* email * facebook * twitter * google+ تعيش بعض الأحزاب السياسية الفاعلة منذ بداية الحراك الشعبي بتاريخ 22 فيفري المنصرم، حركات تصحيحية وتصدعات حادة، أدت إلى انقسامها إلى فئتين، فئة ثابتة مع قيادتها وفئة أخرى تسعى للإطاحة بالقيادة.. والغريب في الأمر أن الفئتين تتقاسمان نفس النظرة والموقف من الحراك الشعبي، مما يفسر رغبة «التصحيحيين»، في إعادة التموقع والوصول إلى المناصب، مغتنمة بذلك الضغط الذي يواجهه قادة الأحزاب من الشعب بالنسبة لأحزاب الموالاة، فيما وجد الأفافاس في الحراك فرصة لتحقيق ما عجز عنه في المؤتمر الاستثنائي الأخير. ويتصدر حزب جبهة التحرير الوطني، قائمة الأحزاب التي برزت فيها الحركة التصحيحية، متخذة من الحراك فرصة لقلب الطاولة على معاذ بوشارب، منسق هيئة التسيير، المعين من قبل رئيس الجمهورية المستقيل. وكان أول من دشن حملة الإطاحة ببوشارب، الأطراف الذين تم إقصاؤهم في المشاورات التي فتحها، في إطار المهمة التي كلف بها من قبل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وبعض الناقمين عليه من أتباع الأمين العام الأسبق للأفلان، عمار سعداني، وهم الذين لم يستدعوا للقاء المشاورات. وعلى هذا الأساس، كان عضو المكتب السياسي السابق أحمد بومهدي، أول الثائرين ضد معاذ بوشارب، حيث أشهر في وجهه ورقة «اللاشرعية» في قيادة الحزب بحكم «عدم امتلاكه للصفة القانونية، المتمثلة في العضوية باللجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر العاشر للحزب»، لتتوسع حملة بومهدي وأنصاره وتستقطب أطرافا أخرى مع استمرار الحراك الشعبي، الذي برزت معه الخصومات بين فرقاء الأفلان، حيث دخل الصراع أروقة المحاكم بإيداع مجموعة المعارضين شكوى رسمية لدى مجلس الدولة، تهدف إلى الإطاحة ببوشارب واسترجاع الحزب منه ومن جميع من يوجدون في ما يعرف بهيئة التنسيق الفاقدين للعضوية في اللجنة المركزية. وتسارعت الأحداث داخل الحزب العتيد، حيث تقرر عقد لقاء شامل حددت فيه خريطة الطريق لعقد دورة طارئة للجنة المركزية ينتخب فيها أمين عام جديد للحزب، لتولي القيادة في المرحلة القادمة، وتم تحديد تاريخ عقد الاجتماع بيومي 18 و19 أفريل الجاري، إلا أن هذا الموعد أصبح غير مؤكد، بعد أن أشارت مصادر إلى إمكانية إلغاء الاجتماع تماشيا مع استمرار الحراك الشعبي وعدم اتضاح الرؤية. وتزامنت هذه الأحداث مع حملة من الخارج ضد القيادة الحالية للأفلان، قادها رجل المهام الصعبة، عمار سعداني، الذي أقر من جانبه، بعدم شرعية القيادة الحالية للحزب، كاشفا عن حقائق أخرى أظهرت معارضته للعهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، حيث برر قبولها حينها بكونه كان تحت طائلة المخاوف من وصول الربيع العربي للجزائر، لأن الرئيس بوتفليقة كانت له علاقات طيبة ببلدان الخليج «حسب الحوار الذي أدلى به لموقع كل شيء عن الجزائر». من جانبه، يواجه حزب التجمع الوطني الديمقراطي، سيناريو التصحيحية، من خلال الحملة التي يقودها بلقاسم