يعرف قطار "كوراديا" الذي دخل الخدمة منذ أقل من سنة، وضعية كارثية جراء تعرضه لأعمال تخريب بسبب الرشق بالحجارة، الذي يكبد خزينة المديرية العامة للشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، ومعها الخزينة العمومية، أموالا طائلة، في وقت تؤكد كل المؤشرات أن تخريبا منظما يطال القطارات في بعض النقاط التي حددتها مصالح المديرية الجهوية للنقل بالسكة الحديدية في بعض المناطق المتفرقة من الولايات، التي يمر بقربها القطار. يعد قطار "كوراديا" الذي استفادت منه شركة النقل بالسكك الحديدية، آخر القطارات العصرية التي دخلت الخدمة في بلادنا، والتي مكّنت من عصرنة النقل البري بالقطارات، وفتحت معه المديرية العامة للسكك الحديدية العديد من الخطوط الطويلة، خاصة على مستوى المديرية الجهوية للنقل بالسكة الحديدية في وهران، حيث مكّنت من فتح خط وهران-بشار، وهو الخط الذي يعرف إقبالا كبيرا منذ فتحه، مما ساهم في رفع عدد المسافرين المتنقلين عبر القطارات بغرب البلاد، إلا أن ما يشهده قطار "كوراديا" من اعتداءات ورشق بالحجارة أصبح يطرح أكثر من سؤال، على خلفيات الاعتداء التي لا زالت تطال القطار، خاصة ببعض المناطق التي وقفت عليها مصالح المديرية الجهوية بوهران. قامت "المساء" رفقة إطارات المديرية الجهوية للشركة بجولة ميدانية في محطة القطار بحي سيدي البشير ببلدية وهران، والوقوف على الأضرار التي طالت أحد القطارات، وهو القطار العامل بين وهران وبشار، واكتشفنا خلالها أن القطار تعرض لتخريب شبه تام للنوافذ الزجاجية، التي تعدّ من أهم الخصائص الموجودة في قطار "كوراديا"، والتي تمكّن المسافرين من مشاهد المناظر الطبيعية خلال الرحلة. وقفت "المساء" خلال الجولة داخل قطار "كوراديا" بمحطة وهران، على 40 نافذة شبه محطمة كليا، بسبب الرشق بالحجارة، ستكبد عملية إعادة وضعها الخزينة العمومية الملايير، كما وقفنا على مشهد مرعب لواجهة مقدمة القطار الخاصة بسائق القطار، حيث تعرضت الواجهة الزجاجية للرشق والتحطيم، مما أدى إلى دخول الرمال إلى قمرة القيادة الخاصة بالسائق. وأمام ذلك، لجأت المصالح التقنية إلى غلق مكان تضرر الزجاج مؤقتا في انتظار إصلاحه، مما يعني أنّ عملية التصليح والصيانة وإعادة وضع الزجاج ستتطلب إخراج القطار من الخدمة، مما سيعطل مصالح المواطنين ويؤثر على برامج الرحلات. كشف المدير الجهوي للنقل بالسكة الحديدية في وهران، مراد ديب، عن أنّ مصالحه ضمن الأيام التحسيسية حول الممرات السطحية، تعكف على تحسيس المواطنين بخطورة رشق القطارات بالحجارة، وأوضح المتحدث أن المناطق التي يتعرض فيها القطار للرشق بالحجارة، تمّ تعيينها، وهي معروفة لدى إدارة الشركة الوطنية للسكك الحديدية، في انتظار تدخّل المصالح الأمنية ومختلف المصالح المعنية للحد نهائيا من الظاهرة التي تكبد المؤسسة سنويا الملايير. جرح 79 مسافرا و84 عاملا رشقا بالحجارة كشفت الأرقام التي تحصلت عليها "المساء"، عن تسجيل الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية خسائر بالملايير، كانت ستساهم في ترقية استثمارات الشركة، وبلغ عدد حوادث الرشق بالحجارة منذ عام 2013 إلى غاية السنة الجارية 2018، 1378 حالة رشق بالحجارة، تسبّبت في إصابة 79 مسافرا بجروح، إلى جانب 84 عاملا بالشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، أغلبهم سائقو القطارات، في وقت كشفت حصيلة مالية عن خسارة الشركة الوطنية للسكك الحديدية على المستوى الوطني، بسبب حوادث الرشق لمبلغ تجاوز 356 مليون دينار من سنة 2013 إلى غاية 2017، فيما بلغ حجم الخسائر منذ الفاتح فبراير إلى غاية أكتوبر الماضيين 26 مليون دينار، في وقت تتوقع مصالح المديرية الجهوية للنقل بالسكك الحديدية ارتفاع الرقم مع نهاية السنة مع تزايد حالات الرشق بالحجارة. 