بقي أمير دولة قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني متمسكا بمسعاه لعقد قمة عربية طارئة لبحث الأوضاع في قطاع غزة ورفع الحيف المسلط على أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني الذين يذبحون منذ أحد عشر يوما من طرف آلة عسكرية إسرائيلية جهنمية وعلى مرأى كل العالم. وجاءت دعوة أمير دولة قطر أياما بعد فشل دعوته الأولى لعقد هذه القمة في نفس يوم اندلاع العدوان الإسرائيلي على السكان الفلسطينيين في قطاع غزة يوم 27 ديسمبر الأخير. وبدا واضحا من خلال الخطاب الذي وجهه أمير قطر إلى شعبه أن أطرافا عربية لم يحددها بالإسم لعبت دورا مباشرا في إفشال المسعى وفضلت بدلا عن ذلك تحركا دبلوماسيا عربيا على مستوى مجلس الأمن لاستصدار لائحة أممية لوقف العدوان وهو الرهان الذي مني بفشل ذريع مرتين. وكانت الاتهامات واضحة للبلد العربي الذي فضل لعب الورقة الأممية ولكنها ورقة أكدت عدم فعاليتها عندما فشل مجلس الأمن مرتين في تبني لائحة في هذا الاتجاه بعد أن وقفت الولاياتالمتحدة عقبة في وجه المسعى العربي. وقد حدد أمير دولة قطر جدول أعمال القمة في نقطتين يتم من خلالها رفع الحصار وفتح المعابر وعدم الدعوة إلى نزع سلاح المقاومة وعدم المساواة بين الضحية والمعتدي ووصف ذلك بالخيانة. وقد رحبت قيادات حركة حماس بهذه الدعوة ووصفتها بالجريئة التي تعكس مطالب الحركة. ولكن هل بإمكان المساعي العربية أن تنتهي إلى نتيجة ملموسة بعد أن وصلت الأوضاع نقطة اللارجوع في ظل مواصلة قوات الاحتلال غاراتها الجوية وهجومها البري على المدنيين في قطاع غزة. ويكون الموقف العربي المنقسم إزاء ما يجري في غزة هو سبب تكرس الشرخ العربي وصراع المقاربات بين دوله. وحذر أمير دولة قطر إسرائيل من مواصلة مغامرتها وأكد أن المذبحة المقترفة ضد المدنيين في غزة والعنجهية العسكرية سوف لن تأتي بأي نتيجة لأمن إسرائيل وستكون لها نتائج كارثية على كل المنطقة. وفي أول رد فعل على المسعى القطري أكد العاهل السعودي الملك عبد الله أن الرياض تؤيد كل مسعى لتوحيد الصف العربي من أجل وقف العدوان الإسرائيلي ضد السكان الفلسطينيين في قطاع غزة. وفي إطار نفس المساعي وصل وفد عن حركة المقاومة الإسلامية حماس أمس إلى العاصمة المصرية من أجل بحث سبل وقف العدوان وفتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية الدولية الموجهة لسكان القطاع المحاصرين والمدمرة منازلهم وبناهم التحتية. وقال أسامة حمدان رئيس مكتب حماس في العاصمة اللبنانية أن الحركة تلقت دعوة في هذا الاتجاه من طرف السلطات المصرية لبحث المسائل العالقة ومنها على وجه خاص مسألة إعادة فتح معبر رفح والسماح للمساعدات الإنسانية بالمرور إلى داخل قطاع غزة لإنقاذ المصابين جراء العدوان وعامة السكان من مجاعة حقيقية. وقال حمدان أن حركته تريد وقفا فوريا للاعتداءات ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة وكذا الاستماع لطبيعة المقترحات المصرية. وكانت العلاقة تدهورت بشكل كبير بين حماس والقاهرة بعد أن تمسكت هذه الأخيرة بموقفها الرافض لإعادة فتح معبر رفح المنفذ الوحيد بين قطاع غزة ومصر. وقال الرئيس المصري حسني مبارك مدافعا عن موقفه انه لن يعيد فتحه إلا إذا عادت السلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح إلى قطاع غزة. وطالب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أمس قيادة حركة حماس الى تحقيق الوحدة الوطنية مع السلطة الفلسطينية "لأنها الوسيلة الوحيدة لتعزيز المقاومة ضد العدوان الإسرائيلي. وأكد الرئيس اليمني في اتصال هاتفي مع رئيس مكتب حركة المقاومة الإسلامية خالد مشعل في سوريا أن مقاومة الشعب الفلسطيني تكمن في وحدته" وبقناعة أن إسرائيل استغلت الفرقة الفلسطينية لتنفيذ عدوانها. ومن جهته طالب الرئيس السوري بشار الأسد إلى وحدة الشعوب العربية والإسلامية من اجل نصرة سكان قطاع غزة لرفع الحيف الإسرائيلي المسلط عليهم منذ أحد عشر يوما. وأدلى الرئيس السوري بهذا التصريح لوفد الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الذي يقوده العلامة الشيخ يوسف القرضاوي الذي يقوم بتحركات في عدد من العواصم العربية والإسلامية من أجل توحيد صف المسلمين لنجدة ونصرة الغزاويين. وأيدت لبنان على لسان وزير خارجيتها المسعى القطري وأكدت أن عقد قمة عربية "أصبحت ضرورة وخاصة إذا ما استمر مجلس الأمن الدولي في تأجيل النظر بالعدوان" الحاصل على القطاع منذ عشرة أيام. وأكد وزير الخارجية اللبناني الذي يشارك في جلسات مجلس الأمن الدولي في شأن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مع الوفد الوزاري العربي الذي شكله اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير في القاهرة أنه "لا مبرر لتقاعس مجلس الأمن عن المجازر الوحشية التي تقوم بها إسرائيل".