لم يتمكن السفير المغربي في الأممالمتحدة عمر هلال، وهو يعلّق على الإحاطة التي قدمها المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء الغربية الألماني هورست كوهلر، من التخلص تعنّت النظام المغربي في التعاطي مع كل التحركات التي تقوم بها الأممالمتحدة لإنهاء هذا النزاع الذي قارب عقده الخامس. فقد حرص السفير المغربي في حديث مع موقع مغربي معروف بنزعته الاستعمارية على القول أن لا شيء سيتم التفاوض بشأنه ما لم يحظ بتأييد وموافقة الرباط، جاعلا من الأممالمتحدة كأداة في يد بلاده وليس هيئة أممية من بين مهامها الأساسية إنهاء الاستعمار في كل مناطق العالم. وراح عمر هلال، من خلال ردوده يوهم الرأي العام المغربي أنه سيّد موقفه عندما فتح المدن الصحراوية المحتلّة لأول مرة أمام المبعوث الأممي وكأنها منّة من الرباط، وتناسى أنها فعلت ذلك بضغط دولي وبإصرار من كوهلر، نفسه الذي اقتنع بأنه لا يمكن تقديم هذه الإحاطة الرامية إلى تسوية نزاع بأهمية النزاع في الصحراء الغربية، دون القيام بزيارة إليه والتحدث إلى ساكنته، والتأكد من علاقتهم كشعب بقوة استعمارية استيطانية. بل أن هلال، لم يجد حرجا في التقليل من أهمية المهمة الموكلة للمبعوث الأممي الذي ما انفك يؤكد أنه سيعمل من أجل إجلاس طرفي النزاع إلى طاولة مفاوضات مباشرة والتي توقفت منذ سنة 2012، وراح يقنع نفسه بأنها «ليست مفاوضات ولكن مجرد لقاء تشاوري»، زاعما أن بريطانيا التي تضمن الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي على علم بالموقف المغربي، ولكنه لم يقل كيف سيكون عليه الأمر بمجرد أن تنتهي الرئاسة الدورية البريطانية للهيئة الأممية. ولكن السفير المغربي لم يتفطن إلى التناقض الذي وقع فيه عندما راح يدعو في سياق إجاباته الدول التي تعارض «الاحتلال المغربي» إلى تبنّي الواقعية ومساندة «المسلسل التفاوضي» الذي ترعاه الأممالمتحدة، وكان قبل ذلك يتحدث عن مشاورات وهو بحكم منصبه يعرف جيدا معنى المشاورات ومعنى المفاوضات. والأكثر من ذلك فقد أكد هلال، أن أعضاء مجلس الأمن الدولي يعرفون الموقف المغربي ويقدرونه، ولكنه لم يقل لماذا لم تتجرأ هذه الدول على حسم هذا النزاع المتواصل منذ احتلال الصحراء الغربية بقوة القانون، إذا سلّمنا أن مجلس الأمن له قوة فرض القرارات لصالح بلاده ما دامت على حق في مطلبها في الصحراء الغربية، وما كنا أمام معضلة الاستفتاء واستهلاك الأممالمتحدة لخمسة من مبعوثيها الخاصين وقوة أممية في الصحراء الغربية وأموال طائلة لتمويلها. وعندما واصل هلال، استعراض أفكاره فإنه حكم على مهمة كوهلر، بالفشل المسبق عندما أكد أنه لا حل للنزاع دون موافقة المغرب، وأن لا حل لقضية الصحراء الغربية سوى في إطار الحكم الذاتي، وهي رسالة «عصيان» معلن لكل الجهود التي تبذلها الأممالمتحدة من أجل أن تكون منصفة في حق الشعب الصحراوي عندما تبنّت ثلاثة خيارات منطقية يحسمها استفتاء تقرير المصير، وللشعب الصحراوي قول كلمته سواء باختيار الاستقلال أو الانضمام الى المغرب أو القبول بفكرة الحكم الذاتي. ولكن السفير المغربي حتى وهو يتكلم بلغة الواثق من تمرير مشروع بلاده الاستعماري في الصحراء الغربية فإنه لم يتمكن من التخلص من عقدة الدعم الجزائري لقضية تحرر شعب في القارة، تماما كما تفعل الكثير من الدول الإفريقية الوازنة في المشهد الدبلوماسي الإفريقي على غرار جنوب إفريقيا ونيجيريا ودول القارة الأخرى. ويصر السفير المغربي على التفاوض مع الجزائر وليس جبهة البوليزرايو رغم أن الأممالمتحدة تقر أن النزاع مغربي صحراوي، وحتى لائحة مجلس الأمن الدولي 2414 التي يتذرع بها الدبلوماسي المغربي أكدت على إشراك الجزائروموريتانيا كطرفين في المفاوضات ولكن بصفة ملاحظ ضمن موقف لم يتغير منذ عقود. وهو الدور الذي لم تتنصل منه لا الجزائر ولا موريتانيا بدليل أن كل المبعوثين الخاصين إلى الصحراء الغربية زاروا الجزائر ونواقشوط على هذا الأساس، وليس كما يزعم السفير المغربي في الأممالمتحدة. وتمسك السفير المغربي بفكرة الحكم الذاتي ليس لأنها تلقى القبول من ساكنة الصحراء ولكن لأن الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا موافقة عليها بدعوى أنها فكرة جادة وعملية، ولكنه لم يقل لماذا لم يكتب لها التجسيد على أرض الواقع سوى من مشاريع استيطانية في المدن المحتلّة انتفع منها المغاربة الذين استوطنوا الأراضي الصحراوية بقوة الحديد والنار قبل 42 عاما، وهم الآن ينتفعون من خيراتها البحرية والمنجمية بينما يقبع الصحراويون في زنزانات الاحتلال لأنهم يرفضون الأمر الواقع الذي يسعى المخزن لفرضه عليهم.