يسود غموض تام المشهد السياسي في العاصمة الفنزويلية كاراكاس، في ظل اشتداد أزمة شرعية بين الرئيس نيكولاس مادورو، ورئيس البرلمان خوان غوايدو بلغت أمس، نقطة اللارجوع بعد إعلان هذا الأخير نفسه ومن جانب واحد رئيسا للبلاد، ورفض الرئيس مادورو و قيادة الجيش البوليفاري ل "انقلاب خطط له في الخارج". وبقيت القبضة في أوجها أمس، رغم أن الرئيس المنتخب نيكولا مادورو، اقترح عفوا عن رئيس البرلمان، ضمن خطوة لنزع فتيل أزمة داخلية أخذت أبعادا دولية بعد أن انقسمت القوى الكبرى بعضها مؤيد للرئيس مادورو، وأخرى مطالبة برحيله، وفتح الطريق أمام خوان غوايدو، ليكون رئيسا لدولة هي أكبر منتج للنفط في أمريكا اللاتينية. وبين هؤلاء خرجت قيادة الجيش الفنزويلي لتؤكد وقوفها إلى جانب الرئيس مادورو، رافضة الأمر الواقع الذي أرادت المعارضة الفنزويلية فرضه عليه وإرغامه على الرحيل، في نفس الوقت الذي جدد فيه الرئيس مادورو اتهامه للولايات المتحدةالأمريكية بمحاولة الإطاحة بنظامه من خلال انقلاب عسكري مدبر انطلاقا من واشنطن. وتواصلت لعبة الشد والجذب بين الرئيس الفنزويلي ورئيس الأغلبية البرلمانية المعارض، في وقت تشد كل فنزويلا أنفاسها منتظرة القرار الذي ينتظر أن يتخذه النائب العام طارق وليام صعب، بخصوص المذكرة التي تقدمت بها المحكمة العليا من أجل فتح تحقيق جنائي ضد رئيس البرلمان بتهمة محاولته الاستيلاء على سلطات رئيس البلاد المنتخب. ورغم هذه الإجراءات القانونية إلا أن رئيس البرلمان، الذي أعلن نفسه رئيسا للبلاد بالنيابة منذ مساء الأربعاء الماضي، أكد أنه غير مكترث بذلك، وقال انطلاقا من مكان سري بالعاصمة كاراكاس إنه بصدد التحضير لإجراءات سياسية هامة من بينها تشكيل حكومة انتقالية والدعوة إلى تنظيم انتخابات عامة جديدة في البلاد لوضع حد لنظام الرئيس اليساري نيكولاس مادورو. وفي انتظار ذلك فقد دعا خوان غوايدو، البالغ من العمر 35 عاما الفنزويليين إلى مواصلة المظاهرات المؤيدة له والتي خلّفت إلى حد الآن مقتل 26 شخصا خلال أربعة أيام واعتقال أكثر من 350 شخصا آخر. وهو تطور مأساوي جعل المحافظة السامية لحقوق الإنسان الأممية والرئيسة الشيلية السابقة ميشال باشلي، تلح على طرفي هذه الأزمة للشروع في مشاورات فورية من أجل نزع فتيل أزمة وصفتها ب"الملتهبة". وفي انتظار مخرج من تعقيدات هذه الأزمة فقد أكدت البرازيل الدولة القوية في أمريكا اللاتينية في ظل حكم الرئيس اليميني المتطرف، وقوفها إلى جانب رئيس البرلمان الفنزويلي الليبرالي في وقت وقفت المكسيك القوة الإقليمية الأخرى في هذه القارة إلى جانب الشرعية الدستورية وأكدت تأييدها للرئيس مادورو، تماما كما حصل بالنسبة لفيدرالية روسيا والصين اللتين وقفتا إلى جانب الرئيس مادورو، بينما ساندت الولاياتالمتحدة وكندا ومعظم الدول الأوروبية رئيس البرلمان ضمن موقف وصفه الرئيس الفنزويلي، بأنه انقلاب عسكري ضد سلطاته بتخطيط من الرئيس دونالد ترامب نفسه.