كشفت الوزيرة الأولى البريطانية، تريزا ماي أمس، أنها تعتزم العودة إلى طاولة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لمناقشة مرة أخرى قرار انسحاب بلادها من الاتحاد الأوروبي بدعم من الأغلبية البرلمانية البريطانية. وقال ناطق رسمي باسم المسؤولة البريطانية إن حكومتها تعتقد جازمة أنه من مصلحتها الخروج من الاتحاد باتفاق يحظى بدعم نواب البرلمان بما يستدعي إدخال بعض التغييرات على الاتفاق المبدئي الذي رفضه النواب البريطانيون وطالبوا بإعادة النظر في بعض مواده. والتقت ماي بأعضاء حكومتها صباح أمس، بالعاصمة لندن، حيث أكدت لهم على ضرورة إدخال تعديلات على الوضع القانوني للحدود الفاصلة بين إيرلندا الشمالية التابعة للتاج البريطاني وجمهورية إيرلندا، إرضاء لنواب غرفة مجلس العموم، والذي شكل عقبة على طريق انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. وعكست هذه التطورات درجة الضغوط التي أصبحت تواجهها المسؤولة البريطانية التي وجدت نفسها محاصرة بعامل الوقت، حيث يتعين التوصل إلى مخرج لهذا المأزق يوم 29 مارس القادم وأيضا بقرار الاتحاد الأوروبي الرافض لتلبية طلبها بإعادة فتح المفاوضات وثالثا مخاوفها القوية من تبعات إعلانها الخروج من المنتظم الأوروبي بدون اتفاق بالنظر إلى انعكاساته الكارثية على اقتصاد بلادها الذي يرشحه اقتصاديون لأن يعرف أعقد أزمة في تاريخه. وقالت صابين وياند نائب كبير المفاوضين في الاتحاد الأوروبي ميشال بارنيي إن الاتحاد لا يريد البقاء في دائرة حلقة مفاوضات مفرغة، مؤكدة بأن المفاوضات انتهت ولن يتم إعادة فتح ملف اتفاق الخروج المعروف اختصارا باسم «بريكسيت». وهو رفض أكدته الرئاسة الفرنسية التي أشارت من جهتها أمس، إلى أن اتفاق خروج بريطانيا غير قابل لإعادة التفاوض وأن الاتحاد الأوروبي كان واضحا في هذا الخصوص ويتعين الانتقال إلى شيء آخر. كما أن تريزا ماي مطالبة الآن بالعودة إلى تحت قبة مجلس العموم البريطاني في محاولة ثانية لإقناع نواب الهيئة التشريعية بإجراء تصويت ثان لإنقاذ الاتفاق من الانهيار بعد أن كانوا عارضوه في جلسة تصويت يوم 15 جانفي الجاري وشكل ذلك أكبر صدمة للوزيرة الأولى البريطانية التي وجدت نفسها أمام جدار صد قوي استحال عليها القفز عليه وراحت تقدم التنازلات المتلاحقة وجعل عملية الخروج أقرب إلى خيار الانسحاب دون اتفاق مع كل المخاطر المترتبة عن ذلك. ورغم هامش المناورة الذي ما انفك يزداد ضيقا على تريزا ماي إلا أنها أكدت إصرارها على ترسيم الانسحاب من عضوية الاتحاد في 29 مارس القادم سواء تم التوصل إلى اتفاق مع بروكسل أو استحال عليها ذلك.