عاد "الصدريات الصفر" الى شوارع كبريات المدن الفرنسية للأسبوع العاشر على التوالي، ضمن حلقات مسلسل احتجاجي تؤكد كل المؤشرات أن نهايته ليست ليوم غد رغم محاولة الرئيس ايمانويل ماكرون، احتواء غضب الفرنسيين عبر حوار مباشر شرع فيه منذ الثلاثاء الماضي، في محاولة لإيجاد مخرج من حالة الانسداد التي تعرفها بلاده والخروج بأرضية مطالب متفق عليها. وتظاهر آلاف الفرنسيين في قلب العاصمة باريس، ومختلف المدن الكبرى في محاولة لتأكيد عزمهم مواصلة احتجاجاتهم رافعين شعارهم الموحد "ماكرون ارحل" وشعار "الحوار الخديعة" في رفض معلن لمسعى الرئيس الفرنسي، بفتح حوار وطني حول مسائل القدرة الشرائية وسياسة الضرائب المنتهجة ورفع الأسعار واتهموه وكل الطبقة الفرنسية باستعمال هذا الحوار بنية المحافظة على مصالحهم الشخصية والمنافع التي يجنونها من خلال مناصبهم السياسية. وأشر تجدد المظاهرات الشعبية في قلب العاصمة باريس ومدن البلاد الأخرى، على أن الفشل سيكون المآل المحتوم لخطوة الرئيس ماكرون، الذي وجد نفسه عامين منذ توليه مقاليد السلطة في قصر الاليزيه شهر ماي 2017، أمام أعقد أزمة سياسية بخلفيات اجتماعية واقتصادية أصبحت تهدد بانهيار سلطته في حال تواصلت الاحتجاجات بنفس زخم مظاهرات الشهرين الماضيين. وقدرت مصادر متابعة لأطوار هذه الحراك الشعبي عدد المشاركين في مسيرات أمس، بأكثر من 80 ألف متظاهر ضمن إحصائيات قاربت عدد المحتجين الذين شاركوا في مسيرات الأسبوع الماضي، بما يؤكد أن قدرة متصدري حراك "الصدريات الصفر" على تجنيد المحتجين بقيت قائمة، وأكد عزمهم على مواصلة احتجاجاتهم التي لم يعد بمقدور السلطات المركزية في العاصمة باريس تلبيتها، بعد أن أصبحت تتغير من أسبوع الى آخر وتحولت من مجرد مطالب اجتماعية ذات صلة مباشرة بالقدرة الشرائية لشرائح المجتمع الفرنسي الهشة الى مطالب سياسية تطالب برأس الرئيس ايمانويل ماكرون وحكومته. وبقي هذا الأخير طيلة أمس، يتابع الأوضاع عن كثب وخاصة بعد حصول أجهزة الأمن الفرنسية على معلومات مؤكدة بوجود نداءات باتجاه المحتجين للدخول في مواجهات مباشرة مع تعزيزات قوات الأمن التي دأبت السلطات لفرنسية على نشرها كل أسبوع في العاصمة باريس، ومختلف مدن البلاد الأخرى لتفادي أية انزلاقات أمنية شبيهة بتلك التي شهدتها العاصمة باريس قبل ثلاثة أسابيع، وشكلت أكبر تحول في المسيرات الاحتجاجية، وإشارة إنذار قوية بأن المتظاهرين مستعدون للرد على قوات الأمن بنفس درجة العنف المستعمل ضدهم. وهو ما جعل كاتب الدولة بوزارة الداخلية لوران نيناز، يؤكد أمس، على تعزيز الإجراءات الامنية بنفس حجم تلك التي خصصتها مصالحه لمظاهرات الأسبوع الماضي، حيث تم تجنيد أكثر من 80 ألف دركي وشرطي بنفس عدد المتظاهرين الذين توقعت السلطات الفرنسية مشاركتهم في مسيرات أمس، وتفاديا لأي انزلاق قد يصعب التحكم فيه.وواصل الرئيس ماكرون، حملة شرحه لما سماه ب«الحوار الوطني الكبير" مع رؤساء بلديات مقاطعات الجنوب الغربي للبلاد الذين طالبوه بخطوات ملموسة إن كان يريد فعلا احتواء الوضع قبل تفاقمه، بقناعة أن "الكلمات وحدها لن تكون كافية لتهدئة غضب المتظاهرين".