"تهادوا تحابوا" حديث من الأحاديث النبوية الشريفة التي تقوّي وتمتّن الروابط الإنسانية وتعزّز السلوكات الأخلاقية التي تؤدّي إلى إثمار المحبة وإنضاجها داخل قلوب الناس وهي الهدية. "تهادوا تحابوا" هكذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام، وهكذا بنى حصون المحبة التي يعجز الحقد والكراهية على تدميرها أو اقتحامها وتهديمها إذا ما عزّزت هذه المحبة بالهدايا، كما أكّد عليه الصلاة والسلام على إفشاء السلام بين الناس وجعله من السلوك الذي يوطّد الأمن والاستقرار ويجلب الرزق والخير. هذه الأيام تقبل سنة وتدبر سنة، يمضي ناس إلى نهايتهم ويستبدلون بآخرين يتذوّقون مسرّات الحياة وأحزانها، السنة الميلادية لم يبق بيننا وبينها إلا أيام أقل من القليلة، يودّع فيها ناس بالسخط لأنّهم سجّلوا في حضورهم الكثير من الشرور، وجلبوا على الإنسانية الدمار والحرب، وتسبّبوا في تجويع الناس وقتلهم، فكان وداعهم الضرب بالأحذية وذلك أضعف إيمان السخط والاستنكار على ما اقترفوه في حق الشعوب والحضارات . تمضي سنة وشعبنا العربي المسلم في غزة يعاني المظلمتين، ظلم بني صهيون العدواني، وظلم ذوي القربى الذي هو أشدّ وأنكى، الأطفال الرضع الذين هم في حاجة إلى الحليب والدواء، كبار السن، المرضى، المدارس والمستشفيات المغلقة، كلّ هذه التصرفات اللاإنسانية تنمّ عن الحقد والكراهية.أيّ عيد، بل أيّ سنة جديدة تستقبلها الإنسانية وشعب يحاصر، بل يحشر في زنزانة اسمها غزة، بلا ماء ولا كهرباء، حصار من الجو والبحر والبر لأنّ أبناء صهيون الذين سلبوا الأرض الفلسطينية يبحثون عن مأمن لهم وسلام مع حفاظهم على الأرض التي اغتصبوها، وهل يرضى أصحاب الأرض بغير أرضهم وطنا، وديارهم مسكنا؟. إنّ ثقافة الهدايا والسلام والأمن تبدأ بالنسبة للعرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من هنا، من أرض فلسطين، وبالخصوص من غزة لأجل أطفالها وأبطالها، لأجل شيوخها ونسائها ومرضاها، لأجل هؤلاء جميعا "تهادوا تحابوا".