اختتم مساء اليوم، بالعاصمة الإسبانية مدريد أشغال الدورة الثالثة والأربعين للندوة الأوروبية للتضامن مع الشعب الصحراوي بإصدار بيان ختامي يتضمن نتائج النقاشات التي تمت خلال يومين من الأشغال والتي عرفت إثارة آخر تطورات القضية الصحراوية غداة مصادقة مجلس الأمن الدولي على اللائحة 2440 وأيضا عشية انطلاق أول جولة مفاوضات بين جبهة البوليزرايو والمغرب في الخامس من الشهر القادم بمدينة جنيف السويسرية. وانطلقت أشغال الندوة الأوروبية للتضامن مع الشعب الصحراوي المعروفة اختصارا باسم «الاكوكو» تحت شعار «من أجل استقلال الصحراء الغربية... مسؤولية إسبانيا وأوروبا في التسوية»، شاركت فيها فعاليات دولية ومنظمات حقوقية مؤيدة لتقرير مصير الشعب الصحراوي. وتعد هذه الندوة السنوية التي تنظم منذ سنة 1976 بدون انقطاع في مختلف المدن الأوروبية على غرار مدريد وبرشلونة وروما وبروكسل وفالنسيا وباريس، أهم تظاهرة دولية للتضامن مع الشعب الصحراوي حيث يجدد مئات المناضلين دعمهم كل سنة للقضية الصحراوية وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وترأس الوفد الصحراوي، رئيس المجلس الوطني الصحراوي خطري أدوه، الذي أكد في افتتاح أشغال الندوة على استعداد الطرف الصحراوي في دعم مساعي المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية، هورست كوهلر الرامية إلى تسوية القضية الصحراوية وفق الشرعية الدولية. وأضاف نحن ذاهبون إلى جنيف وكلنا عزم على التعاون البنّاء مع السيد كوهلر في نفس الوقت الذي سجل فيه ارتياح الطرف الصحراوي بتقليص عهدة بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء الغربة «مينورسو» إلى ستة أشهر بدلا من عام. وطالب المسؤول الصحراوي، مجلس الأمن الدولي بدفع الحكومة المغربية إلى الدخول في مفاوضات جادة والكف عن أساليب العرقلة وسياسة ربح الوقت للإبقاء على الوضع القائم بقناعة أن الوقت قد حان لطي وبصفة نهائية ملف تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية وتمكين شعبها من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال. وطالب أدوه، مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤوليته في فرض تنفيذ قرارات الأممالمتحدة وتفعيل دور بعثة «مينورسو» في متابعة وضع حقوق الإنسان والإقرار عنها والتواصل مع السكان. وقال ممثل جبهة البوليزاريو ومنسقها مع ندوة «الاكوكو» أمس، إن أشغال الدورة انطلقت هذا العام بديناميكية جديدة على خلفية مضمون لائحة الأممالمتحدة 2440 التي أعطت حركية جديدة لملف النزاع في الصحراء الغربية وخاصة تمديد عهدة «مينورسو» لمدة ستة أشهر فقط بدلا من 12 شهرا وكذا قرار محكمة العدل الأوروبية التي أقرت في ديسمبر 2016 باستحالة تطبيق اتفاق الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي على إقليم الصحراء الغربية دون الموافقة المسبقة للشعب الصحراوي ممثلا في جبهة البوليزاريو. وانقسم المشاركون في ندوة «الاكوكو» إلى أربع ورشات متخصصة، تناولت الورشة الأولى الجوانب السياسية في النزاع وأخرى مسألة حقوق الإنسان والمدن المحتلة، بينما درس المشاركون في ورشة ثالثة قضية نهب الثروات الطبيعية الصحراوية وورشة أخيرة، بحثت آليات تعزيز آليات عمل مؤسسات الدولة الصحراوية. كما كانت الندوة فرصة للمشاركين لتذكير السلطات الإسبانية بمسؤوليتها المباشرة في تمكين المغرب من احتلال الصحراء الغربية وفي الانتهاكات المرتكبة من قبل أجهزته الأمنية في حق المواطنين الصحراويين منذ أكثر من 40 سنة. وعرفت أشغال هذه الندوة مشاركة أكثر من 400 مدعو من عدة بلدان مؤيدة لكفاح الشعب الصحراوي جاؤوا من مختلف قارات العالم وسفراء تعترف بلدانهم بالجمهورية العربية الصحراوية وبرلمانيين ومنتخبين أوروبيين، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين عن منظمات وطنية ودولية ونقابيين ونشطاء حقوقيين وجمعيات صديقة للشعب الصحراوي ورافضة للاحتلال المغربي لإقليم الصحراء الغربية. يذكر أن انعقاد ندوة «الاكوكو» تزامنت هذا العام مع الذكرى ال43 للتوقيع على إعلان مدريد في 14 نوفمبر 1975 والذي شكل بداية مأساة الشعب الصحراوي مع الاحتلال المغربي ضمن أبغض استعمار تعرفه القارة الإفريقية. وشارك وفد من المجلس الشعبي الوطني الجزائري في هذه الندوة، ضم رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية عبد الحميد سي عفيف، رئيسة مجموعة الصداقة والأخوة البرلمانية «الجزائر الصحراء الغربية» سعيدة بوناب. ودعا رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، سعيد العياشي الذي حضر أشغال الندوة إلى توخي اليقظة أمام المناورات المغربية الرامية إلى تعطيل مفاوضات جنيف في نفس الوقت الذي استنكر فيه مناورات المغرب والاتحاد الأوروبي الرامية إلى «التحايل وعقد اتفاقيات جديدة مما جعله يطالب بوقف هذا الانزلاق القانوني من قبل المفوضية الأوروبية. وكان محامون صحراويون عقدوا عشية انطلاق أشغال هذه الندوة، لقاء تنسيقيا بمقر اتحاد المحامين الإسبان، حضرته خيرة بلاهي، ممثلة جبهة البوليزاريو بالعاصمة مدريد، بالإضافة إلى محامين ومختصين في القانون الدولي. وقدم محامون ومختصون في القانون الدولي سلسلة محاضرات تناولت جوانب من القضية الصحراوية وآخر تطوراتها وضرورة خروج الاستعمار المغربي منها. وقال الخبير الإسباني في القانون الدستوري، كارلوس رويث ميغال، خلال محاضرة تناول فيها جوانب من اتفاقية مدريد الثلاثية بين ديكتاتور إسبانيا، فرانشيسكو فرانكو والملك المغربي الحسن الثاني والرئيس الموريتاني المختار ولد داده والتي تم من خلالها تقسيم إقليم الصحراء الغربية، أنها اتفاقية لا تستند إلى أية قاعدة قانونية وهي وبالتالي لاغيه ولا يعتد بها في المعاهدات الدولية. وأثار المحامي الإسباني، مانويل أويا في محاضرة أخرى «جرائم الإبادة التي ارتكبها المحتل المغربي في السنوات الأولى لغزوه العسكري للصحراء الغربية» في 31 أكتوبر 1975 قبل أن يعرج إلى مشكلة نهب الثروات الطبيعية الصحراوية من طرف المحتل المغربي بتواطؤ من شركات عالمية همها الربح. وكشف محامي جبهة البوليزاريو، مانويل ديفيير في هذا السياق عن الجهود المبذولة على مستوى الاتحاد الأوروبي للحد من تشريع نهب ثروات الشعب الصحراوي.