فور إسدال الستار على البطولة الوطنية الاحترافية الأولى لموسم (2017/ 2018)، انطلقت الأقلام والتعليقات مقيمة مخلفات الأندية المشاركة فيها، ومن بينها مولودية وهران التي تباينت آراء المحللين والمتتبعين حول طلتها في الموسم المنقضي، بين راض عن حصيلتها بالنظر لعديد العوامل المنطقية، ومتحسّر على عدم انتهاز سانحة كانت في المتناول - حسبهم - لتدعيم خزائن الفريق المغلقة منذ 22 سنة، بلقب لو قبضت عليه، ما كان لأحد أن يحتج، ومن أي موقع يوجد فيه. أنهت مولودية وهران مشوارها في الرتبة الرابعة، برصيد 45 نقطة، جمعتها من 12 فوزا و9 تعادلات، مقابل تسجيل 9 انهزامات. واحتل خط هجومها الرتبة الثالثة في لائحة أحسن خط هجوم في البطولة الوطنية ب40 هدفا، بعد كل من اتحاد العاصمة (42 هدفا ) ومولودية الجزائر (41 هدفا). وتعد هذه الحصيلة الأفضل التي تحققها المولودية الوهرانية منذ عقدين من الزمن، حيث غالبا ما كانت تنهي المواسم الماضية منهكة، وأيادي أنصارها على قلوبهم خشية النزول، ليتغير الحال في موسم 2017/ 2018، وتفاجئ المولودية أنصارها بضمان بقائها قبل 9 جولات عن الختام، غير أن إنجازها كان نقمة لا نعمة عليها، بعد الذي أتى والذي كاد يهلكها أكثر من السقوط نفسه. اقتحمت مولودية وهران الموسم الكروي بجديد على مستوى العارضة الفنية، حيث تعاقد الرئيس أحمد بلحاج المدعو "بابا" مع المدرب معز بوعكاز، الذي سبق له خوض تجارب في البطولة الجزائرية خاصة مع اتحاد سيدي بلعباس وسريع غليزان، وهذا من أجل تقديم الإضافة المرجوة، وبأهداف مسطرة، وواضحة كانت ثلاثة لا غير، ضمان البقاء، وتكوين فريق تنافسي تحسبا للموسم القادم وإقحام بعض اللاعبين الشباب من خالص تكوين النادي الوهراني. وانطلق الجميع ساعين لبلوغ ما اتفق عليه، وترك التقييم الأولي إلى ما بعد قطع نصف مشوار المنافسة الرسمية. ومع انتهاء مرحلة الذهاب، ظهرت مولودية وهران بمتغيرات جديدة على جميع الأصعدة، حملت معها الإيجابيات أكثر من السلبيات، أهمها نيل رتبة مطمئنة في نصف مشوار البطولة، وكان ذلك نادرا ما يتحقق باستثناء الموسم الذي سبقه حيث أنهى "الحمرواة" الشطر الأول في مركز الوصافة، وفي موسم 2017 /2018 ثبتت المولودية اسمها بنجاح، عندما احتلت الرتبة الخامسة، برصيد 22 نقطة، جمعتها من 5 انتصارات و7 تعادلات و3 هزائم، وسجل خط هجومها 19 هدفا، في حين تلقى خط دفاعها 13 هدفا. هاجس تضييع النقاط وغياب الهدّاف الحقيقي رغم بعض الرضا على نتائج مرحلة الذهاب، إلا أن الحصيلة كان يمكن أن تكون أفضل، لولا معاناة المولودية الوهرانية من غيابات متعددة ومتكررة بداعي الإصابات، عجز معها الطاقم الفني على اللعب بنفس التشكيلة لمباراتين متتاليتين، أضف إلى ذلك غياب هدّاف حقيقي يحول الفرص الكثيرة المصنوعة إلى أهداف، خاصة في المباريات التي لعبتها المولودية بملعبها "أحمد زبانة"، فضاعت نقاط ثمينة كانت ستفيدها في عملية الجرد النهائي، وفي المجموع أهدرت في مرحلة الذهاب، وبملعبها تحديدا 11 نقطة كاملة، بعد تعادلها أمام كل من نصر حسين داي (0/0)، اتحاد سيدي بلعباس (1/1 )، مولودية الجزائر (0/0 )، وانهزامها أمام وفاق سطيف (1/2). ولحسن حظ النادي الحمرواي أنه عوّض هذا الإهدار بنقاط جلبها من خارج ميدانه، حيث أظهر قدرة كبيرة في التفاوض بملاعب منافسيه، وتلك نقطة قوة، وميزة انفردت بها المولودية في الشطر الأول من