أصبحت ظاهرة التحرش الجنسي تأخذ حيزا واسعا في أحاديث ومناقشات الطلبة لاسيما الطالبات، بعد أن أخذت الظاهرة بعدا مقلقا في الوسط الجامعي، خصوصا داخل حافلات نقل الطلبة، وهو ما يجعلنا نطرح عدة تساؤلات، خاصة إذا ما تعلق الامر بطالب يعتدي على زميلة. وفي محاولة لتشريح الظاهرة التيقانا مجموعة من الطلبة والطالبات وسألناهم عن الموضوع فكانت ردودهم مختلفة، إلا أنها اجمعت على انتشار الظاهرة. "نعيمة" طالبة بمدرسة الاساتذة تقول إنها شاهدت أحد الراكبين يضايق طالبة، وكان يتبعها أينما ذهبت، ولما استنجدت بالطلبة أنجدوها منه بتهديده حتى يكف عن إيذائها. أما "أحلام" فتقول إن مضايقة أحدهم لها انتهت بشجار حاد بين الطلبة والمعتدي الذي أجبر على النزول من الحافلة، حيث كان يتلفظ بكلمات كلها سب وشتم، لكن ما أصرت "أحلام" على ذكره هو أن هذا الشخص كان يحمل محفظة، مشيرة الى أنه طالب مثلمها "هذا ما يحدث جوا مليئا بالقلق والحذر داخل الحافلات". وتوضح نسرين من مدرسة الاساتذة أن الظاهرة تعدت كونها أحداثا عارضة، لأن هناك من صار يحترف التحرش اليومي بالبنات، مضيفة أنها شهدت مناوشات كثيرة، كان بطلها أحد الكهول الذي ينتقل من حافلة لأخرى ولايختار منها إلا الممتلئة بالطلبة لكي يتسنى له القيام بفعلته دون أن يلاحظه الركاب، لكن الغريب في الأمر هو سماح السائقين لهذا الغريب بالركوب مع الطلبة، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول كيفية تمكن غرباء من ركوب حافلات الطلبة!.
تنعت بالمريض إذا دافعت عن نفسك!! وإذا نظرنا الى ردة فعل الطرف الاخر (المتحرش) فإنها تتسم في معظم الحالات بالعدوانية واللاأخلاقية والتي تعتبر ردة فعل طبيعة بالنظر الى الموقف الضعيف الذي يكون فيه المتسبب في الاعتداء، ففي هذا الاطار يقول سليم من جامعة "بوزريعة" اضطررت للشجار وسماع أقبح النعوت من أحدهم، حيث اقترب من صديقتي أكثر من اللزوم، فوصفني "بالموسوس" و"المخلوع" لمجرد أني دافعت عن صديتي" مضيفا أن معظم الاعتداءات تكون تحت غطاء التحرر والتحضر.
تتهمه بالسرقة لتنجد نفسها!! ولأن الحاجة تولد الابتكار فإن بعض الطالبات اهتدين الى أفكار جديدة للدفاع عن أنفسهن وإشفاء غليلهن وفي نفس الوقت توريط من يعتدى عليهن فمثلا "أسماء" طالبة بمعهد الصحافة تعرضت لمحاولة اعتداء، فاتهمت المتحرش بالسرقة لأنها خجلت من التصريح باعتدائه عليها، فقام السائق بإنزاله، في المقابل لجأ بقية الطلبة الى إمطاره، ببقايا الطعام والقارورات.
منحرفون يستقلون حافلات نقل الطلبة ومن الامور التي تقلق الطالبات هو تغلغل بعض الشواذ والمنحرفين داخل الوسط الطلابي خصوصا إذا تعلق الامر بالنقل، فتجد الكثير منهم يفضلون حافلات الطلبة لمجانية النقل، وكذا سهولة الاقتراب من الطالبات، فمثلا "حنان" من جامعة "بوزريعة" ترثى لحال هذه الجامعة وتقول إنه حتى الكلاب الضالة تدخلها، فلم لايدخلها المنحرفون الذين لا يمتون بصلة الى العلم؟! مؤكدة أنه عند ركوب حافلات نقل الطلبة، يجب الحذر لأن المنحرفين الذين صاروا يتقنون الاعتداء على الطالبات دون تدخل زملائهم الطلبة في كثير من الاحيان. مظهر الطالبات هو السبب! وعن سبب انتظار الظاهرة يقول "عمي محمد" أحد سائقي الحافلات أنه في كل مرة يسمع الكثير من شكاوى الفتيات، لكنه كما قال لا يستطيع الدفاع عن طالبات يقمن بفتنة زملائهن الطلبة، معبرا عن تذمره من مظهرهن ولباسهن الذي وصفه بالفاضح والمبالغ فيه، لكنه استطرد قائلا أنه في بعض الاحيان يستقل الحافلات أشخاص ليس لهم علاقة بالجامعة، يضايقون الفتيات، مشيرا إلى أنه ليس بإمكانه مراقبة الصاعد والنازل من الحافلة في ظل الزحام والعدد الهائل للطلبة، كما شدد على دور أعوان الامن في محطات النقل الجامعي.
ملء الفراغ هو العلاج وفي توضيح لأسباب الظاهرة وسبل علاجها شددت أخصائية في علم النفس على ضرورة ملء الفراغ الذي يعاني منه الطلبة بتوفير المكتبات ومرافق التسلية الشبابية، موضحة أن سبب هذه الظارة يعود في الاساس الى نقص الوازع الاخلاقي والديني، وكذا طغيان الثقافات الغربية البعيدة عن الأخلاق الإسلامية.