وقّعت وزارتا السياحة والمجاهدين أمس، اتفاقية من أجل تثمين صورة الجزائر السياحية والحفاظ على ذاكرة الأمة والتعريف بها داخل الوطن وخارجه، حيث أبرز وزير السياحة والصناعة التقليدية عبد القادر بن مسعود بالمناسبة، أهمية هذه المبادرة التي تحدد الإطار الأمثل للتنسيق والشراكة والتعامل بين القطاعين في إحياء تاريخ الثورة التحريرية الحافل بالبطولات، كاشفا من جانب آخر، توافد مليوني سائح أجنبي على الجزائر خلال سنة 2018. وتم التوقيع على هذه الاتفاقية الإطار الأولى من نوعها بين الوزارتين، والتي تهدف إلى الحفاظ على الذاكرة والتعريف بالإرث التاريخي للجزائر بالمتحف الوطني للمجاهد من قبل كل من الأمين العام لوزارة المجاهدين بومدين خالدي والأمينة العامة لوزارة السياحة نادية شنيتي تحت إشراف الوزيرين الطيب زيتوني وعبد القادر بن مسعود. وأعلن الوزيران بالمناسبة، عن تنصيب لجنة تقنية مشتركة برئاسة الأمينين العامين للوزارتين، تضم فاعلين وشركاء آخرين من قطاعات أخرى مهتمة بالسياحة الوطنية، أوكلت لها مهمة تحضير برنامج عمل واقعي، يعتمد على المعطيات والإمكانيات التي تتوفر عليها وزارة المجاهدين من متاحف ومقابر للشهداء ومعالم تاريخية وتذكارية، لاستغلالها في بعث السياحة التاريخية. في هذا السياق، كشف زيتوني عن استقطاب متاحف المجاهدين الموزعة على 43 ولاية عبر الوطن لأكثر من مليون و100 ألف زائر في 2018، منهم 600 ألف زائر للمتحف الوطني للمجاهد المتواجد بمقام الشهيد، معلنا في هذا السياق، أن الأطلس السياحي التاريخي الذي بادرت دائرته الوزارية بإنجازه، سيكون بمثابة دليل خاص، ومرجع قيّم، ومصدر مهم للمعلومات السياحية المتعلقة بالتاريخ. ودعا وزير المجاهدين كل وسائل الإعلام الوطنية لمرافقة الدولة في الترويج الوطني والإقليمي والدولي للسياحة بصفة عامة، والسياحة التاريخية بصفة خاصة، بالنظر إلى أهمية الرسالة الإعلامية في هذا المجال. من جانبه، وصف وزير السياحة الاتفاقية بأنها «تاريخية»، وتندرج، حسبه، في إطار برنامج حماية الذاكرة الوطنية وتثمينها وترسيخ قيم ومبادئ ثورة التحرير المجيدة، وفي إطار المخطط التوجيهي لتهيئة السياحة لآفاق 2030، الذي يُعتبر بدوره أداة لتطوير السياحة في الجزائر. وتهدف الاتفاقية، حسب السيد بن مسعود، إلى تحديد الإطار العام للتنسيق والشراكة والتعاون بين الوزارتين لإحياء التاريخ المجيد والعريق للجزائر، وتنفيذ مخطط عمل الحكومة، الهادف إلى غرس روح الاعتزاز الوطني لدى الأجيال الصاعدة، والتعريف بالإرث التاريخي الجزائري، وتثمين صورة الجزائر في الخارج بزيادة جاذبيتها وقدرتها التنافسية. وتتضمن الاتفاقية إقامة دورات وطرق سياحية موضوعاتية وطنية ومحلية وعقد ندوات وملتقيات مشتركة، وتعزيز تكوين المرشدين في مجال السياحة التاريخية، وخلق فضاءات جديدة بالمؤسسات المتحفية للمجاهد على المستوى الوطني، تُعرض فيها منتجات الصناعات التقليدية، وضمان مرافقة السياحة الفعاليات ذات الطابع التاريخي، ومعارض الذاكرة والمعالم والمواقع التاريخية ضمن المسارات السياحية. وبالمناسبة، كشف وزير السياحة والصناعة التقليدية عن ارتفاع عدد السياح الأجانب، الذين فضلوا الوجهة الجزائرية خلال العام الماضي، بنسبة 20 بالمائة مقارنة بعام 2017، معلنا عن زيارة مليوني سائح أجنبي للجزائر في 2018. تحديد هوية 31 جمجمة لشهداء المقاومة على صعيد آخر، كشف وزير المجاهدين الطيب زيتوني عن تحديد هوية 31 جمجمة من مجموع كبير من جماجم المقاومين الجزائريين المتواجدة بمتحف الإنسان بقلب العاصمة باريس، والتي تعمل السلطات الجزائرية بالتنسيق مع نظيرتها الفرنسية، على استرجاعها لدفنها في أرض الوطن. وذكّر الوزير بتنصيب لجنة تقنية مشتركة بين فرنساوالجزائر، تضم مختصين جزائريين علماء، سافروا مرتين إلى باريس، لتحديد هوية 31 جمجمة، مشيرا إلى أن هذه اللجنة ستجتمع خلال الأسابيع القليلة القادمة لمواصلة عملية تحديد الهوية. وجدد زيتوني التأكيد على أن هذه العملية ليست سهلة، وتسير ببطء بالنظر إلى تعقيداتها، كونها تمس حقبة استعمارية طويلة، «تتضمن مآسي كبيرة، أسقطت القناع عن الجرائم الفريدة من نوعها التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في حق الجزائريين والتي لا تسقط بالتقادم»، مشددا في هذا الإطار على أنه «لا رجوع ولا تخلي عن الملفات الأربعة التي تعيق العلاقات الثنائية بين الجزائروفرنسا، وهي ملف الأرشيف وتعويضات التفجيرات النووية في الجنوب والمفقودين، وقضية الجماجم وعملية استرجاعها». وخلص الوزير في هذا الصدد إلى أنه «إذا أراد الجانب الفرنسي علاقات طبيعية وعادية مع الجزائر والعمل على تطويرها مستقبلا، فيجب أولا أن تسوَّى هذه الملفات بالطرق الواضحة، واسترجاع كل ذي حق حقه»، قبل أن يختم بالقول: «ما ضاع حق وراءه طالب».