توجت أشغال الدورة الخامسة للجنة المشتركة الجزائرية الكويتية التي انعقدت أمس بعد 21 سنة من الانقطاع بالتوقيع على مذكرة تفاهم حول التعاون في مجالات الشؤون الدينية والشباب والرياضة والأرشيف وعلى بروتوكول إتفاق بين الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة وغرفة التجارة الكويتية. وكانت أشغال اللجنة المشتركة التي ترأسها وزيرا ماليتي البلدين السيدان كريم جودي ومصطفى جاسم الشمالي انطلقت صباح أمس بتأكيد البلدين عزمهما القوي على استدراك التأخر الحاصل على مستوى علاقات التعاون الثنائي وذلك تجسيدا للإرادة القوية المعبر عنها من قبل قائدي البلدين رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. ودرست اللجنة في أشغالها ورقة عمل مشتركة تشمل فرص الاستثمار المتاحة في البلدين للوصول إلى انطلاقة جديدة في العلاقات الثنائية في مختلف المجالات. وبالمناسبة دعا وزير المالية السيد كريم جودي إلى ضرورة اغتنام الفرص التي تتيحها العلاقات الاقتصادية الجزائرية الكويتية للارتقاء بالتعاون الثنائي إلى مستوى التعاون الاستراتيجي، مشيرا إلى أن الطرفين بحثا خلال هذه الدورة عدة مشاريع قيد الدراسة، تخص قطاعات النقل والطاقة والعدالة والشؤون الدينية والشبيبة والرياضة، للنظر في إمكانية تجسيدها على أرض الواقع من أجل إحداث نقلة نوعية في العلاقات الثنائية. وأبرز الوزير في هذا الإطار أهمية الاتفاق المتوصل إليه بشأن إنشاء مجلس أعمال بين البلدين، بالنظر لما يمكن أن يلعبه هذا المجلس في مجال بعث الاستثمار وإضفاء الحيوية للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، مشيرا في تصريح على هامش أشغال الدورة أن هذا المجلس سيتم إنشاؤه بعد شهر من الآن. وفي حين أشار السيد الوزير إلى أن العلاقات السياسية الجزائرية الكويتية تتميز بالصداقة والتشاور السياسي، مبرزا الأثر الإيجابي للزيارة التي قام بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الكويت في شهر أفريل الماضي، والتي ساهمت بفعالية في دفع وتنويع التعاون بين البلدين، وتدعيم أطره القانونية من خلال التوقيع على عدة اتفاقيات بالتوقيع على عدد من اتفاقات التعاون، أبرزها الاتفاق المتعلق بإلغاء الازدواج الضريبي، ومذكرتي تفاهم تتعلق الأولى بوضع آلية للتشاور بين وزارتي الشؤون الخارجية والأخرى حول التعليم والتكوين المهنيين، علاوة على اتفاق آخر حول البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي، مؤكدا أهمية تجسيد الاتفاقات الجديدة التي يسعى البلدان إلى ترقيتها في مجالات الطاقة والنفط والشبيبة والرياضة والشؤون الدينية، ودعم الأطر القانونية التي تنظم التعاون بين البلدين علاوة على إنشاء مجلس لرجال الأعمال بين البلدين ومؤسسة مالية لتقييم وتسيير الاستثمارات وإبرام اتفاق بين غرفتي الصناعة والتجارة للبلدين. كما ذكر السيد جودي في افتتاح الجلسة بأهم مؤشرات الاقتصاد الوطني، المتميز أساسا بتجسيد الأمن المالي، بفضل احتياطات الجزائر من العملة الصعبة والتراجع المتواصل لمديونيتها الخارجية، مؤكدا بأن الجزائر توفر أطر إيجابية لتشجيع الاستثمار الأجنبي، خاصة على مستوى الإطار القانوني للاستثمار ومرافقة المستثمرين، داعيا بالمناسبة رجال الأعمال الكويتيين إلى استغلال هذه الفرص، لا سيما من خلال إنشاء شركات الرأسمال الاستثماري والمساهمة في المؤسسات العمومية المعروضة للخوصصة، وكذا الاستثمار في المجال الزراعي ومجال البتروكيماويات. وفي تصريحه على هامش الأشغال أكد السيد جودي أن الجزائر تتمتع بمستوى نمو اقتصادي معتبر في الوقت الذي تسجل فيه البلدان المصنعة تراجعا، معتبرا وبأنه من مصلحة المستثمرين الكويتيين الإستثمار في السوق الجزائرية والمشاركة في نموها الاقتصادي. أما بخصوص مقترح إنشاء بنك مغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية في غضون 2009، فقد ذكر الوزير بأن المشروع طرح منذ عدة سنوات، وأن الجزائر حددت بعض الشروط الخاصة بمجالات الإستثمار التي تغطيها هذه المؤسسة المصرفية وحصة كل بلد فيها. من جانبه اعتبر وزير المالية الكويتي السيد مصطفى جاسم الشمالي أن المدة التي قضتها اللجنة المشتركة الجزائرية الكويتية دون انعقاد مدة طويلة، وأكد أنه ينبغي تداركها من خلال تفعيل التعاون بين البلدين وعلى مختلف المستويات، مبرزا أهمية مثل هذه اللقاءات الثنائية في إعطاء نفس جديد للعلاقات الاقتصادية وتنويعها، والتي ينبغي حسبه تكثيفها والحفاظ على دورية انعقادها بانتظام، مرة أو مرتين في السنة. وفيما أكد أهمية المحاور التي تناولها جدول أعمال الدورة الخامسة للجنة المشتركة، ولا سيما منها المحاور الجديدة للتعاون في مجال البترول والغاز، على اعتبار ان كل بلد يملك تجربة مؤكدة، عبر الوزير الكويتي عن تطلع بلاده إلى الاستفادة من الخبرة الجزائرية في مجال الغاز الطبيعي، في حين تستفيد الجزائر من خبرته في مجال البترول. كما ذكر في هذاالسياق بأهمية الاتفاقات المتوصل إليها بين البلدين، ولا سيما منها تلك المتعلقة ببعث مجلس مشترك لرجال الأعمال، بالنظر للدور الذي يكتسيه القطاع الخاص الذي يعد شريكا أساسيا في التنمية، وكذا فتح الخط الجوي بين الجزائر والكويت بمعدل 7 رحلات أسبوعيا، علاوة على الاتفاقات الأخرى المتصلة بالتعاون القانوني. وبعد أن أشار إلى أن التحديات الدولية ولا سيما منها الأزمة المالية التي تأثرت بها الكويت بنسبة أكبر من تلك التي تأثرت بها الجزائر، تفرض على البلدين تجميع جهودهما وتقوية تعاونهما الاقتصادي اقترح الوزير الكويتي إدراج محور حول القمة العربية الاقتصادية المقرر عقدها في الكويت العام المقبل. للإشارة فإن الكويت يحتل المرتبة الثالثة في مجال الاستثمار بعد مصر ثم إسبانيا تعتبر من بين أهم المستثمرين في الجزائر بقيمة 1,3 مليار دولار.