ما تزال إشكالية النظافة الاستشفائية تثير النقاشات في الوسط الصحي وتنظم لأجلها الملتقيات الوطنية والدولية، فقد أشار خبراء صحة وطنيون ل"المساء" مؤخرا أن مشكل نقص النظافة بالمؤسسات الاستشفائية ومراكز العلاج يقلل بالنصف من أمل الشفاء، بحكم أن المرضى الخاضعين للاستشفاء لمدة طويلة معرضون للإصابة بأمراض تتعلق بنقص النظافة بنسبة 70 بالمائة. ودعوا الوصاية إلى ضرورة وضع ميزانية خاصة لمكافحة الأمراض المنتشرة بالأوساط الاستشفائية ودعم تكوين عمال الصحة حول قواعد النظافة وأساليب التعقيم الصحيح، علما أن معدل الإصابة الوطني بالأمراض المتعلقة بالجراثيم الاستشفائية يتراوح ما بين 7 و14 ? . ورغم أن الجزائر تستورد سنويا بمبالغ ضخمة وسائل النظافة والتطهير الموجهة للمستشفيات إلا أن هذا العامل يبقى غير كاف، ويشير الدكتور "?ريم ناصر" طبيب مفتش ملحق بوزارة الصحة ل"المساء" على هامش انعقاد يوم دراسي تكويني حول النظافة الاستشفائية ومكافحة الانتانات المرتبطة بالعلاج بالعاصمة، قائلا إن فاتورة استيراد الأدوية تكلف الخزينة العمومية المليارات من الدينارات سنويا، رغم أنه بالإمكان تخفيضها إلى النصف بتحفيز النظافة بالوسط الاستشفائي ودعم الإنتاج محليا للمنظفات والمطهرات بدل استيرادها من أوروبا بمبالغ كبيرة. ويرى المختصون أن النسبة الكبيرة من الأمراض والجراثيم التي يتعرض لها المرضى تنتقل عن طريق اليدين، وأن معظم هذه الجراثيم مقاومة للمضادات الحيوية. وأن الوقاية من هذه الأمراض تتم عبر احترام قواعد النظافة بغسل اليدين قبل وبعد أي عمل أو اتصال بالمرضى أو حتى زيارتهم بالنسبة للأهل، وكذا تقليم الأظافر وارتداء لباس ملائم. وأكدت لنا البروفسور بديعة بن حبيلس رئيسة مصلحة الأمراض الوبائية والطب الوقائي بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا أن هذه القواعد غير محترمة، مشيرة إلى ان استخدام السوائل المطهرة، أفضل من الصابون خاصة وأن هناك نقصا في المنظفات والمناشف وحتى المياه أحيانا ببعض المؤسسات الاستشفائية. واعتبرت المتحدثة أن إضافة مادة النظافة والوقاية من الأمراض المتعلقة بالوسط الاستشفائي أمر ضروري في التعليم الطبي وشبه الطبي. ومن بين النقاط السوداء التي تسجل في الوسط الاستشفائي عدم احترام قواعد النظافة من طرف عاملات النظافة داخل قاعات العلاج اللواتي كثيرا ما يستعملن نفس المياه التي تنظف بها أماكن أخرى، مما يسبب نقل العدوى والجراثيم داخل المؤسسات الاستشفائية بحوالي 90 بالمائة، حسب ما أشارت إليه الدكتورة امحيز مختصة في الميكروبيولوجيا بالمؤسسة الاستشفائية العمومية لبولوغين في نفس الملتقى، وأضافت أنه تم ملاحظة نقائص بالجملة خلال إجراء تحقيق بذات المؤسسة حول النظافة في العام الجاري، ومنها أن المستخدمين لا يحترمون قواعد النظافة عند انتقالهم من مصلحة لأخرى خاصة تلك المعرضة أكثر للإصابة بالجراثيم والأمراض المتنقلة، كما أن عمال الصحة لا يحترمون غسل الأيدي رغم وضع موزعات الصابون السائل بعدة أماكن من المستشفى، وكذلك لا تحترم قواعد رمي النفايات الاستشفائية حسب مادتها حيث وضعت أكياس ملونة خاصة بكل نوع من أنواع هذه النفايات للحماية من الإصابة بالجراثيم والأمراض المنتشرة بالوسط الاستشفائي لحماية المرضى ومستخدمي القطاع، ورغم ذلك فإن هذه القواعد غير محترمة، وشددت المتحدثة على ضرورة إخضاع كل مستخدمي الصحة للتكوين حول هذه القواعد التي اعتبرتها أساسية. كما أشارت إلى مسألة تناول الأكل، فمستخدمو القطاع يتناولون أكلهم في أي مكان دون مراعاة لقواعد النظافة والوقاية من الجراثيم. كما يطرح مشكل نقص القفازات ومواد التنظيف أيضا، ومشكل تنظيف الأغطية والأفرشة، حيث علقت المختصة بالقول "إنها معركة لا تنتهي رغم الحلول الكثيرة المقترحة التي تبقى غير مطبقة" . وكان مختصون قد أكدوا ل"المساء" مسبقا أن غسل الأيدي عامل مهم جدا وضروري للصحة العامة، لأن اليدين بهما ما مقداره 80 بالمائة من الأمراض المعدية وأمراض أخرى كالجرب وأمراض الجلد، الإسهال المعدي، الرمد الحبيبي، أمراض الالتهاب الرئوي. كما أن غسل اليدين بالصابون يمكن أن يخفض الوفيات بالإسهال بمقدار 50? تقريبا وكذا الوفيات الناجمة عن الإصابة بالالتهاب الحاد في الجهاز التنفسي بما يصل إلى 25 بالمائة. كما أن التحقيق الوطني المنجز في 2005 حول النظافة في المستشفيات كان قد أظهر أن 90 ? من الهياكل الصحية لا تطبق شروط النظافة الصحية مع تخصيص 55 مليار سنتيم لمكافحة نقص النظافة والأمراض الاستشفائية.