تعرّت خشبة المسرح الوطني «محيي الدين بشطارزي»، ليلة أول أمس، كاشفة عن مفاتنها، لتحتضن المهرجان الوطني الثاني عشر للمسرح المحترف. وقد تجمّل الركح بأضواء مدهشة، جعلت الصرح يبدو أرحب كما هو دائما أبو الفنون؛ واسع بكل ألوانه الإبداعية، وشكل إخراج حفل الافتتاح علامة فارقة في تاريخ المهرجان، إذ لم يسبق أن رفعت كل الستائر أمام جمهور تدفق كما السيل ليروي عطشه. واختير لحفل انطلاق هذه التظاهرة المسرحية حفل مميز ببساطته، حيث كانت الأدوات السينوغرافية والأضواء والخشبة والموسيقى حُللا وشّحت المهرجان، ويؤذن في بيت بشطارزي للمنافسة المسرحية المتمثلة في 16 عرضا يقدم إلى غاية 31 ديسمبر الجاري. جرى الحفل بحضور وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، إلى جانب عدد من إطارات وزارة الثقافة ومشاركة غزيرة لمسرحيين من الجيلين. في المستهل، رحّب محمد يحياوي محافظ المهرجان بالحاضرين، وخاطبهم قائلا: «إن الدورة ستكون فاتحة ومتجددة للفن والإبداع، يُرفع فيها الستار على منافسة عنوانها التميز». وتابع: «لطالما كانت الجزائر ولاتزال حاضنة أحلام وطموحات وتجليات المسرحيين الجزائريين». من جهته، أكد وزير الثقافة عز الدين ميهوبي أن وصول المهرجان إلى الدورة الثانية عشرة يعكس المسرح كحدث سنوي يجب المحافظة عليه مهما بلغت الأوضاع المالية. ونوّه بالمنظمين الذين حرصوا رغم الميزانية الشحيحة، على الاستمرار؛ لأنهم أحسنوا التسيير وتخلّصوا من الأعباء الإضافية التي تثقل المهرجانات. ويرى أن ما يهم الحاضرين هو تقديم أشياء جديدة تقدَّم في كل دورة. وثمّن الوزير تألق عدد من الفرق المسرحية الجزائرية في مهرجانات عربية، وهو مبعث للاعتزاز والفرح، إذ يصبح دافعا لبقية المسارح لتقدم الجديد والجميل. وعبّر ميهوبي عن أسفه بخصوص عدم مواكبة طرحه، المتمثل في تبنّي الاقتباس من النصوص الجزائرية. وجدّد دعوته كل المسارح للاقتباس من الأدب الجزائري، وتقديم مسرح جزائري خالص، لتكون التجربة الجزائرية مكتملة، لأن اللجوء فقط إلى النصوص العالمية فيه جزء من المبالغة. وحث المسرحيين على قراءة نصوص جزائرية والاقتباس منها وتقديمها للمسرح. وأعاز: «إن لم نقدم نحن مسرحا جزائريا لا ننتظر من الآخرين تقديم نصوص لروح المجتمع الجزائري. هناك أعمال رائعة تُكتب كل سنة، إذن أقرأوا وستجدون النصوص التي تصلح، بلا شك، للاقتباس». وتطرق المتحدث لمسألة التوزيع، حتى يتم السماح للأعمال المسرحية بأن تعمّر طويلا، لأن المسرحية الناجحة هي التي تستمر. وبالمناسبة، حيّا عودة مسرحية «بابور غرق». وجرى تقديم لجنة تحكيم الدورة الثانية عشرة، التي يترأسها الناقد المسرحي علاوة جروة، ومعه في العضوية عزري غوتي ولطفي بن سبع وبخاري حبال وسعاد سبكي. افتُتحت المنافسة بعرض من مسرح قسنطينة الجهوي «الحاج الطاهر فرقاني» عنوانه «سلالم الظلمة» للمخرج كمال فراد، وهو عمل حاول أن يسلط الضوء على جدلية السلطة والفكر في قالب ساخر. ❊دليلة مالك