عرفه الجمهور من خلال أدواره الكوميدية المميزة، والتي تجسد حالة المواطن البسيط الذي يركض دوما وراء لقمة العيش.تفنن في أدائه للمونولوغ، وأبدع في عرضه لمعاناة شتى تقف حجر عثرة في حياة الإنسان الكادح في "خباط كراعو"، وتألق نجمه في السلسلة التراثية "جحا" في أجزائه الاربعة، حتى لقب بجحا عصره، وقد شاهدناه في رمضان الفارط في دور مغاير تماما أظهر فيه قدرات أخرى، إنه الممثل والمنتج عبد الحكيم دكار الذي استضافنا في شركة إنتاجه الحديثة النشأة بادرارية، حيث كانت لنا معه هذه الدردشة... - "المساء": أولا، تهانينا على إنشائك شركة إنتاج خاصة، قطعا لن نتحدث هذه المرة كثيرا عن حكيم دكار الممثل الكوميدي، بقدر ما نركز على الإنتاج الجديد للشركة، وعلى مجيد (المافيا) في أشواك المدينة، فهلا حدثتنا عن خصوصية هذا الدور، وحيثيات هذه النقلة؟ * عبد الحكيم دكار: أولا شكرا على التهنئة، وأريد أن أقول شيئا آخر، وهو أن إنشاء شركات للإنتاج من طرف ممثلين وفنانين عرب بات أمرا ضروريا وهاما، لازدهار موجة الإبداع والإنتاج بشتى أنواعه.. أما بالنسبة لدوري في "أشواك المدينة"، فهو قطعا مختلف تماما عما قدمته سابقا، فالممثل الحقيقي هو الذي يتقن أداء كل الأدوار دون استثناء، فهو من يستطيع التواجد في الدراما، في الكوميديا، في التلفزيون، في السينما وعلى الخشبة وفي كل مكان بنفس الإبداع العالي، جميل أن يتألق الممثل في مجال معين ويصبح تخصصه، لكن الأجمل أن يعطي أيضا في مجالات أخرى تخدم الفرد والمجتمع، فالفنان يمرر رسائل ومن باب الواجب وخدمة الوطن وراحة الضمير، أن يقوم بأدوار هادفة تعري قضايا خطيرة كالتي طرحت في مسلسل اشواك المدينة، كتبييض الاموال، تسرب المخدرات إلى المدارس، تهريب الآثار، وغيرها من الامور الشائكة التي اصبحت المجتمعات العربية ككل تتخبط فيها، وليس المجتمع الجزائري فقط، وإن كنا نركز على ما يحدث عندنا أي على واقعنا، ودوري في اشواك المدينة هو نقلة اتحمل مسؤوليتها لكوني أؤمن بأنه آن الأون لأن نؤدي أدوارا درامية مركبة تمس عمق الواقع، والدراما باتت نقطة تحول مهمة بالنسبة لنا كمجتمعات عربية تعاني من آفات اجتماعية كثيرة، والجميل هو أن هذا العمل (أشواك المدينة) قد استقطب شريحة مهمة، ألا وهي الشباب الذي عزز نسبة المشاهدة، وهذا في حد ذاته يعتبر مكسبا كبيرا لي أنا شخصيا... - من الأدوار الكوميدية إلى دور درامي مركب يطغى عليه الشر! أكيد أن هناك ضريبة لهذه النقلة؟ * أود الإشارة الى أمر هام، وهو أن العمل الدرامي هو عمل جماعي ولا وجود للنجم الواحد، فكل المشاركين فيه نجوم، وإذا عدنا قليلا الى الوراء لا شك سنتذكر حتما مسلسل "بين البارح واليوم" وتحديدا "مجيد"؛ "فمجيد" في "اشواك المدينة" هو امتداد لشخصية مجيد في "بين البارح واليوم"... أما بالنسبة للضريبة التي قد يدفعها أي فنان يتحول من مجال عرف فيه إلى مجال آخر جديد، هو النقد أكيد.. وإن كنا للأسف نفتقد النقد الموضوعي البناء، فمؤخرا فقط صادفني نقد سخيف وهذا أقل ما يقال عنه على صفحات احدى الجرائد الجزائرية، موجه لي أنا شخصيا، حيث تمت المقارنة بين شكل بطل (المافيا) الأجنبي (الأمريكي) وشكلي؟! وكأن تجسيد مثل هذه الادوار محظور على من لا يملك مقاييس اجنبية معينة (مستوردة!)