أكد الخبير الاقتصادي بمركز الدراسات الدولية بباريس الدكتور"لويس مارتينز" أمس أن الجزائر تمكنت من تسوية مديونيتها وتحرير نفسها من الضغط بفضل سياستها الحكيمة في تسيير احتياطاتها من الصرف التي بلغت 140 مليار دولار الناتجة عن مداخيلها من النفط، معتبرا ذلك مكسبا وجانبا ايجابيا يسجل لصالحها. وأوضح المتحدث في محاضرة ألقاها بمركز "الشعب" للدراسات الإستراتيجية بعنوان "النفط، التنمية والديمقراطية" أن الجزائر لم تتسرع في استعمال النفط لأغراض ايديولوجية في سنوات التسعينات مثلما حدث في السبعينات، حيث أنجزت المشاريع بصفة استعجالية ولم تتأن في ذلك رغم أن تلك المشاريع كانت تتطلب إمكانيات كبيرة لم تكن متوفرة آنذاك مما أدى إلى ظهور الأزمة في الثمانينات مع انهيار أسعار النفط. وفي هذا السياق؛ أشار إلى أن الجزائر تمكنت من تجاوز أزمة الإرهاب التي ظهرت في التسعينات بفضل عائدات النفط وحسن استعمالها حيث "عالجت هذا المشكل الخطير وشرعت في تجسيد مشاريع هامة بفضل سياسة حكيمة خلقت نوعا من العلاقة الوطيدة بين المواطنين ورئيسهم" معتبرا أن أحسن استثمار هو الاستثمار في الموارد البشرية ووضع إطار سياسي واضح وشفاف يستقطب الجميع خاصة القاطنين في المناطق البترولية. وتعتبر المشاريع الكبرى التي باشرتها الجزائر في إطار برنامجي دعم الإنعاش الاقتصادي والتنمية التي تجسدت في الطريق السيار شرق-غرب، محطات تحلية المياه، السدود ومشاريع أخرى في قطاع النقل مثالا على المشاريع الإستراتيجية التي تعتمد على التمويل الذاتي بنسبة مئة بالمئة والتي باشرتها الجزائر دون قروض خارجية لتحقيق التنمية الاقتصادية وباستعمال احتياطاتها من النفط. ويرى المتحدث في هذا الإطار أن الجزائر تسير في الطريق الصحيح وتقترب من فنزويلا، المكسيك وخاصة النرويج" التي تعد مثالا رائعا في استعمال الريع البترولي" حيث توجد المراقبة السياسية على احتياط الصرف" التي تعتبر جد هامة خاصة أن البترول مادة غير متجددة وتتطلب تسييرا محكما من الدول" لكن عليها (الجزائر) أن "تنظر إلى المستقبل لان احتياجاتها كبيرة في العديد من المجالات" يضيف المتحدث. وحسب السيد مارتيناز فإن البترول سلاح ايديولوجي وسياسي يستعمل من قبل بعض الدول حتى تبسط سياستها على حساب التنمية والتطور الاقتصادي لشعوبها حيث لا يكون هناك توزيع عادل للثروة عكس بلدان أخرى تستعمل الريع البترولي لتحقيق التنمية الاقتصادية وتصبح قوة في العالم" مثل النرويج التي انشأت صندوقا تضع فيه الريع كاحتياطي استراتيجي لاستعماله وقت الحاجة". ويعتبر المحاضر أن النفط ليس بنعمة ولا نقمة لأنه مرتبط بالاستعمال السياسي، حيث يمكن أن ينفع المواطنين ويحقق التنمية في البلاد كما يمكنه أن لا يحقق شيئا وأعطى مثالا عن نيجيريا التي تعتبر من اكبر الدول المنتجة للنفط في إفريقيا لكن مداخيلها لا تستخدم لفائدة المواطنين الذين يعيشون في أدنى مستويات الفقر. وذكر انه من الأحسن التريث في استخدام المداخيل الإضافية للنفط وعدم التسرع في اتخاذ القرار بهذا الخصوص لأن الريع في هذه الحالة لا يخدم البلد الذي يملكه.