أكد المشاركون في الملتقى الوطني الأول حول «الاستراتيجية العسكرية للأمير عبد القادر المنتظم أمس، بجامعة مستغانم، أهمية تعميق البحث العلمي التاريخي والأثري في المجال العسكري والحربي للمقاومة الشعبية للأمير عبد القادر (1833-1847). في هذا الإطار أبرز الدكتور محمد بليل، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة ابن خلدون بتيارت، أن دراسة التاريخ العسكري للأمير عبد القادر تظهر «قوة وعبقرية هذا القائد في مواجهة مختلف الخطط العسكرية للاحتلال الفرنسي وخصوصا سياسة الأرض المحروقة التي انتهجها «بيجو» بين 1841 و1847»، مشيرا في سياق متصل إلى أن الأمير عبد القادر اعتمد على العمق الجزائري لإعادة بناء الدولة وتنظيم الجيش والقضاء وعلى التوازنات الدولية في ذلك الوقت»، ما أجبر حسبه الفرنسيين على الاعتراف بسلطته على ثلثي التراب الوطني في معاهدة التافنة سنة 1837. من جهته دعا أستاذ التاريخ بجامعة عبد الحميد بن باديس بمستغانم، سمير بكاي، إلى «إعادة كتابة التاريخ العسكري للأمير عبد القادر، بالاعتماد على الآثار الباقية لاسيما منها الحصون والقلاع والانتقال إلى الحفريات، للإجابة على العديد من التساؤلات المتعلقة بهذه الفترة التاريخية». وأوضح المتحدث في ذات الصدد أن «الحفريات بموقع «تازا» بولاية تيسمسيلت، والتي استمرت لمدة 10 سنوات كذّبت عدة روايات تاريخية ودراسات كولونيالية، خاصة بعد العثور على العملة الفضية للأمير عبد القادر، والتعرّف على طرق بناء هذه القلاع والحصون». واعتبر أستاذ التاريخ بجامعة مصطفى سطمبولي بمعسكر، مختار بونقاب، بدوره أن البيئة البدوية والدينية التي نشأ فيها الأمير عبد القادر (1808-1883) ساهمت في التكوين العسكري لهذا القائد «الذي واجه بعصاميته الفذة القادة العسكريين المتخرجين من المدارس الحربية الفرنسية». وذكر الأستاذ بونقاب، أن «الدراسات العميقة لمعارك الأمير عبد القادر، تقودنا لاكتشاف قائد عسكري اعتمد على الحرب الخفيفة والحركة السريعة لمباغتة العدو وعلى معرفة جيدة بالجغرافية وقيادة المعارك، بعد تمكنه من تأليف جيش من الجنود النظاميين والمتطوعين وتسليحه وتجهيزه لمواجهة جنود محترفين». للإشارة فقد شارك في هذا الملتقى الوطني الذي نظمه قسم العلوم الإنسانية بجامعة مستغانم، بالتنسيق مع المتحف الولائي للمجاهد، أزيد من 20 أستاذا باحثا من جامعات مستغانم ووهران والجزائر ومعسكر وتلمسان والشلف وتيارت وغليزان وتيسمسيلت. كما تم بمناسبة هذا اللقاء العلمي الذي يتزامن مع الذكرى ال168 لمبايعة الأمير عبد القادر الثانية في 4 فيفري 1833، تنظيم معرض للكتب التاريخية والمقتنيات الأثرية والمتحفية الخاصة بهذه الحقبة الزمنية.