، ولعمري هذا نقد سخيف جدا، وللعلم، المافيا لا تستورد لكون الشر موجود في كل مكان، وفي اشكال واحجام مختلفة، فبدلا من التركيز على الشكل والطول والشعر الاشقر والعيون الملونة الزرقاء، كان من الأجدر التركيز على أهمية القضايا المطروحة في هذه الدراما الجزائرية، لكن للأسف غياب موضوعية الطرح والنقد جعلها تقع في فخ التفاهة! - أصبحت الدراما اليوم وسيلة هامة لجلب الأنظار إلى البلدان المنتجة لها، كما حدث في المسلسل التركي "نور" الذي صور في اماكن تركية خلابة ساهمت في جعل تركيا قبلة للسياح من كل أصقاع العالم، فهل أخذتم هذا الامر بعين الاعتبار في أشواك المدينة؟ * بالفعل، فأي عمل درامي لابد له من دراسة معمقة من جميع النواحي.. الموضوع، توزيع الادوار، انتقاء الاماكن، فبعد سنتين من الدراسة والبحث الجاد تجسدت فكرة أحداث مسلسل "أشواك المدينة"، التي صورت مشاهده في 156 موقع! منها مستغانم، وهران، بوسعادة، فالجزائر كما هو معروف تزخر بأماكن سياحية رائعة، والمشاهد اليوم لم يعد جزائريا فقط بحكم انتشار الفضائيات، وتركيزنا على المناظر الجميلة سيساهم قطعا في انتعاش قطاع السياحة في بلادنا، والفن بات الوسيلة الأسهل والأضمن لتحقيق هذه الغاية التي تعود بالفائدة على الفرد والوطن، ففي مستغانم استغلينا وجود سفينة بضائع مهملة منذ أزيد من 18 سنة موجودة خارج الشاطئ.. فكانت هي من أهم أماكن التصوير، وفي وهران ولأول مرة يتم التصوير في ملعب الثيران، هذا الملعب المتواجد منذ أمد بعيد، وأغلب الناس حتى في وهران يجهلون وجوده! وفي بوسعادة تنقلنا من طبيعة إلى طبيعة ومن منظر لآخر، صورنا مشاهد داخل بحيرة مائية في الخامسة صباحا، فمحطة العمل كانت جد مدروسة ووفرنا كل الوسائل التقنية والبشرية، وهو يعتبر انطلاقة لأعمال اخرى ستكون قطعا أكثر نضجا واحترافية وتميزا فما "اشواك المدينة" إلا البداية والبقية ستأتي حتما لنطرح من خلالها قضايا تعالج أمراض المجتمع.. وتبرز جمال هذا الوطن الرائع.. - هل من مشاريع أخرى ستفاجئ بها جمهورك؟ * هناك مشروع "فيلم ثوري"، هو شهادة من جيل لجيل، بلا ديماغوجية مفبركة، تصور أحداثه في السويقة (القصبة) في مسقط رأسي قسنطينة، سنعود من خلال هذا الإنتاج السينمائي الثوري الى حقبة هامة من تاريخ الثورة الى سنة 1958، وهي السنة التي شهدت تطورات، وأحداثا خالدة في هذه المنطقة بالذات والتي تزخر ببطولات أناس عايشوا الثورة، وضحوا لأجل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة، ونظرا لقلة الإنتاج الثوري.. اخترت هذا العمل، فكل ما أنجر في هذا الصدد يعتبر قطرة في بحر مقارنة بعظمة هذه الثورة، فهناك بطولات كثيرة وأماكن هامة وأناس كثيرون ساهموا في صنع أمجاد هذا الوطن، وأحداث اهملت ولم تجسد سينمائيا ولا تلفزيونيا وآن الأوان أن نبحث وننقب، لننفض الغبار عنها وتبقى بمثابة شهادات حية من جيل لجيل على شموخ ثورة نوفمبر المظفرة، والتي حفزت أمما كثيرة على الثورة ضد الظلم والاستبداد والبحث عن التحرر. - كلمة أخيرة... * رجائي من الإعلاميين خاصة، عدم إصدار احكام مسبقة أو غير مدروسة، فليس كل ما ننتجه سلبي، فهناك الكثير من الإيجابيات، والموضوعية تؤكد ذلك اذا احتكمنا إليها، ولا بد أيضا قبل اصدار انتقادات لا معنى لها، أن نرجع إلى مصدر العمل.. لأهله، لنحكم بعدها على اللب لا القشور... هذا، وكل ما أتمناه صراحة، هو أن أظل عند حسن ظن جمهوري بي، ويبقى واثقا في امكاناتي الفنية التي لا حدود لها، ولذا أتمنى أن يشجعني في كل عمل مختلف أقوم به لأجله ولأجل هذا المجتمع، الذي لابد أن نعالج أمراضه من خلال اعمال درامية راقية، تكشف الواقع وننبه إلى خطورته.. هذا، ونشكر جريدة المساء على الالتفاتة واللقاء.