65 قتيلا وخسائر تجاوزت 100 مليار سنتيم كشفت الحصيلة التي قدمتها المديرية العامة للنقل بالسكك الحديدية منذ سنة 2013 إلى غاية 2018، عن ارتفاع في الخسائر التي تتكبدها الشركة بسبب الحوادث، خاصة على مستوى الممرات السطحية التي يبقى فيها المواطن المتهم الأوّل في مخالفة القانون، حيث تبرز الأرقام أن عدد حالات الدهس على مستوى الممرات السطحية بلغ 457 حالة موزعة على 37 حالة بممرات محروسة، و420 حالة بممرات غير محروسة، مما تسبب في مقتل 65 شخصا موزعين على ثلاث حالات في ممرات محروسة، و62 حالة في ممرات غير محروسة، و294 جريحا موزعين على 16 جريحا في ممرات محروسة، و278 جريحا في ممرات غير محروسة، في حين بلغ حجم الخسائر بسبب دهس العربات على الممرات السطحية مبلغ 1.4 مليار دينار، أي ما يتجاوز المائة مليار سنتيم خلال نفس الفترة، وهو رقم يؤكد حجم الأضرار التي لا تزال تطال القطارات. للحد من الظاهرة، قامت المديرية العامة للشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، بمناسبة اليوم المغاربي للممرات السطحية، بحملة وطنية تحت شعار "قف، الأولوية المطلقة للقطار" من أجل التحسيس بمخاطر عدم احترام القانون في الممرات السطحية. كشف رئيس اللجنة الجهوية للحملة التحسيسية ونائب مدير مكلف بأمن سير القطارات، السيد مكي ابراهيم، عن أن الحملة التحسيسية التي أطلقت في عدة ولايات، خاصة التي شهدت حوادث مرور، عرفت إقبالا كبيرا من المواطنين والمسؤولين، والهدف من الأيام التحسيسية التي ستتواصل على مدار السنة، جمع كامل الشركاء والمعنيين لمحاربة الظاهرة والقضاء على الحوادث. كما تم استحداث قناة على شبكة "اليوتوب" خاصة بالتحسيس حول مخاطر الممرات السطحية، وأكد المتحدث أن المواطنين لا زالوا يعتقدون أن القطار يسير كالمركبات، حيث أشار المتحدث إلى أن القطار يسير على سكة حديدية مستطيلة، وهو ما لا يمكنه من التوقّف بسرعة في حال دخول مركبة أو عائق للسكة عبر الممرات السطحية، كما لا يمكنه تغيير المسار، مما يؤدي إلى وقوع الحوادث. كشف السيد مكي عن إعداد تجربة بيانية حقيقية لتوقّف القطار في حال مشاهدة عائق، وأبرزت التجربة أن القطار الذي يسير بسرعة 80 كلم في الساعة، يلزمه 550 مترا للتوقف، والمسافة تزيد كلما كانت السرعة مرتفعة، موضحا أن سائقي المركبات ملزمون باحترام القانون وإشارات المرور. غلق 88 ممرا سطحيا وعصرنة202 عربتين أضاف المدير الجهوي أنه بسبب الحوادث المتكررة في بعض الممرات السطحية، فإن القطارات تتمهّل في السرعة إلى غاية المرور عبر الممرات، مما يؤثّر يوميا على توقيت وصول القطارات. وأكد أنه سيتم لاحقا غلق 88 ممرا سطحيا خطيرا عبر الوطن، منها ممرات سطحية عبر شبكة غرب البلاد، سيتم تعويضها بممرات علوية ومحولات، وسيمكّن من رفع الالتزام بتوقيت وصول القطارات والرفع من سرعتها. أوضح المدير الجهوي أن تجربة هامة جسدت ميدانيا في ولاية سعيدة، حيث لا يوجد أي ممر سطحي بين منطقتي سعيدة و«مولي سليسن"، مما يمكّن القطار من تحقيق توقيت قياسي في الوصول إلى المحطة. كما سيتم من خلال البرنامج المسطر من طرف المديرية العامة، عصرنة وتهيئة 202 عربتين، تحوّل تدريجيا نحو وحدة سيدي بلعباس من أجل إخضاعها للعصرنة وفق معايير عالمية، حيث يتم حاليا استلام أربع عربات شهريا تدخل الخدمة مباشرة. ‘'أل جي في" بسرعة 160 كلم/سا وارتفاع في عدد المسافرين في المقابل، لا زالت أشغال المشروع الجديد الأول من نوعه وطنيا لإنجاز أوّل قطار من نوع "أل جي في"، الذي سيربط منطقة وادي تليلات في ولاية وهران بولاية تلمسان، حيث سيسلم خلال الأشهر المقبلة، وهو قادر على السير بسرعة 160 كلم في الساعة، مما سيساهم في نقل المسافرين في أريحية وفي فترة زمنية قياسية. كما يتم على مستوى ولاية وهران إنجاز المحطة البرية الجديدة بمنطقة سيدي البشير ضمن برنامج العصرنة لاستقبال القطارات، وهي محطة تتوفر على كامل الشروط الضرورية والمرافق التي تقع بداخل محطة القطار. كما كشف المدير الجهوي عن تسجيل ارتفاع كبير في عدد المسافرين عبر القطارات، خاصة بعد دخول قطارات "كوراديا" الخدمة وفتح خط وهران بشار الذي يعد أهم خط حاليا، بسبب الإقبال الكبير عليه من طرف المسافرين. كشفت الأرقام التي تحوزها "المساء"، عن أن الشركة على مستوى المديرية الجهوية بوهران تقوم يوميا بنقل 11 ألف مسافر، وبلغ عدد مستعملي القطارات بالجهة 1.36 مليون شخص، في وقت تتوقع الشركة تحقيق رقم يتجاوز مليوني مسافر في نهاية السنة الجارية، حيث ارتفع الإقبال على القطارات من 17 بالمائة سنة 2016 إلى 33 بالمائة سنة 2017، مع تواصل مؤشر الارتفاع شهريا.