ثمن نواب المجلس الشعبي الوطني بتياراته المختلفة من أحزاب المولاة والمعارضة، مشروع القانون الخاص بالدفع بعدم الدستورية، مؤكدين أهمية تعزيز تكوين القضاة والرفع من عددهم لأجل الاستجابة لعدد "الدفوعات" التي سترفع للمجلس الدستوري مستقبلا، فيما لم يتوان بعض النواب عن التشكيك في التطبيق الجاد للقانون في الميدان. وأشاد النواب في مداخلاتهم خلال جلسة مناقشة النص الذي عرضه وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح أمس، بالحقوق الدستورية التي جاء بها المشروع لفائدة المتقاضين، حيث وصفه رئيس المجموعة البرلمانية للاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء لخضر بن خلاف، ب«صمام أمان لضمان سلامة القواعد وعدم اصطدامها ببعضها إذا احترمت أحكامه ومقتضياته وتوفرت شروطه». ودعا بالمناسبة إلى إنشاء محكمة قضائية مختصة، أو يعرف عند الكثير من الدول، باسم المحكمة الدستورية. وأشار النائب بن خلاف الذي كان أول المتدخلين في جلسة المناقشة إلى أن المادة 188 من الدستور حافظت على طبيعة الهيئة الفاصلة في الدفع بعدم الدستورية، رغم أن الهيئة التي تفصل فيه هي قضائية بحتة، معتبرا ذلك «دليلا على انتهاج نهج مختلط وهو إجراء ليس وقائي، بل علاجي يتصدى للنص بعد صدوره وأثناء تطبيقه»، مشددا في سياق متصل على وجوب معالجة شروط تجسد مبدأ الدفع بعدم الدستوري «ومنها استقلالية القضاء وخاصة مبدأ الفصل بين السلطات»، حيث دعا في هذا الصدد إلى تعيين قضاة وأعضاء من المجلس الدستوري بناء على معايير الكفاءة والحياد والشفافية والنزاهة، لتكريس دولة القانون. كما اقترح المتدخل استحداث «غرفة ثالثة» بالمجلس الدستوري للتصفية «من دون أن يشارك قضاتها فيها بعد البث في الدفع بعدم الدستورية». من جانبه، ثمن نواب حزب العمال على لسان، رئيس المجموعة البرلمانية، جلول جودي مشروع قانون الدفع بعدم الدستورية، لما تضمنه من حقوق للمتقاضين، غير أنه شكك في التطبيق الميداني لهذا القانون. وساق في هذا الإطار أمثلة عن حالات الإضراب، الذي أكد أنه حق دستوري، «غير أنه يمنع ممارسة هذا الحق على أرض الواقع»، حيث ذكر بإلغاء إضراب عمال الخطوط الجوية الجزائرية، بعدما قضت المحكمة بعدم شرعية الإضراب، ما أدى إلى عقاب النقابيين. كما أثار النائب جودي في مداخلته، عدم تناول المشروع للآجال الخاصة بمعالجة المجلس الدستوري للاخطارات التي ترفع إليه، والمتعلقة بعدم دستورية القوانين، على عكس الفصل في الآجال بهيئات أخرى». رئيس الكتلة البرلمانية للحركة الشعبية الجزائرية، الشيخ بربارة، أكد من جهته أن مشروع القانون العضوي الذي يحدد شروط وكيفيات الدفع بعدم الدستورية يضمن محاكمة عادلة للمتقاضين، معتبرا النص، خطوة أخرى نحو عصرنة قطاع العدالة والارتقاء به إلى مستويات عليا. وعن الأرندي، قال العضو القيادي النائب محمد قيجي، إن المشروع يصب في إطار تطور منظومة العدالة وإصلاحها، مبرزا بأن النص «سيمكن المواطنين من تطبيق مشروع قانون الدفع بعدم الدستورية بعد أن كان الأمر حكرا على رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة». كما ثمن نواب تجمع أمل الجزائر مشروع القانون محل المناقشة، حيث أكدت النائب كريمة عدمان على مبدأ الرقابة البعدية على الدستور، التي يمنحها قانون الدفع بعدم الدستورية، موضحة بأنه يعزز أكثر من صلاحيات ومهام المجلس الدستوري. وإذ دعت إلى تكثيف مجال تكوين القضاة وتوفير عدد كاف لتجنب ما وصفته «حدوث اختناق في المجلس الدستوري من كثرة الدفوعات التي يستقبلها في مجال الدفع بعدم الدستورية»، اشارت المتدخلة إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات الاحترازية للحفاظ على جدية الدفوعات. وهي نفس النقطة التي ركز عليها نواب جبهة المستقبل الذين أكدوا أهمية تكوين القضاة، مثلما جاء على لسان النائب شيخ منور. بدورهم، نواب حزب جبهة التحرير الوطني، وفي مداخلات متطابقة أشادوا بأحكام هذا النص الذي يعزز حقوق المتقاضين، معتبرين المشروع من أهم الاصلاحات التي قام بها رئيس الجمهورية في إطار تعزيز دولة الحق والقانون وضمان الحقوق والحريات وتمكين المواطن من محاكمة عادلة على غرار ما هو معمول به في الدول المتقدمة. كما أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني سعيد بوحجة، في مداخلة له بأن «قانون الدفع بعد الدستورية الذي يعرض مشروعه على البرلمان للمناقشة، يهدف إلى حماية حقوق المواطن عند تقاضيه، ويجسد سيادة القانون وكفالة العدالة، ومسايرة التطور الذي طرأ على مختلف الأنظمة القانونية عالميا»