استطاع مفدي زكرياء في حياته ومماته أن يجمع ثوار الجزائر وأحرار المغرب العربي أن يشكلهم قصائد شعر ملتهبة، ومثلما كان مفدي زكرياء شاعر الثورة والوحدة بالأمس، هاهو يعيد جمع كبار أساطين الثورة ورجالها من الرئيس أحمد بن بلة وجميلة بوحيرد وعبد الحميد مهري وأعضاء من مجلس الثورة والحكومة ووجوه تاريخية وثقافية عقدت العزم على تحرير الجزائر، جاء هؤلاء وفي كل منهم يسكن مفدي زكرياء نشيدا وكفاحا وشبابا، كان صباح أمس يوما لمفدي كما كان يوما للجزائر بمظاهرات 11 ديسمبر 1960، فقد احتضن قصر الثقافة مفدي زكرياء الملتقى الدولي الخامس لمفدي زكرياء شاعر التحرر والوحدة· كلمة افتتاح الملتقى الدولي الخامس لمفدي زكرياء الذي ينعقد في إطار الجزائر عاصمة الثقافة العربية وبحلول المائة سنة على ميلاد شاعر الثورة مفدي زكرياء وايضا الاحتفال بمظاهرات11 ديسمبر 1960 حيث خرجت جماهير الجزائر العاصمة منادية باستقلال الجزائر وأبلغت ديغول رسالتها بأن الجزائر ليست فرنسا، افتتح الدكتور سليمان الشيخ فعاليات هذا الملتقى الدولي بكلمة هي أقرب منها للوثيقة وبيانات عن الشاعر مفدي زكرياء استهلها بقوله: لقد وقفت مؤخرا، وأنا أطالع ورقة بخط مفدي زكرياء تعود الى الستينيات يقول فيها مفدي: ألاحظ هنا، بصراحة الجزائري التي قد تبلغ بعض الأحيان درجة العنف، أن النخبة المفكرة من اخواننا عرب المشرق يجهلون كل شيء عن اخوانهم عرب المغرب العربي الكبير وخاصة عرب الجزائر حتى عدنا نسمع بعضهم، والألم يحز نفوسنا يتعجب كيف يوجد بالجزائر من يتكلم بالعربية؟ واستعرض الدكتور سليمان الشيخ رئيس مؤسسة مفدي زكرياء المحطات النضالية لشاعر الجزائر الأول منذ نعومة أظفاره، أي منذ انخراطه في نجم شمال افريقيا وهو في مقتبل الشباب 17سنة، ثم في حزب الشعب الجزائري وحزب من أجل الحريات الديمقراطية ثم في انخراطه في الثورة وتعرضه للسجن، وكذا تناول الدكتور سليمان الشيخ جانبا من أشعار والده الملتهبة سواء في السجن او خارجه، ويرد على والده سليمان بعد ان طلب منه الابتعاد عن السياسة والإهتمام بالتجارة وذلك في 4 يوليو من عام1937 عن طريق زكرياء السيد بن سعيد يقول فيها ·· لست أدري لماذا هذا التحامل والتداخل في حياتي الخاصة التي أريد أن أكون فيها حرا، لا يتصرف أحد في أفكاري ولأجل هذه الحرية، حرية الرجولة، نحن نكابد ونجاهد، إن أبي يريدني أن أكون عضوا أشل في المعترك الحيوي وأن أكون مكتوف الأيدي عن العمل واللسان عن النطق والدماغ عن التفكير· وأنا لا أريد هذه الحياة ولم أخلق لها، وإنما خلقت لأن أدافع عن بلادي وأشترك في صف الجهاد والعمل في هذه الحياة والسعي لخير بني جنسي وللإسلام عموما ولم أخلق لأعيش عيشة الجمود والاستكانة والموت· إن أبي يريد أن يعَقرني كما يُعقر كثير من الآباء أبناءهم ولكن لي ثقة باللّه وايمان بعقيدتي وإخلاصي وانني لن أتأخر عن الجهاد ولو كانت الأرض كلها ضدي· الملتقى ايضا تلقى رسالة من فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة تلتها على الحاضرين الأديبة الوزيرة السيد زهور ونيسي نوّه فيها بخصال ونضالات الشاعر مفدي زكرياء والذي اعتبره قدوة للأجيال الصاعدة حيث قال :من واجب أجيالنا الصاعدة أن تعلم ولاتنسى أن هذا المثقف المناضل المبدع كان من الرعيل الأول من المنظرين والداعين الى وثبة الخلاص والانعتاق من جحيم الاستعمار البغيض· كما أشاد رئيس الجمهورية بشاعرية مفدي زكرياء وثقافته الواسعة حين قال :كان من فرسان البيان عشق الوطن فنذر حياته ووقف عليه شعره وأدبه وتمكن من أن يسمع الدنيا كلها آلام شعبه ويقنعها بصدق وعدالة قضيته كما قرأ محمد سيدي موسى مستشار بوزارة الثقافة رسالة السيدة الوزيرة خليدة تومي التي هي ايضا جابت من خلالها سهول شعر مفدي زكرياء وحلقت فوق جباله وتلاله وصحاريه منذ أن لزم الجهاد بكل ما لديه بلسانه وتضحياته كما تم عرض شريط وثائقي تم انتاجه في إطار الجزائر عاصمة الثقافة العربية من قبل المخرج سعيد علمي، وقد استطاع الشريط ان يلتقط مساحة كبيرة من حياة الشاعر ويسلط عليها الضوء من خلال شهادات من عايشوه سواء في الجزائر وتونس والمغرب في شبه سلسلة من حياته النضالية منذ شبابه المبكر، وهو حافظ للقرآن او طالب بالزيتونة او شاعر يؤازر ثورة الريف، ثورة عبد الكريم الخطابي أو في حزب الشعب وهو يتقلد مكانة الرقم الثاني في الحزب او في حزب من أجل انتصار الحريات الديمقراطية اوانضمامه للثورة ونشيد قسما وفداء الجزائر شهادات حية أدلى بها الكثير من المناضلين والمناضلات وكبار الشخصيات الثقافية· هو ذا مفدي زكرياء الذي ضمه قصر الثقافة ضمة حب وتقدير من قبل الوطن والشعب·