إحتضنت قاعة المحاضرات بأمن ولاية بومرداس أمس، ندوة تاريخية لإحياء الذكرى ال57 لمظاهرات 17 أكتوبر، نشطها كل من المجاهد محمد غفير، أحد المشاركين في هندسة المظاهرات بباريس، وعضو "المالغ" محمد مقراني الذي أدلى بشهادته الرسمية لأول مرة بعد 56 سنة من الاستقلال. وسط حضور من الأسرة الثورية المحلية وعناصر من الأمن الولائي ورجال الإعلام ومدعوين، ألقى المجاهد محمد غفير المدعو "موح كليشي" أحد مهندسي مظاهرات 17 أكتوبر 1961 الشهيرة بباريس، محاضرة مطولة عن أهم المحطات التاريخية التي هندست للثورة التحريرية المتوجة بالاستقلال، وأهمها مظاهرات 17 أكتوبر المعروفة وطنيا باليوم الوطني للهجرة. المجاهد صاحب مؤلف صادر مؤخرا يضم تفاصيل هذا الحدث الكبير قال إنّه "تحويل لمسار الثورة في أرض العدو". وأصر المحاضر في خضم سرده لشهادته التاريخية على لفت انتباه الشباب للاهتمام بدراسة التاريخ الجزائري الذي وصفه ب«العظيم"، معتبرا تداول التاريخ وتخليده مهمة كبيرة ومسؤولية جسيمة لابد على الجميع التنسيق من أجل بلوغ ذلك الهدف الأسمى، كون ثورة نوفمبر تمثل أعظم ثورات التاريخ الحديث. عن 17 أكتوبر 1961، تحدث "موح كليشي" عضو فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، وقال إنها كانت معركة سياسية في قلب العدو وليست مجرد مظاهرات قابلها المستعمِر بالقمع ورمي جثث الجزائريين المتظاهرين سلميا بنهر السين، واعتبرها كذلك محطة كبرى من محطات تفجير الثورة في الفاتح نوفمبر 1954. وذكّر في معرض شهادته كيف أنّ القادة الأفذاذ للثورة مهّدوا للاستقلال من دون إغفال أي جانب، ومنه إقحام الجالية الجزائريةبفرنسا في المشاركة في تحرير وطنها، "حتى أن كتب التاريخ تكشف أنّ 80% من ميزانية حرب التحرير كانت من جاليتنا بفرنسا التي كانت تؤمن باستقلال وطنها"، يقول المحاضر وهو يعدد 7 محطات كبرى منذ انطلاق الثورة في 1954 إلى الاستقلال في 5 جويلية 1962 مرورا بهجوم الشمال القسنطيني (1955) ومؤتمر الصومام (1956) واعتلاء ديغول سدة الحكم بفرنسا في 1958 وأثار ذلك على مسار الأحداث بالجزائر عسكريا وسياسيا، وصولا إلى مفاوضات إيفيان (مارس 1961) إلى مظاهرات 17 أكتوبر 1961 التي دعا إلى تنظيمها قادة الثورة في قلب عاصمة الجمهورية الفرنسية الخامسة، "وكانت مظاهرات سلمية جمعت الآلاف من الجزائريين المطالبين باستقلال وطنهم"، يضيف المحاضر متحدثا عن القمع والتقتيل التي قوبل بها المتظاهرون الجزائريون ورمي جثثهم بنهر السين"، مستشهدا بأدلة موثقة من صحفيين فرنسيين عايشوا الحدث وغيرهم. كما تحدث عن الأيام التي تلت 17 أكتوبر أهمها إضراب العمال الجزائريين أبناء الجالية بفرنسا لشلّ الاقتصاد الفرنسي وإضراب السجناء الجزائريين عن الطعام بسجون فرنسا، ومظاهرات النساء مطالبات من الحكومة الفرنسية بالإفراج عن أزواجهن وأبنائهن بكلّ شجاعة واعتزاز.. من جهته، تحدّث المجاهد محمد مقراني العضو البارز في وزارة التسليح والعلاقات العامة أو "المالغ"، عن الحنكة الكبيرة التي كان يتمتع بها قادة الثورة وعملهم المشترك والمنسق الذي كان يقوم على تقسيم الأدوار من أجل التتويج باستقلال الجزائر، وتحدث مستشهدا بكتب ووثائق مازال يحافظ عليها جيدا، عن أشبال صاروا كوادر أسّسوا أوّل مصلحة للاتصال والتواصل السلكي واللاسلكي، وكيف أنّ الثورة اعتمدت على ثلة منهم ممن أتقنوا تقنية المورس وكيفية تشفير الرسائل وفك شفرتها لكسر التواصل بين العدو وضربه في الصميم، موضحا أنّ تحكّم الثورة في تقنيات الاتصال قلبت الموازين لصالح الجزائريين كما قلبت مظاهرات 17 أكتوبر 1961 الطاولة على المستعمر الفرنسي وهندست للاستقلال ذات 1962..