ملاح، وبعض القيادات السابقة، فيما بات يعرف ب»التنسيقية الداعية لعقد المؤتمر الاستثنائي للأرندي». وحتى إن كان بلقاسم ملاح قد انشق عن أويحيى منذ نهاية المؤتمر الخامس للأرندي، غير أن الحراك الشعبي أعاد فتح شهيته للإطاحة بأويحيى والخروج للمعارضة العلنية والشروع في تحركات في إطار حركة تصحيحية جديدة مؤطرة، وهو ما يكون قد غذى أطماع الرجل الثاني في الأرندي، صديق شهاب الذي خرج هو الآخر عن طاعة الأمين العام، ليركب هو الآخر موجة «الحركة التصحيحية» ويبدى طموحه الصريح في تولى القيادة والانقلاب على الخط السياسي للحزب، مستغلا بذلك الحراك الشعبي، غير مكترث بالانتقادات التي يواجهها كونه من الوجوه المغضوب عليها هو الآخر. غير أن أحمد أويحيى تصدى لهذه لمحاولات التصحيحية، من خلال جمع المنسقين الولائيين ل48 ولاية وافتكاك ورقة التزكية الجماعية منهم، في لقاء عقده بالعاصمة. ومع ذلك لايزال المطالبين برأسه يتحركون من أجل تحقيق ما يصبون إليه. أقدم حزب سياسي في المعارضة، ممثلا في جبهة القوى الاشتراكية، يعيش هو الآخر حركة تصحيحية منذ الأسبوع الأول للحراك الشعبي، بسبب خلافات في وجهات النظر حول الحراك وحول خريطة الطريق للمرحلة القادمة، غير أن المتتبعين يعتبرون المشكل الأساسي الفعلي في صراعات أبناء الأفافاس يكمن في الوصول للقيادة وفقط. ووجد معارضو عضو الهيئة الرئاسية علي العسكري، وأغلبية القياديين الذين أسقطهم المؤتمر الاستثنائي المنعقد بزرالدة الربيع الماضي، فرصة في الحراك الشعبي للمطالبة بالإطاحة بعضو الهيئة الرئاسية المذكور ومعه السكرتير الأول السابق للحزب محمد حاج جيلاني، في احتجاجات شهدها مقر الحزب، أطّرته وجوه مما يعرف ب»الديوان الأسود». وهي الحركة الاحتجاجية التي جعلت عضو الهيئة الرئاسية للحزب، يتخلى عن منصبه ليتم استخلافه بعضو آخر هو حكيم بلحسل. لكن هذه التغيرات لم ترض المعارضين الذين واصلوا حركتهم الاحتجاجية، وأشركوا في احتجاجهم أرملة الزعيم الراحل للحزب حسين أيت أحمد وأقاربه، للمطالبة بمزيد من التضحيات.. وفي ردة فعله على معارضيه، لم يتردد علي العسكري الذي تفطن لمن يؤطر الحراك داخل الأفافاس إلى اتباع خطة يقطع الطريق على معارضيه من النواب وسيناتورات، من خلال تقديمه استقالته من البرلمان ليضع النواب والسيناتورات في مواجهة مباشرة مع الشعب وأمام سياسة الأمر الواقع. ما جعل نيران معارضيه تخمد نوعا ما، خاصة بعدما حدد تاريخ عقد الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني بتاريخ 13 أفريل الجاري لمناقشة الأوضاع السياسية في الحزب. ومن المؤكد أن الصراعات ستظل قائمة داخل التشكيلات الثلاث، في انتظار ما ستسفر عنه النتائج النهائية للحراك الذي أدار ظهره للأحزاب السياسية ولاسيما منها تلك المحسوبة على المولاة، كونها تمثل جزءا من المشكل بحكم مسؤوليتها في التسيير، مما يدفع المعارضين إلى التحضير للمرحلة الجديدة التي ستكون فيها الأحزاب مطالبة بالتجدد وتغيير واجهاتها لمواكبة المرحلة.