أكد ممثل وزير الشؤون الدينية مراد معيزة على ضرورة تشجيع كل المبادرات الساعية لتطوير المالية الإسلامية بالجزائر، لاسيما في ظل الأزمة المالية الراهنة، مشيرا إلى أهمية الصيرفة الإسلامية في المحافظة على التوازنات الاقتصادية في ظل تحلي الغربيين ب "الجرأة" في الاعتراف به، فيما يبقى إصدار إطار قانوني وتشريعي للمعاملات البنكية الإسلامية، يشكل مطلبا ملحّا لدى الخبراء وأصحاب البنوك العاملة في هذا المجال، وهو ما تم التأكيد عليه أمس خلال الندوة المنظمة بدار الإمام حول "المالية الإسلامية". وشكلت الندوة التي حضرها ممثلون عن وزارتي الشؤون الدينية والمالية وبنك الجزائر، فرصة لتجديد الحديث عن ضرورة ملء "الفراغ القانوني" لتأطير المعاملات البنكية الإسلامية، وذلك عبر إدخال تعديلات على قانون النقد والقرض وقانون التجارة وكذا قوانين المالية، حيث تم التشديد على أهمية توسيع نطاق استخدام مثل هذه المعاملات لاستقطاب شرائح اجتماعية لا تتعامل إلى حد الآن مع البنوك وجلب أموال من خارج الدائرة الرسمية لتوظيفها سواء عبر الادخار أو الاستثمار. وقال المدير العام لمصرف "السلام" المنظم للندوة ناصر حيدر، إن مثل هذه التظاهرات تهدف بالخصوص إلى طرح "مسائل اجتهادية تثري منظومة الفقه الإسلامي في هذا المجال"، مما دفع إلى توسيعها ابتداء من العام المقبل لتصبح "مغاربية"، ثم في خطوة أخرى ستتحول إلى موعد "دولي" خلال السنوات المقبلة. والهدف هو "ترقية البحث والتفكير والاجتهاد في المسائل ذات العلاقة بالممارسة المالية والبنكية بشكل يستجيب لقواعد الشريعة، من أجل الاستجابة لطلب اجتماعي واقتصادي لفئة هامة من مجتمعنا، تبحث عن منتجات مالية، تستجيب لقواعد ومبادئ الشريعة، ومتوافقة مع قناعاتهم الدينية، بما يمكّن من توسيع اللجوء إلى البنوك، وبالتالي استقطاب جزء من الأموال التي توجد حاليا خارج الأطر البنكية، بما يخدم الاقتصاد الوطني ويمنحه قيمة إضافية". ولأن هذا الأجراء يتطلب وجود تشريع لتنظيم المعاملات، فإن الندوة التي جاءت تحت عنوان "التمويل الإسلامي – الطريق الآمن"، تضمنت تقديم شروحات حول هذه التعديلات التي يمكن للسلطات العمومية إدخالها في قانون النقد والقرض وقانون التجارة وقوانين المالية في جانبها الضريبي، من أجل تأطير هذه النشاطات بدون "إحداث إرباك في القانون العام الذي يحكم المعاملات البنكية في عمومها". وستعمل الجزائر من خلال هذا التوجه حسب المتدخلين على الاستفادة مما يتيحه هذا النوع من التمويل على المستوى الدولي، حيث ركز رئيس هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لمصرف "السلام" الدكتور حسين حامد حسان في مداخلته، على الأهمية التي بات يحظى بها التمويل الإسلامي في الغرب، مشيرا إلى أن ذلك راجع إلى "إيمان غير المسلمين في الدول الغربية بأن المنتجات الإسلامية آمنة وعادلة وتلبي حاجاتهم وتحقق مصالحهم". ولم يتردد المتحدث في الاعتراف بأن انتشار البنوك الإسلامية بهذا القدر لم يكن متوقعا، قائلا: "لم نكن نحلم بأنه بعد 40 سنة ستنتشر البنوك الإسلامية بهذه السرعة". وعلى هامش الندوة كشف مدير بنك "السلام" الذي احتفل هذه السنة بعامه العاشر في الجزائر، عن تحقيق المؤسسة أرباحا تقدر بملياري دينار خلال هذه السنة، مشيرا إلى أن العمل مستمر لتطوير منتجات تستجيب لكافة الطلبات في المجتمع، لاسيما ما يتعلق بمجال "الادخار". وتحدّث في هذا الصدد عن تطوير منتجات تخص "السكن والزواج والدراسة" قريبا، ستستهدف فئات محددة، فضلا عن تطوير منتجات إلكترونية ومعاملات عن بعد؛ "من أجل تمكين كل المواطنين من الحصول على خدمات البنك أينما كانوا، لاسيما في المناطق التي لا توجد بها وكالات للبنك، الذي يعمل وفق مبدأ الاندماج المالي لكل المناطق".وأعلن نفس المتحدث عن فتح فروع في عدة ولايات ابتداء من غد، لاسيما أدرار وباتنة والمسيلة وبسكرة وعنابة، مضيفا أن البنك يعتزم كذلك اقتراح منتجات تتعلق بتمويل كراء المنازل، التي قال إن الطلب كبير عليها. على صعيد آخر، تم بالمناسبة الإعلان عن إنشاء بنك "السلام" لمجلة علمية. ودعا إلى الكتابة فيها باحثين ومتخصصين، لإثراء المجال ببحوث أكاديمية علمية ذات مستوى عال، وإثراء الممارسة الميدانية عبر طرح أفكار ومنتجات جديدة لتحقيق المواءمة بين الاحتياجات العملية والاقتصادية والشروط الشرعية.