دعا المشاركون في فعاليات اليوم الدراسي حول «ترقية حرفة النحاس، الآفاق والتحديات» الذي احتضنته المدرسة الجهوية للفنون الجميلة بقسنطينة، مؤخرا، دعوا إلى تضافر جهود الفاعلين في الميدان؛ قصد النهوض بحرفة النحاس لإنعاش القطاع السياحي وتنويع الاقتصاد الوطني؛ باعتبار أن حرفة النحاس تجسّد تاريخ وأصالة عاصمة الشرق، مطالبين حرفي النحاس بالانتقال من فكرة التسويق والبيع العادي إلى تشكيل موقع إلكتروني لبعث الحرفة حتى تبقى للجيل الصاعد. المحاضرة سامية هادفي من كلية الفنون والثقافة بجامعة صالح بوبنيدر، أكدت خلال مداخلتها حول موضوع «تاريخ فن صناعة النحاس»، أن الجزائر في وقت مضى، كانت من بين الدول التي تصدّر النحاس إلى الخارج؛ إذ تتوفر على أكبر مناجم النحاس، مشيرة إلى أن عاصمة الشرق احتلت مكانة هامة في حرفة النحاس والنقش؛ فهي مازالت تحتفظ ببريقها الخاص، كون النحاس لايزال يحتل مكانة مرموقة رغم العديد من المشاكل التي تواجهها الحرفة التي توارثها الأبناء عن آبائهم وأجدادهم. كما تطرقت المتدخلة إلى البدايات الأولى لاستعمال النحاس بقسنطينة، والتي كانت إبان حكم الدولة العثمانية، من خلال صنع أدوات الفارس؛ من سرج الخيل وتزيين الأسلحة، وكذا الأواني المنزلية ولوازم الحمّام وغيرها من الأدوات الأخرى، التي لاتزال شاهدة على الحرفة إلى يومنا هذا. وتحدثت المحاضرة مطولا عن ولوع الشباب القسنطينيين بحرفة النقش على النحاس، وعن الاتفاقيات المبرمة في هذا الشأن، حيث تطرقت لمشروع تجميع النحاس بقسنطينة المسطر من قبل الاتحاد الأوروبي، والذي ساهم بشكل كبير، في إظهار إمكانيات طلبة الفنون الجميلة في مجال النقش، خاصة أن المشروع شمل دورات تكوينية ومحاضرات من قبل مختصين وخبراء دوليين في المجال، على غرار خبير إيطالي عالمي في الرسم، أشرف على تكوين الحرفي، إضافة إلى خبير عالمي في خلق التجمعات الثقافية والإبداعية وغيرهما، مشيرة في السياق إلى أن مشروع تطوير التجمعات أعطى الشباب فرصة إبداع قطع نحاسية تعبّر عن تراث المدينة وتاريخها. من جهته، مدير غرفة الصناعات التقليدية والحرف المنظمة لليوم الدراسي، تحدّث خلال مداخلته، عن مشروع تجميع النحاس بقسنطينة، الذي شُرع في تجسيده منذ سنتين ويشرف على الانتهاء، والمموَّل من قبل الاتحاد الأوروبي تحت وصاية الأممالمتحدة المكلفة بالتطوير الصناعي، حيث قال السيد بن أعراب: «إن المشروع الذي جاء لتدعيم 300 حرفي للنقش على النحاس بقسنطينة، يهدف إلى محاولة الارتقاء بالحرف الإبداعية والثقافية، إذ مس عددا من الدول العربية، على غرار فلسطين، مصر، لبنان، الأردن، تونس، المغرب والجزائر، هذه الأخيرة التي قُسمت من قبل الهيئات المشرفة على المشروع، إلى 17 منطقة حرفية خلال سنة 2013، وعلى أساسها تم استقبال ملفات الحرفيين من 14 ولاية، ليقع الاختيار بعد التصفيات، على كل من ولاية باتنة الرائدة في صناعة الحلي، وقسنطينة في حرفة النقش على النحاس، موضحا أن «غرفة الصناعات التقليدية والحرف أرسلت عيّنات من تحف النحاس إلى الدنمارك، وهي التحف التي لاقت إعجابا كبيرا منهم؛ الأمر الذي جعلهم يطالبون بالحصول على تحف أخرى، غير أن الغرفة لم تتمكن من تلبيتها؛ نظرا لقلة الحرفيين وتشتّتهم»، معتبرا أن هذا هو السبب الرئيس الذي صعّب من لمّ شمل الحرفيين والتوجه مستقبلا إلى تصدير النحاس ذي النوعية الجيدة. للإشارة، اختُتم اليوم الدراسي بإبرام اتفاقية شراكة بين المدرسة الجهوية للفنون الجميلة التابعة لجامعة قسنطينة وغرفة الصناعات التقليدية والحرف، حيث تقرر إدراج مقياس حرفة النحاس في البرنامج الدراسي لطلبة المدرسة؛ بهدف تطوير الحرفة وخلق مؤسسات مصغرة تجمع حرفيين وطلبة جامعيين لتغطية السوق الوطني وتصدير المنتجات إلى الخارج. كما تقرر فتح ورشة للطلبة مع تدعيمها بالعتاد والمادة الأولية، تحت إشراف حرفيين يقومون بتدريسهم طريقة النقش على النحاس. ❊ شبيلة.ح