بقي الفرنسيون، طيلة نهار أمس، ينتظرون بكثير من الترقب الخطاب الذي قرر الرئيس إيمانويل ماكرون إلقاءه والقرارات التي يتضمنها بخصوص حراك "الصدريات الصفر" الذين هزوا استقرار فرنسا وهددوا سلمها الاجتماعي للأسبوع الخامس على التوالي. وبقي السؤال المحير للمواطنين الفرنسيين وكل الطبقة السياسية هل سينزع الرئيس ماكرون فتيل الأزمة التي أشعلها "الصدريات الصفراء" أم أنه سيزيد في تعقيدات الوضع انطلاقا من مواقفه المتشددة الرافضة لكل تراجع عن قرار رفع أسعار الوقود التي أشعلت الفتنة الشعبية في فرنسا. وتوقعت وزيرة العمل مورييل بينيكو، أن يعلن الرئيس "إجراءات فورية وملموسة" ردا على الأزمة، لكنها استبعدت أي زيادة إضافية للحد الأدنى للأجور، الأمر الذي يندرج ضمن مطالب الحركة الاحتجاجية واكتفى بنجامين غريفو الناطق باسم الحكومة أن الرئيس ماكرون سيعلن عن إجراءات مهمة" دون الكشف عن طبيعتها. وفضل الرئيس الفرنسي قبل ذلك عقد لقاء مع ممثلي مختلف النقابات العمالية ومسؤولين محليين في محاولة لاستقراء مطالبهم على خلفية مظاهرات السبت الماضي حيث التقى بقصر الإليزي 37 شخصية من بينهم الوزير الأول و12 من أعضاء حكومته وأعضاء الباترونا ومختلف النقابات الى جانب رئيس الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ. وكشف مصدر عن قصر الإليزي أن "الرئيس ماكرون أراد من خلال هذا اللقاء "جمع كل الفعاليات السياسية الوطنية والمحلية ومختلف القوى الاقتصادية والاجتماعية في هذه الظروف العصيبة من أجل سماع صوتها ومقترحاتها بغية تعبئتها للقيام بإجراء. وهو ما جعل حكومة إدوار فيليب تتعهد بمعالجة المخاوف الكبيرة من مخاطر ارتفاع كلفة الحياة بقناعة أن "الحوار بدأ ويجب أن يتواصل". ويتأكد من خلال هذا التحرك أن الرئيس الفرنسي يريد إقحام كل القوى السياسية في مواجهة هذا المأزق والقول أن المسالة تعني كل الفرنسيين ويتعين على الجميع المشاركة في إيجاد مخرج لها. ويعد هذا بمثابة تحول كبير في موقف الرئيس الفرنسي الذي أبدى في بداية الأزمة تشددا في مواقفه ولكنه بدا يلين شيئا فشيئا بعد أن تيقن أن شعبيته بدأت في التراجع في أوساط الرأي العام الفرنسي وهو ما أرغمه على عدم الظهور طيلة شهر كامل بعد أن طالب المتظاهرون برحيله. يذكر أن قرار الحكومة الفرنسية إلغاء قرار رفع الضرائب على الوقود وتجميد أسعار الكهرباء والغاز طيلة العام القادم فشلت في احتواء الغضب الشعبي الذي حملت شعاره هذه المرة الصدريات الصفر وأكدت مظاهرات السبت الماضي رفض هؤلاء لكل إجراءات التهدئة التي اتخذتها الحكومة الى حد الآن ومطالبتهم بأكثر من ذلك برفع الحد الأدنى للأجور. ووصف وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، أن احتجاجات الصدريات الصفر بأنه "كارثة" للاقتصاد الفرنسي، وأضاف "لابد أن نتوقع تباطؤا جديدا في النمو الاقتصادي في نهاية العام نتيجة احتجاجات الصدريات الصفر.