يتوجه 60 مليون ناخب مصري اليوم إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات يختارون فيها رئيسا لبلادهم لعهدة مدتها أربع سنوات، ضمن انتخابات تبدأ اليوم وتنتهي بعد غد الأربعاء. ويتنافس في رابع انتخابات رئاسية تعددية تعرفها مصر، الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي يطمح لولاية رئاسية ثانية، ورئيس حزب «الغد» موسى مصطفى موسى. دخلت مصر، ليلة السبت إلى الأحد، مرحلة الصمت الانتخابي بعد حملة انتخابية عرفت سيطرة مطلقة للحزب الحاكم الذي التف من حول الرئيس المرشح ضمن مؤشرات على مواصلته قيادة البلاد لعهدة رئاسية أخرى؛ بالنظر إلى الوزن السياسي والشعبي لمرشح حزب الغد موسى مصطفى موسى. ولا يخلو شارع ولا زاوية ولا حي ولا بناية في القاهرة القلب النابض لمصر وفي كل مدن البلاد كبيرها وصغيرها، من صور الرئيس السيسي بابتسامة عريضة وشعارات مرفقة، تؤكد إنجازاته ومواقفه وتصوراته لمحاربة الإرهاب. وراهن الرئيس المرشح على هذه القضية بالذات، وأولاها أهمية خاصة في برنامجه الانتخابي، خاصة أن الحملة الانتخابية تزامنت مع الحملة العسكرية ضد الإرهاب «سيناء 2018»، التي بادر بها بداية العام الجاري من أجل القضاء على بؤر ومعاقل التنظيمات الإرهابية التي فرخت في محافظات منطقة سيناء إلى غاية أعالي النيل، ووصولا إلى الحدود الدولية مع ليبيا. وقد استغل الإعلام الحكومي المصري وحتى الخاص الموالي للنظام المصري، نتائج عمليات الجيش المصري وقوات وزارة الداخلية في القضاء على وجوه إرهابية معروفة من أجل تحفيز الناخبين على المشاركة في هذا الاستحقاق عبر بلاتوهات مختلف تلفزيونات مصر، التي عملت على شحن الناخبين للتصويت لصالح الرئيس المرشح. وهي كلها معطيات جعلت كل المتتبعين يؤكدون على اكتساح كبير لهذا الأخير للنتيجة النهائية وبفارق كبير على منافسه موسى مصطفى موسى، بعد رفض اللجنة الانتخابية العليا ملفات ترشح منافسين كان بالإمكان أن يخلطوا الأوراق الانتخابية للرئيس الحالي. ولكن العامل اللغز في هذه الانتخابات يبقى بدون شك، مخاوف السلطات من مقاطعة الناخبين هذا الموعد خاصة من جانب الإسلاميين، الذين يشكلون وعاء انتخابيا هاما في مصر، وهم الذين رجحوا كفة الرئيس المعزول محمد مرسي، مستغلين في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي التي تخرج في كثير من الأحيان عن سيطرة السلطات المصرية للدعوة إلى مقاطعة موعد غد. وهي الإشكالية التي جعلت الرئيس السيسي يحث مواطنيه على «الخروج إلى صناديق الاقتراع، ليُظهروا للعالم حجم المشاركة في الانتخابات بقناعة أن هذا الموعد الانتخابي سيكون عنوانا للحرية والشفافية، وبتكافؤ الفرص بين المترشحين. وما انفك الرئيس عبد الفتاح السيسي يؤكد أن انتخابه يبقى بمثابة تأكيد على مواصلة الإصلاحات الاقتصادية التي بادر بها لمواجهة « التحديات التي فرضتها عملية محاربة الإرهاب، والتي تمثل خيارا لا رجعة فيه» بالنسبة للدولة المصرية من أجل اجتثاث جذوره وحماية الأمن العام. وتجرى العملية الانتخابية وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة ضمن خطة اعتمدتها وزارة الداخلية المصرية لتفادي أي طارئ أمني، قد يعكر الجو العام لهذا الموعد؛ من خلال نشر تعزيزات أمنية من الجيش وقوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية في محيط مراكز التصويت في المحاور الرئيسة لشوارع كبريات مدن البلاد؛ من أجل إتمام العملية بدون قلاقل. وهي المخاوف التي جعلت السلطات المصرية بالنظر إلى خطورة الوضع الأمني في البلاد، تقرر إجراء الانتخابات خلال ثلاثة أيام تنتهي يوم الأربعاء، لنقل قوات الأمن من محافظة إلى أخرى، وبالتالي ضمان إتمام العملية وفق الخطة المطروحة مسبقا.