيقة قدّر خبراء في مجال النقل متوسط تنقّل الجزائريين في المدن الكبرى، منها العاصمة، ما بين 110 دقيقة و160 دقيقة في محيط لا يتجاوز 20 كلم، خاصة داخل المدن، وهي من أعلى المستويات عالميا، بسبب قِدم شبكة النقل وانعدام مخطّط واضح للتوقيت وللمسارات وعدم التغطية الواضحة لكافة المناطق. ويفيد الخبراء أن هذه الوضعية لا توجد في أكثر الدول اكتظاظا بالسكان، إذ يقضي المواطن للتنقّل ما بين ساعتين وثلاث ساعات كمتوسط يوميا، في محيط لا يتجاوز 20 كلم، ما يكشف عن التخلّف الذي يعانيه القطاع في الجزائر منذ 30 سنة. ويعاني القطاع من غياب سلطة الضبط، خاصة بالنسبة للنقل الحضري، وغياب تنظيم مضبوط ومدروس ومحكم، على غرار ما هو موجود بالنسبة لخدمات سيارات الأجرة التي تنشط في مجملها خارج الأطر القانونية، وتفضّل عدم استخدام العدّادات وتحديد المسارات التي تساعدها، إذ إن هذه الخدمة تعاني تخلّفا كبيرا بالنظر لانعدام دراسة دقيقة لتوزيع جغرافي يحدّد الحاجيات، فقد لُوحظ انعدام الخدمة في غرب الجزائر العاصمة مثلا مقابل تركيز كبير على وسط المدينة وشرقها. والأمر نفسه يُطرح في المدن الكبيرة ومتوسطة الكثافة السكانية، وفي غياب دراسات مسحية ودراسات جدوى وأثر، فإن القطاع لا يزال عرضة للفوضى، ما ينعكس سلبا على الخدمة العمومية، فعدد سيارات الأجرة في العاصمة يقدّر بحوالي 13 ألف سيارة، إلا أن تقديرات خبراء في الميدان تشير إلى أن نسبة كبيرة غير مستغلة، ناهيك عن مشكل فرض ''رخصة المجاهدين'' لمزاولة النشاط وتوقّف عدد منهم بعد تعذّر تجديدها. فضلا عن ذلك، فإن التوزيع لا يخضع لأيّ مقاييس مدروسة، والنتيجة أن الخدمة منعدمة في مناطق، مقابل أعداد تفوق الحاجة في مناطق أخرى.