أعلنت الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، جاهزيتها الكاملة لمراقبة الانتخابات الرئاسية القادمة، موجهة تطمينات للرأي العام الوطني والدولي في هذا المجال، مذكرة بالمناسبة بإمكانية تجاوز العديد من النقائص المسجلة خلال الاستحقاقات الماضية، من خلال سلسلة من التدابير أهمها مراجعة كل من قانون الانتخابات وقانون الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، فضلا عن سلسلة التكوينات التي ستشرع في تنظيمها لفائدة أعضاء الهيئة بداية من 18 أكتوبر القادم، فيما تستعد قبل ذلك لتنظيم دورة تكوينية خاصة بالأحزاب السياسية مبرمجة ليوم 5 ماي القادم. وجاء الإعلان عن هذه القرارات الهامة على لسان، نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات الهواري بلبار، الذي أطلق تطمينات للرأي العام الوطني والدولي، بخصوص قدرة الهيئة على مراقبة الانتخابات الرئاسية القادمة لأول مرة منذ استحداثها بموجب التعديل الدستوري لسنة 2016. وأشار المتحدث خلال اللقاء الجهوي الذي نظمته الهيئة أمس، بفندق الأوراسي بالعاصمة، بمشاركة مندوبين عن 13 ولاية، إلى أن أعضاء الهيئة سيعملون «تحت مسؤولية ضمائرهم والقانون في مراقبة العملية الانتخابية»، مشيرا إلى أن الجزائر متقدمة كثيرا في مجال القوانين. وذكر بأن الدورات التكوينية التي أطلقتها الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، تهدف بالدرجة الأولى إلى تجاوز النقائص المسجلة في الميدان، والتي حصرها في شقين، يتعلق الأول بالجانب القانوني، وتسعى اللجنة المشتركة بين الهيئة العليا المستقلة لمراقبة والانتخابات ووزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية إلى تداركها من خلال تعديل كل من قانون الانتخابات 10/16 الذي ينظم العملية الانتخابية، حيث أشار إلى أن الهيئة لديها ملاحظات دقيقة بشأنه، بالإضافة إلى تعديلات أخرى تتعلق بالهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات ونص القانون 11/16. وأكد بلبار في هذا الصدد بأن «اللجنة الدائمة المشتركة بين الهيئة ووزارة الداخلية، باشرت العمل من أجل تعديل بعض القوانين، سيتم تسليمها للسلطات المختصة من أجل النظر في مسارها لتجاوز الاختلالات التي تم رصدها، لاسيما ما يتعلق بالنصوص الناظمة والمراسيم التنظيمية للعملية الانتخابية، التي لها انعكاس على عمل الإدارة المشرفة على الانتخابات، موضحا بأن وزارة الداخلية استجابت لعدد كبير من الملاحظات التي رفعتها الهيئة وأخذتها بعين الاعتبار، ومنها القرارات والإشعارات التي تم اعتمادها في التشريعيات والمحليات الماضية، فيما سجل بالمقابل وجود بعض الاختلالات التي لم يتم التكفل بها بعد، ومنها تلك التي تخص مرحلة الترشيحات. أما النوع الثاني من النقائص الذي أشار إليه نائب رئيس الهيئة، فيتعلق بالعملية الانتخابية في حد ذاتها، وحصرها في عملية تحين القوائم الانتخابية وتطهيرها، مثمنا بالمناسبة جهود وزارة الداخلية، التي دعا إلى مواصلتها، بالإضافة إلى تسجيله نقص في الأدوات الإدارية بعدد كبير بالولايات وقلة تدعيم الإطارات الإدارية المكلفين بتحين القوائم. وسجلت الهيئة أيضا نقائص أخرى في مجال إيداع الترشيحات وضبط سير الحملة الانتخابية والتشهير الانتخابي، وكذا الفوضى في التشهير الانتخابي وتجاوزات تسجل يوم الاقتراع وبعده، حسب السيد بلبار، الذي ذكر بتحديد تاريخ 5 ماي القادم، لتنظيم تكوين لفائدة جميع التشكيلات السياسية المعتمدة في الجزائر، لإشراكها في المراقبة الانتخابية، حيث ترتكز التكوينات حسبه بالدرجة الأولى على كيفية تقديمهم للطعون وآجالها باعتبارها النقطة المفصلية في تعديل النتائج واعتمادها. من جهته، أكد موسى يعقوب نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، أن الهيئة تحرس على إشراك الأحزاب السياسية، في العملية الانتخابية من خلال اليوم التكويني الخاص بها، والذي سيركز على كيفية إعدادهم للطعون، «لأن الكثير منهم لا يجيدون هذا الأمر». وأوضح السيد يعقوب أن الدورات التكوينية التي تشرف عليها الهيئة، والموجهة إلى أعضاء المجتمع المدني الممثلين في الهيئة، تخص نقاط محددة تشمل كيفيات إجراء التحقيقات التي لا يتناولها القانون وتعتمد بالدرجة الأولى على كياسة وفطنة عضو الهيئة وخبرته ومدى فهمه لفحوى قانون الانتخابات وتطبيقه، لافتا إلى أن الواقع والممارسة تكسب عضو الهيئة القدرة على التعامل مع مختلف الظروف وتجعله مؤهلا في النهاية لصياغة تقارير متوازنة. في المقابل، أبرز موسى يعقوب الكفاءة التي يمتاز بها القضاة وتمرسهم في مهمة المراقبة وإعداد التقارير بعد التحقيقات، مشيرا إلى أن تجربته في مجال المراقبة الانتخابية، تدفعه إلى اعتبار «المباغتة أحسن أداة للردع من التجاوزات الانتخابية». تجدر الإشارة إلى أن التحقيقات الخاصة بالمراقبة الانتخابية، تعتمد بالدرجة الأولى على اللباقة وكياسة العضو ومدى فهمه، ووقت المعاينة وسماع الشهود وطلب المستندات والمعلومات الكافية، وهي النقاط التي تجعل التقارير موحدة بين أعضاء الهيئة وتكسبها المصداقية. وناقش أعضاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات في اليوم التكويني، إشكاليات تخص تدخلهم في حالات وجود علاقات قرابة بين المترشحين ورؤساء المراكز الانتخابية، ودور الولاة في هذه الحالات، فضلا عن مسألة التشهير أمام المراكز الانتخابية، ودور السلطة العمومية وكيفية التصرف في المناطق المعروفة بالشاسعة وبُعد المراكز الانتخابية عن بعضها البعض وكيفية الانتشار.