انطلقت، مؤخرا، بدلس ولاية بومرداس، المرحلة الثانية من تصوير الفيلم الوثائقي "تادلس" الذي يروي التاريخ العريق لهذه المدينة العتيقة، وحسب مخرج الفيلم، صالح بوفلاح، متحدث "المساء"، فإن هذا العمل يتم بالتنسيق مع دكاترة في التاريخ والجيولوجيا وعلم الآثار، وبالتعاون مع تقنيين من إيطاليا وإسبانيا. داعيا السلطات الولائية إلى دعم هذا العمل الضخم الذي سيتم عرضه في الفاتح نوفمبر القادم إحياء لعيد الثورة المجيدة. يسلط "تادلس" الضوء على مدينة دلس ومعالمها التاريخية لاسيما منارة بن غوت والقصبة العتيقة وغيرها، عبر تصوير المشاهد الطبيعية الخلابة التي تزخر بها. أشار كاتب السيناريو ومخرج الفيلم صالح بوفلاح خلال حديثه ل«المساء"، أن ما أنجز تم خلال المرحلة الأولى التي شهدت وضع التصاميم الخاصة بالمدينة، بينما شهدت المرحلة الثانية في الأيام الأخيرة، الانطلاق الرسمي للوثائقي والمتعلقة بالجانب العلمي والأكاديمي ومنه تصوير المشاهد التمثيلية، موضحا استعمال تقنية التصوير ثلاثي الأبعاد لأول مرة في عمل مماثل، مبرزا أن المرحلة الثالثة ستكون بعد الفراغ من التصوير وتتعلق بالمونتاج والإنتاج النهائي للفيلم الوثائقي. المخرج وفي عرض مطول عن هذا الوثائقي، قال إن العمل سيعطي لمحة حقيقية عن الشعار الذي التصق بولاية بومرداس كونها "منارة الحضارات" من خلال "إظهار ذلك في هذا الوثائقي وإعطاء توضيح لهذا الشعار، كيف كانت كذلك من خلال هذه المدينة، والشريط الوثائقي سيكون فرصة حقيقية لإظهار ذلك، وفي هذا السياق أكد المتحدث أن الفيلم ليس ملكا لصالح بوفلاح وإنما هو منتوج مشترك قائلا "السيناريو كتبته أنا بإشراف الدكاترة المختصين، وكذا من خلال المصادر والوثائق التاريخية المتوفرة، وهو فيلم من 60 دقيقة، علما أننا حاولنا تمديد المدة لإعطاء المدينة حقها، ونحن بانتظار إعانات مادية لاسيما في جانب المشاهد التمثيلية والغرافيزم لإعادة تصميم المدينة، علما أننا تلقينا مساعدة مالية من وزارة الثقافة ولكنها تبقى غير كافية بالنظر لحجم المشروع، فرغم أنه مشروع خاص بولاية بومرداس ولكنه موجه لكل الجزائريين". يعطي هذا الوثائقي في البداية مشاهد عن العصور الجيولوجية الأولى التي عاشتها مدينة دلس من مرحلة ما قبل التاريخ إلى العصر الحالي، بما في ذلك الفترة الإسلامية التي شهدت خلالها تادلس ازدهارا كبيرا استمر من بداية العهد الحمادي إلى غاية سقوطها على يد الاحتلال الفرنسي. كما يظهر الوثائقي كذلك تمركز الإنسان في هذه المنطقة الجغرافية من شمال إفريقيا، مع تسليط الضوء على أهمية المدينة في التبادلات التجارية إلى جانب التركيز على خصوصيتها العمرانية منها طريقة بناء المنازل وتشييد الأحياء الفريدة من نوعها، واهتمام خاص بالطابع المعيشي الذي ساد في دلس، وكل ذلك العرض والبحث تم بالتنسيق مع جمعية "دلفين" المحلية، للتمكن أكثر من إعادة تمثيل بعض الأحداث التاريخية التي وقعت في فترات مختلفة من تاريخ دلس. أبرز مخرج هذا العمل فكرة اختيار استعمال التقنية ثلاثية الأبعاد في بعض المشاهد في محاولة لجعل الأحداث تبدو أكثر واقعية، وكذا في إعادة تصميم بعض أجزاء المدينة والجوانب والمعالم التاريخية بصورة تقريبية عبر هذه التقنية الحديثة، وأكد أنها تقنية تستعمل لأول مرة عبر فيلم وثائقي معتبرا العمل دقيق بفعل "المسؤولية الكبيرة كون المدينة عريقة ولها تاريخ زاخر من كل الجوانب. تم الاعتماد خلال فيلم "تادلس" على الكتب والمصادر التاريخية التي تسرد تاريخها وكذا تاريخ المدن المجاورة لها، وتم عرض الجداريات الموجودة في بلدية اعفير، وأيضا مدينة مرفأ الدجاج بزموري البحري وعلاقتها بمدينة تادلس، إضافة إلى عرض آخر عن مصادر المياه وطرق المعيشة والحياة التي استوطن فيها الإنسان المنطقة منذ القدم. كما سيتم الحديث كذلك عن سبب عدم تمكن القوات الفرنسية من التوغل إلى منطقة القبائل إلى أن احتلت دلس، وكذا تسليط الضوء على زيارة الأمير عبد القادر للمدينة، وأحداث تاريخية يتم سردها بفضل باحثين في مجال التاريخ منهم إسماعيل بن نعان، ومفدي شعباني والبروفسور سليمان شايبي الأستاذ بمعهد الآثار والجيولوجيا. أكد مخرج الفيلم أنه تم التنسيق مع مهندسين من إيطاليا وإسبانيا خلال تفحص المخطوطات التاريخية في الأرشيف الاسباني والأرشيف الايطالي بهدف إعطاء دلس حقها التاريخي والثقافي العريقين، وقال "يوجد اتصال مع مهندس معماري ايطالي لمعرفة حقائق تاريخية حول الاتفاقيات التجارية أو التصاميم تعود للفترة الرومانية لإثراء هذا الفيلم الوثائقي، والذي نحاول أن يكون جاهزا بمناسبة الاحتفال بالفاتح من نوفمبر 2018"، داعيا في هذا الصدد كل جهة يمكنها إعطاء الدعم، التقرب من أجل دفع هذا العمل الوثائقي الأول من نوعه، علما أن عملية الكاستينغ لاختيار الممثلين قد انتهت وأضاف "نحن حاليا بصدد انتقاء الوجوه الأقرب لأداء أدوار بعض الشخصيات لبعض المشاهد التاريخية، مثل معز الدولة. ❊ حنان. س