قدّم كل من الشاعر سليمان جوادي رئيس جمعية بيت الشعر الجزائري رفقة الدكتور عاشور فني أمينها العام، الحصيلة الختامية للتظاهرتين اللتين نُظمتا مؤخرا بمكتبة الحامة، (ملتقى راهن الشعر الجزائري) و(مهرجان عيد النصر)، أمس بفوروم «المجاهد اليومي». 129 شاعرا، 36 محاضرا، 45 إعلاميا و18 منظما هي الأرقام التي قدمها الدكتور عاشور فني حول التظاهرتين الثقافيتين «ملتقى راهن الشعر الجزائري» و»مهرجان عيد النصر»، اللتين تم تنظيمهما من طرف جمعية بيت الشعر الجزائري أيام 19 و20 و21 مارس الماضي بالمكتبة الوطنية وعدة فضاءات ثقافية أخرى. وأضاف الدكتور أن هذا الملتقى سمح بالوقوف على راهن الشعر الجزائري بكل مكوناته وبكل أشكاله الكتابية، إضافة إلى الاحتكاك بين الشعراء والباحثين، بعيدا عن أي شكل من أشكال التهميش، مؤكدا قدرة الجزائر في أن تكون قطبا إبداعيا يجتذب الأسماء والكفاءات والمواهب، ويصنع أسماءه، ويفتح منبرا للصوت الإبداعي المتميز مهما كانت اللغة التي يعبر بها. كما أشار فني إلى قدرة الملتقى والمهرجان على استعادة أحد الأشكال التعبيرية الراقية إلى الفضاء الثقافي الوطني، بعد أن لوحظ إقصاء الشعر من التظاهرات الثقافية خلال ربع قرن، تطبيقا لسياسة (الأصولية الثقافية) التي برزت نهاية الثمانينيات، والتي تم خلالها استبعاد المؤلفات الشعرية من التوزيع والعرض، خاصة في التظاهرات والملتقيات الكبرى، مشيرا إلى خلوّ الصفحات الثقافية والبرامج التلفزيونية من الشعر الجزائري، ومن الدراسات الأكاديمية التي لم تعد تهتم بالشعر. بالمقابل، أكد فني مكانة الشعر العالية في الجزائر في عهد مضى، حيث اعتبر مكوّنا أساسيا في الثقافة الجزائرية، وأحد محركات الحركة الوطنية، ولكن بغزو (السلفية الثقافية) الجزائر، تراجعت مكانة الشعر، مضيفا أنه من الصعب التحكم في الشعر، فجاءت محاولة إقصائه وتعويضه بالكتابة السردية الواضحة، وهو ما حدث أيضا للفلسفة والموسيقى الكلاسيكية والفنون التشكيلية التجريدية وغيرها من الفنون الراقية. وتوقف فني عند هذه النقطة، مشيرا إلى صمود الشعر، بل إلى تحرره من رقابة النقد والإعلام والنشر والفضاء العام؛ أي أنه استفاد من التهميش، وهو ما ينبئ بتحويل عميق في الثقافة الجزائرية. كما نوه في إطار آخر، بالشعراء ومحبي الشعر المنتسبين للبيت ليس عن طريق العضوية، بل بالنشاط، مضيفا أن العديد منهم يودون إنشاء فروع للبيت في ولاياتهم. من جهته، اعتبر الشاعر ورئيس جمعية بيت الشعر الجزائري سليمان جوادي، أن تأسيس الجمعية مرده نصرة الشعر المظلوم في الجزائر، سواء في الساحة الثقافية أو الإعلامية أو حتى على مستوى دور النشر، مضيفا أن الشعر يمثل صورة صادقة للمجتمع الجزائري، كما أنه استطاع رغم تهميشه أن يثبت مكانته بأقلام شعراء لم يتوقفوا عن الكتابة وذوي مستوى عال، إلا أنهم لا يحسنون تسويق أنفسهم. وتحسّر الشاعر على تراجع اهتمام المنظومة التربوية بالشعر، مشيرا إلى تأسيس البيت لفريق عمل في الآجال القريبة للتواصل مع وزارة التربية، بغرض إعادة النصوص الأدبية، وبالأخص الشعرية إلى المناهج المدرسية. وفي هذا السياق، أعاب جوادي برمجة نصه الشعري في المنهج المدرسي الخاص بالسنة أولى متوسط بدون استشارته، مضيفا أن ذاك النص كتبه في سن 18 ولا يمثله كشاعر يملك رصيدا شعريا لا بأس به.