كشف وزير الموارد المائية، حسين نسيب، أمس; ل"المساء" عن تنافس مكاتب الدراسات الأجنبية على مشاريع عديدة في قطاعه، حيث أوضح بأن هذه المكاتب أصبحت تربط اتصالات مع مكاتب الدراسات الوطنية من أجل العمل معها في إطار المناولة، قائلا بأن المعادلة انقلبت في الفترة الأخيرة بعد أن كانت المشاريع تمنح في السابق للأجانب وتسعى المؤسسات الوطنية إلى كسب حصص فيها بالمناولة، فيما أضحت المكاتب الوطنية صاحبة القرار اليوم بعد أن وضعت الوزارة ثقتها في الخبرات المحلية لإعداد دراسة لأكبر مشروع لتحويل المياه من الجنوب إلى الهضاب العليا. وأكد الوزير ل"المساء" على هامش فعاليات اليوم البرلماني "مستقبل الموارد المائية في الجزائر"، بأن الخبرة الميدانية التي اكتسبتها مكاتب الدراسات المحلية خلال السنوات الفارطة بعد عملها عند مكاتب دراسات أجنبية، سمحت للكفاءات الوطنية اليوم بإعداد دراسات تخص مشاريع إستراتيجية كبرى، مشيرا إلى أن مكاتب الدراسات الأجنبية، التي كانت تنشط بالجزائر في السنوات الفارطة، كانت تشغل مهندسين جزائريين لإعداد الدراسات المطلوبة منهم، فيما يتم فوترة الأعمال المنجزة باسمها بالعملة الصعبة ويتم تحويل الأموال المحصلة إلى أرصدتها في الخارج، وشدد السيد نسيب على أن هذه الوضعية لم تعد قائمة اليوم، بعد أن تقرر بأمر من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، وضع الثقة الكاملة في المهندسين المحلين عبر إسناد كل الدراسات الخاصة بقطاع الموارد المائية لهم، بشرط أن يجمعوا طاقاتهم في مجمعات لمكاتب دراسات لتوحيد قدراتهم ومهاراتهم. وذكر الوزير بأن الماء في الجزائر، مصنف كمورد نادر وهش، كون الجزائر تقع في منطقة معرضة باستمرار للتقلبات المناخية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الدراسات التي قامت بها الوكالة الوطنية للموارد المائية تشير إلى أن الجزائر تعاني منذ سنة 1974 من انعكاسات التغيرات المناخية، المتمثلة خاصة في الجفاف، وهي المعطيات التي فرضت حسب السيد نسيب، إعداد سياسة وطنية لحشد أكبر حصة من مياه الأمطار، مع تنويع مصادر الإنتاج واستغلال كل الطاقات والتكنولوجيات الحديثة لبلوغ أكثر من 10 ملايير متر مكعب من المياه المنتجة سنويا. أما فيما يخص المخطط الوطني للمياه المعتمد من طرف الحكومة لآفاق 2030، فأوضح بأنه يحتوى علَى جملة من المشاريع وآليات للتقييم والتحيين الهادفة إلى ضمان وفرة المورد المائي تماشيا وارتفاع الطلب، على أن يتم تنفيذ المخطط على شكل خارطة طريق شاملة تضم كل البرامج الهيكلية التي خصصت لها الدولة غلافا ماليا بقيمة 55 مليار دولار، ما سمح اليوم برفع قدرات حشد الموارد المائية السطحية إِلى أَكثر من 8 مليار متر مكعب بعد إنجاز 80 سدا عبر التراب الوطني، فيما يتوقع أن يرتفع عدد السدود إلى 85 سدا مع آفاق 2021 للرفع في طاقات التخزين إلى 9 ملايير متر مكعب، بالإضافة إلى إنجاز 11 محطّة كبيرة لتحلية مياه البحر بقدرة انتاج 2 مليون متر مكعب يوميا، في انتظار استلام 4 محطات جديدة لتحلية مياه البحر بولايات بجاية، الجزائر، الطارف وسكيكدة. وأكد السيد نسيب بأن الجزائر مصنفة في مرتبة متقدمة في ترتيب الدول في مجال حصة الفرد الواحد من مياه الشرب، ب180 لترا للفرد يوميا، في حين يتم سنويا تخصيص ما قيمته 7 ملايير متر مكعب من المياه للقطاع الفلاحي و300 مليون متر مكعب للقطاع الصناعي، مشيرا في معرض حديثه عن المحاور الكبرى للمخطط الوطني للمياه إلى مواصلة تدعيم تعبئة موارد المياه التقليدية وغير التقليدية، مع التركيز على المناطق التي تسجل عجزا في وفرة المياه، وذلك باستغلال كافة الفرص المتاحة لتكثيف وتوسيع شبكة الربط والتحويل بين المركبات المائية الكبرى للوطن، بالإضافة إلى إِعادة تأهيل وتوسيع شبكات مياه الشرب والصرف الصحي والحماية من الفيضانات، وتوسيع شبكات السقي لدعم إستراتيجية الأمن الغذائي. وقد أخذ المخطط الوطني للمياه بعين الاعتبار توقعات ارتفاع مستوى النمو الديمغرافي مع آفاق 2030 إلى حدود 50 مليون نسمة، بالتخطيط لرفع الإنتاج إلى أكثر من 12 مليار متر مكعب، تكون موزعة على فئات المياه الصالحة للشرب بحصة 4 ملايير متر مكعب، تموين القطاع الصناعي ب600 مليون متر مكعب، وتزويد الفلاحة 8,3 مليار متر مكعب، مع توقع ارتفاع عدد السدود إلى 120 سدا وتسليم مشروع القرن لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، المتمثل في توسيع المساحات المسقية إلى 2 مليون هكتار قبل نهاية 2021. وردا على انشغالات المشاركين في اليوم البرلماني حول ارتفاع تسربات المياه، أكد السيد نسيب أن مصالحه قررت إطلاق ورشة وطنية هذه السنة تخصص لموضوع الحد من نسبة التسربات وسرقة المياه التي بلغت اليوم مستوى 35 بالمائة، وتحدد مجالات عصرنة القنوات ومد شبكات جديدة غير قابلة للصدأ والتآكل بطول 2000 كيلومتر سنويا، بما يسمح حسبه، بتخفيض نسبة التسربات إلى 18 بالمائة آفاق 2030.