البطولة الوطنية. وقد أكد المناجير العام حدو مولاي، أن نتائج فريقه في مرحلة الذهاب كانت إيجابية، رغم بعض الأسف على تضييع بعض النقاط خاصة داخل القواعد، كانت لو حصلت، ستغير الكثير خاصة على مستوى التفكير في منهج الفريق ككل واستراتيجيته، مثنيا على المستوى الذي ظهر به بعض شبان الفريق، والتي اعتبرها أهم مكسب حققه الفريق، مبررا إهدار مجموعته لذلك الكم الهام من النقاط للضغط أحيانا، ولمقاطعة الأنصار لمقابلات فريقهم أحيانا أخرى. التحكيم، توقف البطولة، العقوبات .. والعنف المشين طوى الطاقم الفني بقيادة معز بوعكاز صفحة الذهاب، والتفت لتحضير الإياب، بداية بإقامة تربص بمركب "الأندلسيات" وصفه بالناجح، ونفس الشيء انطبق على الانتدابات الشتوية، التي اقتصرت على ثلاث فقط، المدافع عبدات، لاعب الوسط، منصوري والمهاجم شيبان. وكالذهاب، كانت انطلاقة الإياب ناجحة، بل وأكثر من المتوقع، عندما انفردت المولودية الوهرانية بالوصافة، على بُعد 4 نقاط فقط عن الرائد شباب قسنطينة، وهو إنجاز دغدغ حلم الأنصار بتحقيق لقب، خاصة بعدما ضمنت مولوديتهم بقاءها قبل 9 جولات عن الختام، فبدأ توافدهم بكثرة على المدرجات للمناصرة، لكن مصحوبة بضغوط لم يعتد عليها الفريق، ولا لاعبوه الشباب، فبدأت ملامح الانهيار بعد رباعية قاسية، تلقتها المولودية أمام نظيرتها العاصمية في لقاء متأخر عن الجولة ال22، أضيفت لها رباعية أخرى في معاقل وفاق سطيف برسم الجولة ال24. ضغط الأنصار لم يكن وحده السبب في تردي حال المولودية، بل وكذلك توقفات البطولة الوطنية التي كسرت نسق الفريق، الذي كان يجد نفسه مجبرا على الراحة الإجبارية، بسبب التزامات منافسيه بالمنافسة الإفريقية، فلم يكن يقدر على استعادة ريتم المنافسة، رغم التربصات المقامة، فبدأ يتلاشى حلم اللقب، قبل أن يتأكد عقب الهزيمة المرّة بملعب "أحمد زبانة" ضد شباب بلوزداد (0/2)، وما خلفتها من مشاهد عنف مؤسفة، قال الرئيس الحالي إنها متعمدة ومن فعل فاعل تكرارا لنفس الأسطوانة بعد كل فشل، فجاء العقاب قاسيا، وظالما في بعض جوانبه، بحرمان المولودية من جمهورها في أربع مباريات قبل أن تخفض العقوبة إلى اثنتين، لعبتهما خارج مدينة وهران، أضف إلى ذلك المظالم التحيكيمة التي تكبدها زملاء سباح، بتصفير ما لا يقل عن 11 ضربة جزاء ضد فريقهم، أغلبها غير صحيحة، ما جعل المدرب بوعكاز يعلق على هذا الأمر قائلا "أتمنى ألّا يصفر الحكام 11 ضربة جزاء ضد مولودية وهران الموسم القادم". الأنصار ينتفضون .. وبوعكاز كبش فداء انتفض الأنصار لضياع الحلم، فتوالت المسيرات مطالبة بالتغيير الجذري في مولدية وهران، بدءا بالرئيس الحالي "بابا"، لكن المفارقة أن التغيير الجذري قاده "بابا" نفسه، وكان الضحية الأولى فيه المدرب معز بوعكاز، الذي، ووفق ما اتفق عليه من أهداف مع الإدارة، يمكن القول أنه نجح في مهمته، وحصيلته إيجابية، لكن مادام أن شماعة الفشل غالبا ما تعلق على المدربين فكان هذا التقني الكفء كبش فداء، في وقت لقي فيه تعاطفا كبيرا من قبل الأنصار والمتتبعين الذين لم ينكروا لمسته على مشوار لمولودية وهران، لكن للأسف وعوض مكافئته، عمد رئيسه "بابا" إلى إخراجه من الباب الضيق، واستبداله بطريقة وصفها بوعكاز نفسه ب«بالمهينة وغير الاحترافية"، رغم أحقية الرئيس في اتخاذ أي قرار يعني فريقه، فودّع بوعكاز "الحمراوة" بأفضل حصيلة لهم منذ 20 سنة. ❊م. سعيد